قد يكون مفيدًا تصويرها بكل تفاصيلها بعين الباحث العلمي، واستنطاق مبتكريها قبل تدميرها أو أخذها كأدلة على الجريمة، لعلَّنا نحوّل الإبداعات في عالم زراعة (الجريمة) إلى ابتكارات في عالم (زراعة الفضيلة).

نتحدّث عن عقل إجرامي أبدع مستنبتات القنب الهندي (المخدّر) المعروف لدى العامة بالحشيش، هي أقرب للمختبرات المعقدة من البيوت المكيفة المعروفة لدى المزارعين العاديين، وحتى المتقدمين في هذا المجال.

لا بدَّ من تقدير يقظة قادة وضباط وكوادر الشرطة وأجهزة الأمن الفلسطينية المختصة، وإبداء الاحترام لكل فرد يوفي القسم حقه في حماية الوطن والمجتمع، ومباركة العيون الساهرة على أمن شبابنا من الجنسين، ومنع توغل المخدرات إلى شرايينهم وأدمغتهم، فهذا (سلاح العدو) رقم واحد، هو أخطر من الأسلحة القاتلة، فالمخدّرات تسلب روحه وعقل الإنسان وتحوّله إلى كائن ميت داخليًّا حتى وإن بدا لناظره حيًّا.

تكاد أخبار عمليات الشرطة الفلسطينية لضبط مستنبتات (شتلات الحشيش) ومكافحة المخدرات تطغى على أخبار جرائم المحتلين والمستوطنين وعمليات الإعدام في الشوارع لمجرد الشبهة، وكذلك هدم بيوت المواطنين الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم، حتى أنَّ الشكوك تدفعنا إلى اعتبار سرعة انتشار (الطابور السادس) أي المخدرات وبهذه السعة حملة إسرائيلية منظمة لاختراق المجتمع الفلسطيني وسلبه قيمه وأخلاقيّاته، ودفعه نحو الهلوسة، والشعور بتوقف الزمن مرورًا بعملية إفراغه من الحس المادي الحقيقي والواقعي، ونهش جسده وتحديدًا مركزه العصبي بالأمراض وصولاً إلى لحظة الانقضاض عليه لتحطيم أركانه.

تحتوي أوراق نبات القنب الذي يصنع منه الحشيش موادًا كيميائية تسبّب الهلوسة ويبقى متعاطيه تحت تأثيرها من خمسة ساعات إلى نصف يوم كامل، وهذا قد يبدو أدنى درجات الأضرار قياسًا بسرطان الرئة والتهاب القصبات الهوائية، والسل، وضعف جهاز المناعة ما يعني سهولة (استيطان) الجراثيم والفيروسات لجسم المتعاطي، ولنا تصور شكل التشويه الذي سيصيب الأجنة، واختلال الدورة الدموية جراء تعاطي السيدة الحامل للحشيش.

أحزان ونوبات غضب تنتاب مدمن الحشيش، ناهيك عن جنون العظمة، وإضعاف الرغبات الجنسية والقدرة على التناسل، والسبب كما يقول الخبراء أن مدخن الحشيش يفقد الإحساس بالزمن ما يدفعه لإطالة "المعاشرة"، وعندما يشعر بالضعف يتناول كميات أكبر ما يؤدي إخماد قدرته أو قدرتها على الإحساس، وتصبح العلاقة بلا روح وهذا بالتأكيد سيجلب المشاكل النفسية والاجتماعية وتدهور الحياة الزوجية، فتصاب العائلة في مقتل.

تحدق بالمجتمع الفلسطيني مخاطر من كل الاتجاهات، فعلاوة على سموم المواد الغذائية المنتهية الصلاحية والمهربة من المستوطنات ومصانع ومزارع المحتلين، ترى مجرمين يزرعون (الموت لشبابنا) ورجالنا ونسائنا، يستنبتون رغبة المحتلين المستعمرين والمجرمين في باحات بيوتهم وعلى اسطح منازلهم ويسقونها بأيديهم، وكأنّهم لا يعلمون أنَّهم بفعلتهم هذه يرتكبون جريمة الخيانة العظمى مزدوجة، فهم يعلّمون أن سمومهم قاتلة ولو ببطء، ويعلمون انهم خلايا موت سرية يستميت الاحتلال في حمايتهم وتوفير ظروف وفرص استنبات رصاصهم العشبي الشعبي السام المسمَّى (الحشيش).. فالفلسطيني الذي لا يمكن للمحتلين والمستعمرين قتله برصاص بنادقهم وقذائفهم وغيرها، يمكن لزراع الموت المجرمين تقديم هذه الخدمة الأعظم (برصاص المخدرات).

لن يردع هؤلاء إلّا تشريع عقوبات في القانون لا تقل عن الحكم بالأشغال الشاقة المؤبّدة، ولن يردع هؤلاء إلّا الوعي الأمني والصحي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي تحت عنوان (الوعي الوطني) فأرض فلسطين المقدّسة ما كانت إلّا لزراعة المباركات والخيرات فيها، وكلّ فلسطيني مسؤول عن طهارة أرضه وحمايتها من مستوطنات الحشيش، وكل بيت يستنبت فيه الحشيش يجب اعتباره كمستوطنة حتى إشعار آخر.