تقرير: سهاد أبو كميل

مساعٍ جدية تقوم بها القيادة الفلسطينية منذ سنوات لإتمام المصالحة؛ لإنقاذ أبناء شعبنا في قطاع غزة من ويلات الحصار الإسرائيلي وتدهور الأوضاع الإنسانية منذ انقلاب عام 2007، بالمقابل تسعى "حماس" إلى قلب الطاولة لمصالحها الحزبية الضيقة، لوأد أي استحقاق سياسي لصالح شعبنا.

تلك التفاهمات التي تُجرى بلورتها بين حماس وإسرائيل للتوصل إلى "تهدئة" مقابل رزمة من المساعدات الإنسانية، هي تمرير لـ"صفقة القرن" التي يرفضها الكل الفلسطيني في الداخل والشتات، بل وتسعى جاهدة إلى استباق الزمن لإتمام ذلك، دون الاكتراث إلى ما وصلت إليه القضية الفلسطينية من منعطفات خطيرة الآن قبل أي وقت مضى".

المحلل السياسي إبراهيم براش قال "إن هذه التفاهمات عنوانها إنساني، بيد أنها تأخذ أبعادا سياسية خطيرة، فقطاع غزة جزء من أراضي الدولة الفلسطينية، ويفترض أن كل ما يتعلق به يجب أن يأتي من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية، وعبر حكومة الوفاق الوطني".

وحذر براش من خطورة ما تبرمه حماس مع إسرائيل أو أي أطراف دولية في هذه القضايا، لأن هذا معناه أنها كيان قائم بذاته، وأن المرجعية هي "السلطة القائمة" بغزة، وهذه ستبنى عليه نتائج سياسية، وبالتالي سيصبح لدينا طرفان "عنوانان"، في غزة: حماس، وفي الضفة: الرئيس وحكومة الوفاق الوطني، ما يؤكد مساعيها لتكريس الانقسام.

ونوه إلى أن كل ما يتعلق بالتهدئة هو جزء من قانون الحرب والسلم، وهذا يفترض أن يكون في إطار المرجعية الفلسطينية العليا، خصوصا أن حماس في تفاهمات سياسية سابقة قالت "إن كل ما يتعلق بالحرب والسلم هو شأن وطني عام، لا يجوز أن يتفرد به طرف محدد"، وبالتالي ما يجري الآن هو توظيف الوضع الانساني في غزة لتبرير "صفقة القرن"، وتجاوز المرجعية الفلسطينية الممثلة بالرئيس محمود عباس، ومنظمة التحرير، وحكومة الوفاق الوطني.

المحلل السياسي جهاد حرب يرى أن هذه التفاهمات التي تتحدث عنها "حماس" هي التي تطيل من عمر الانقسام، ويمنحها مزيدا من التشدد في أي حوار وطني، على اعتبار أن أي ضغط عليها سيتم تخفيف وطأته، وإن كان مؤقتا، لفترة زمنية.

وأشار إلى أن "هذه التفاهمات تعتبر تكريسا للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرارا له، وإبقاء يد الاحتلال هي الطولى في المستقبل، وذلك في إطار التعامل على المستوى الثنائي، وكذلك تخفيف الضغط الدولي على القطاع".

وأضاف: ما تفعله "حماس" الآن "انتحار سياسي"، لأنها تقوم بتخوين وتكفير أي تنظيم أو فصيل، مقابل إباحة ما تفعله هي، ويدخل ذلك في إطار الصراع السياسي، فالسلطة الوطنية كانت وما زالت تبحث عن مشروع سياسي، فيما تسعى هي إلى التوصل للتهدئة؛ لغرض إنساني بحت.

وأكد المحلل حرب أن ما تسعى إليه "حماس" في ظل هذه التفاهمات هو تكريس أيضا لسيطرتها على قطاع غزة، والتوجه إلى الانقسام عن الضفة الغربية، وانهاء المشروع الوطني الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس، على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

المحلل السياسي خضر محجز يرى هو الآخر أن هذه التفاهمات في حال تم تطبيقها كما هو معلن تعني انهاء برامج المقاومة، مقابل الحديث عن (حكومة لاجئي قطاع غزة)، وهي مجموعة من المساعدات التي تطعم حماس وعناصرها على حساب أبناء شعبنا الفلسطيني.

وأكد أن حماس لا تسعى نحو فلسطين ولا من أجل فلسطين، وبهذه المواصفات المطروحة فهي تعيد العجلة إلى الوراء أي ما بعد النكبة عام 1948، وقتها لم تكن ثورة فلسطينية بل مجموعة من اللاجئين.

وأوضح أن سلسلة الإجراءات المتبادلة بينها وبين الاحتلال يكشف حقيقتها، وخفايا ما تسعى إلى تحقيقه، فهي تريد أن تكون في الحكومة وتتلقى مساعدات وتؤسس قاعدة للإخوان المسلمين في قطاع غزة تحت الاحتلال.

وتابع: مجمل ما سبق يدل على أنها تسعى إلى إيجاد مكان لها تحت الشمس، ويعيشون حتى لو تحت المساعدات، ويكشف وجه التحالف الحقيقي ما بين الإخوان المسلمين والقوى الاستعمارية في العالم.

بدورها، أعربت المساعد في الجامعة العربية الأمريكية دلال عريقات عن أسفها مما يجرى من تفاهمات بين الطرفين، بقولها: فلسطين تخسر كثيرا اذا تم التركيز فقط على المسار الانساني، دون الأخذ بعين الاعتبار المسار السياسي، فالأحرى العمل على هذين المستويين معا، لخدمة القضية الفلسطينية، والمشروع الوطني.