ليست هذه المرّة الأولى التي تعض فيها "حماس" يد العون والمساعدة التي امتدّت لها، بل هذا ثابتٌ في سجل سيرتها وسيرورتها التي دأبت عليها، لا خجل ولا ورع ولا وازع ديني أو أخلاقي يردعها أو يثنيها عن الفعل القبيح.

فهي –"حماس"- سبق وأن طعنت سوريا في الخلف، عندما خرجت طواعية قبل سنوات من دمشق الفيحاء في ليلة لا ضوء قمر فيها، وأدارت الظهر للشعب السوري الشقيق الذي استضافها وفتح لها ذراعيه بكل دفء المشاعر وأخلاقيات الشقيق، لتقابل كلّ ذلك بمنتهى الجحود والنكران، تاركة دمشق تغرق في محنتها، وهي دمشق التي قاسمتهم اللقمة ليجازوها بالنقمة.

وإن كنّا وغيرنا نعرف أنَّ هذا ليس بالفعل الغريب عن أدبيات الحركة الإخوانية، التي اعتادت الارتماء في حضن لتغادره إلى آخر، ضاربةً عرض الحائط بكل المعايير والقِيَم الأخلاقية، في سعيها نحو تكريس الإمارة المسخ، ولجمع الأخضر الماكر -الدولار- الذي يزغلل أعين قيادييها، ويداعب رغائبيتهم، إلّا أنّ غيها بلغ أبعد مدى في وحل التآمر ومستنقع السقوط.

"حماس" التي يتنعَّم رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية الآن في أفخم الفنادق بالعاصمة المصرية، ليمارس من هناك مقاومته الناعمة من على وسائد محشوة بريش النعام، لم تبدِ خجلاً ولا استحياء، وهي تطعن مصر في الظهر، زاجةً بالمسجد الأقصى المبارك في معمعانٍ نحنُ الفلسطينيين في غنى عنه، حاشرة أنفها في مسألة هي شأن مصري خالص لا ناقة لنا فيها ولا بعير.

وإلّا فما معنى أن تذهب "حماس" إلى باب الرحمة، هذا الباب الذي تحرَّر على أيدي أبناء شعبنا الشرفاء، وأبناء حركة "فتح" العظيمة، هو الباب الذي يفتح سماء فلسطين لتطلَّ على جنة الله، وتحاول "حماس" تدنيسه بوساخاتها في إطار حملتها المسعورة على القيادة الفلسطينية الشرعية، وربّان سفينتها الرئيس أبو مازن، والتحريض على مصر ونظامها السياسي وقطاع القضاء فيها.

كيف ترضى "حماس" بأن تأكل من الطبق المصري حدَّ التخمة، وتبصق فيه بكلِّ ما أُوتيَت من صلف ووقاحة؟ وكيف لها أن تُداري سوأتها عن عيون عوائل الشهداء من أبناء الجيش المصري البطل الذين قضوا على يد الإرهاب في مجازر يندى لها جبين الإنسانية.

لكنَّها أخلاق ربيبة الإخوان المسلمين، الذي احترفوا تزوير وقلب الحقائق، والاصطفاف إلى جانب الشيطان، واللعب مع أميركا وربيبتها (إسرائيل)، لتحقيق أهداف ذاتية مضادة للمشروع الوطني الفلسطيني، الذي عُمِّد بدماء الشهداء من أبناء شعبنا على مدار القضية الفلسطينية. كلوا لا هنيئًا ولا مريئًا، وسيأتي يوم لن تجدوا فيه طبقًا تأكلون منه.