- حذر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل إنهاء الاحتلال

- نتطلع لاستمرار الدعم والمساعدة من الدول الشقيقة

- حان الوقت لحشد الإرادة العربية والدولية لتمكين شعبنا من نيل حريته

نواكشوط 25-7-2016
طلب رئيس دولة فلسطين محمود عباس، من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، المساعدة في إعداد ملف قانوني لرفع قضية ضد الحكومة البريطانية لإصدارها وعد بلفور، وتنفيذه كسلطة انتداب بعد ذلك، الأمر الذي تسبب في نكبة شعبنا وتشريده، وحرمانه من العيش في وطنه، وإقامة دولته المستقلة.

وقال سيادته في كلمته أمام مؤتمر القمة العربية الـ27، المنعقد في موريتانيا، وألقاها بالنيابة عنه وزير الخارجية رياض المالكي، اليوم الإثنين، "نعمل من أجل فتح ملفات الجرائم الإسرائيلية، التي ارتكبت بحق شعبنا منذ نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين، ومروراً بالمجازر التي نفذتها عام 1948 وما بعدها".

وجدد الرئيس ترحيبه بالمبادرة الفرنسية وبالاجتماع الوزاري التشاوري الذي انبثق عنها، داعيا الدول العربية إلى دعم هذه المبادرة بهدف عقد المؤتمر الدولي للسلام، على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وكذلك المبادرة العربية للسلام كما صدرت عن مؤتمر قمة بيروت عام 2002.

وحذر سيادته من مفهوم يتمُ تداولهُ ويُروج له تحت مسمى "التعاون الإقليمي أو الأمن الإقليمي"، بهدف خلق تنسيق أمني إقليمي بين إسرائيل والدول العربية، يهدف إلى تطبيع تلك العلاقات قبل تحقيق هدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية.

وفي الشأن الداخلي، قال الرئيس: نعمل بتصميم على وحدة أرضنا وشعبنا، ونتعاون مع أشقائنا في مسعانا من أجل إنجاز المصالحة، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وفك الحصار عن قطاع غزة، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في ثلاثة حروب على غزة.

وأعرب سيادته عن تطلعه لاستمرار الدعم والمساعدة من الدول الشقيقة، لتمكيننا من مواجهة السياسات الإسرائيلية الهادفة لتقويض أسس دولتنا العتيدة، وتعزيز صمود شعبنا على أرضه، وبناء مكونات دولتنا الفلسطينية.

وقال: حان الوقت، لحشد الإرادة العربية والدولية المتوفرة لتمكين شعبنا من نيل حريته واستقلاله، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967.

وشدد سيادته على وقوف فلسطين إلى جانب الدول، التي أصابها الأذى جراء الارهاب، وتضامنها مع الشعوب التي تعرضت له، واستعدادها لتقديم العون لمكافحته بأشكاله كافة.

وأكد سيادته وقوفنا إلى جانب أهلنا في سوريا وليبيا، والجهود العربية والدولية الرامية لتوحيد الأرض والشعب من خلال الحوار، ودعم جهود العراق في الخلاص من الإرهاب واستعادة الاستقرار، مثمنا جهود التحالف العربي بقيادة السعودية لمساعدة اليمن لاستعادة الهدوء والاستقرار فيه، وضمان وحدة أراضيه بعيداً عن التدخلات الأجنبية.

 

وفيما يلي نص كلمة الرئيس:

فخامة الأخ الرئيس محمد ولد عبد العزيز، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية،

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والدولة،

معالي الأخ أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية،

أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة،

يسرنا، يا فخامة الأخ الرئيس، أن نكون اليوم في ربوع موريتانيا الشقيقة، التي نكن لشعبها وقيادتها جزيل الاحترام والتقدير، شاكرين لكم حسن استضافتكم، وحفاوة استقبالكم الكريم، آملين أن يكلل مؤتمرنا هذا بالنجاح والتوفيق، كما لا يفوتنا أن نتوجه بالتحية والشكر لفخامة الأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي على استضافة جمهورية مصر العربية، للقمة السابقة، وعلى الجهود التي بذلتها بهذا الصدد، وصولاً لانعقاد هذه القمة.

وفي مستهل حديثي هذا، أود أن أتوجه بأطيب التهاني لمعالي الأخ أحمد أبو الغيط، بمناسبة توليه منصبه الجديد، أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، ونعبر كذلك عن شكرنا وتقديرنا لجهود الأمين العام السابق الأخ الدكتور نبيل العربي، مع تمنياتنا له بالصحة والتوفيق، وأود كذلك أن أرحب بوجود دولة الأخ د. فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، مهنئينه على توليه لمهام منصبه ومشاركته في أعمال هذه القمة ممثلاً لليبيا الشقيقة. وكما نرحب بدولة الأخ حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي الذي يشارك في اجتماعات القمة العربية للمرة الأولى.

 

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

نعلم جميعاً، أيها الأخوة والأخوات، حجم التحديات التي تواجه أمتنا العربية في ظل هذه الظروف الدقيقة والخطيرة، بسبب تفشي ظاهرة العنف والإرهاب، التي تقودها مجموعات إرهابية، متخذة من الدين غطاء وذريعة لأعمالها الإجرامية.

وإننا نقف إلى جانب الدول التي أصابها الأذى جراء هذا الارهاب، وندين أعماله البشعة، ونتضامن مع الشعوب التي تعرضت له، ونحن على استعداد لتقديم العون لمكافحته بأشكاله كافة.

ونجدد التأكيد بأننا نقف إلى جانب أهلنا في سوريا وليبيا، فنحن مع الجهود العربية والدولية الرامية لتوحيد الأرض والشعب من خلال الحوار، ووقف القتال الدائر هناك، وتوجيه الجهود لدحر الإرهاب، وإعادة بناء الدول على أساس ديمقراطي، يشارك فيه الجميع ومن خلال الوسائل السلمية وبما يضمن وحدة أراضي هذه الدول.

وندعم جهود العراق الشقيق في الخلاص من الإرهاب واستعادة الاستقرار، وبما يضمن استعادة اللحمة والامن لجميع ربوع العراق، وفق ما يتمناه أهلنا هناك.

 ونثمن جهود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لمساعدة اليمن الشقيق لاستعادة الهدوء والاستقرار فيه، وضمان وحدة أراضيه بعيداً عن التدخلات الأجنبية.

 

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لقد انقضى قرابة قرن من الزمان على صدور وعد بلفور في العام 1917، وبناء على هذا الوعد المشؤوم، "وعد من لا يملك، لمن لا يستحق"، تم نقل مئات الآلاف من اليهود من أوروبا وغيرها إلى فلسطين، على حساب أبناء شعبنا الفلسطيني الذين عاشوا وآباؤهم وأجدادهم منذ آلاف السنين على تراب وطنهم.

ولاحقاً لذلك، فقد سمحت سلطة الانتداب البريطاني والقوى الكبرى آنذاك، للحركات الإرهابية اليهودية، باقتلاع وطرد وتهجير قرابة نصف سكان فلسطين إلى دول الجوار، وإلى ما تبقى من فلسطين التاريخية.  وفي أعقاب النكبة، قامت القوات الإسرائيلية بتدمير أكثر من 485 بلدة وقرية فلسطينية، وترتب على ذلك وجود قرابة ستة ملايين فلسطيني يعيشون حالياً في ديار المنافي والشتات.

هذا ونعمل من أجل فتح ملفات الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت بحق شعبنا منذ نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين ومروراً بالمجازر التي نفذتها عام 1948 وما بعدها.

ومع حلول هذه الذكرى الأليمة، ومرور حوالي مائة عام على هذه المجزرة التاريخية لأرضنا ومقدرات شعبنا، ومع استمرار هذه الكارثة دون حل، فإننا نطلب من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، مساندتنا لإعداد ملف قانوني لرفع قضية ضد الحكومة البريطانية لإصدارها وعد بلفور، وتنفيذه كسلطة انتداب بعد ذلك، الأمر الذي تسبب في نكبة الشعب الفلسطيني، وتشريده، وحرمانه من العيش في وطنه وإقامة دولته المستقلة مثل باقي شعوب المنطقة.

هذا، وطالما بقي الظلم قائماً على أبناء شعبنا، فإنه لن يغفر لمن تآمروا عليه، وأوصلوه إلى ما يعانيه من تشرد ونكبات ونكسات، وحرموه من أن يعيش حياة طبيعية في وطنه، وأن تكون له دولته المستقلة ذات السيادة والخاصة به.

ومن ناحية أخرى، فإن شعبنا لن ينسى الدول والشعوب الخيرة وبشكل خاص أشقاءنا العرب، والعديد من الدول الصديقة، الذين مدوا أيديهم ولا تزال لمساعدته، والوقوف الى جانبه واحتضانه في محنته ومعاناته.

وقد قطعنا عهداً على أنفسنا أن نبقى صامدين وثابتين في أرضنا، مثابرين نعمل بكل جد على إنهاء الاحتلال عن أرضنا ومقدساتنا، لينعم شعبنا مثل بقية شعوب العالم بالأمن والسلام والاستقرار.

 

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لم يقف الأمر عند ذلك، فقد قامت إسرائيل في الخامس من حزيران يونيو في عام 1967 باحتلال ما تبقى من أراضي فلسطين التاريخية في كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وكذلك قطاع غزة.

وبالرغم من قبول منظمة التحرير الفلسطينية، لعقد اتفاق سلام مع إسرائيل شهد عليه العالم في العام 1993، تم بموجبه الاتفاق على حل الدولتين على حدود العام 1967 وتكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، إلا أن إسرائيل، وبعد 49 عاماً من احتلالها، لا زالت مُصرة على تكريس احتلالها واستيطانها لأرض دولة فلسطين، وماضية في سعيها المحموم لتغيير هوية وطابع تلك الأرض وخاصة مدينة القدس الشرقية.

 

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لا أريد أن أطيل عليكم في سرد حجم المعاناة والعذابات التي يعيشها شعبنا جراء ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلية والمستوطنين، في أراضي دولة فلسطين، وضد مقدساتنا وشعبنا وممتلكاته وأرواح أبنائنا، حيث تواصل إسرائيل عملياتها الاستيطانية الاحتلالية بشكل بشع، وغير مسبوق، وتمارس العقوبات الجماعية، وهدم البيوت، وسياسة التمييز العنصري، واستمرار احتجاز آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجونها، واحتجاز جثامين الشهداء، ومن هنا فقد حان الوقت، وقبل فوات الأوان لحشد الإرادة العربية والدولية المتوفرة لتمكين شعبنا من نيل حريته واستقلاله، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967.

 

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

أجدد التأكيد على أنه وبالرغم من الجهود المقدرة التي تقوم بها كل من أمريكا، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، بشكل منفصل، لدعم تحقيق السلام في منطقتنا، إلا أن آلية الرباعية الدولية، قد فشلت مرة أخرى في القيام بواجباتها وفق خطة خارطة الطريق، فقد أصدرت الرباعية مؤخراً تقريراً منحازاً وغير مقبول، ينتقص من قرارات الشرعية الدولية، ويلوي عنق الحقيقة، حيث ساوى بين الضحية والجلاد، الأمر الذي سيشجع إسرائيل، قوة الاحتلال، على المضي في طغيانها، وانتهاكاتها للقانون الدولي.

 

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

ومن ناحية أخرى، فإننا نكرر ترحيبنا بالمبادرة الفرنسية وبالاجتماع الوزاري التشاوري الذي انبثق عنها، الذي عقد في 3 يونيو/ حزيران الماضي في باريس بمشاركة وزراء خارجية 28 دولة، وثلاث منظمات إقليمية ودولية. ونحن مقبلون على تحرك دبلوماسي يهدف إلى توسيع المشاركة الدولية، الأمر الذي يستدعي دعم الدول العربية لهذه المبادرة الفرنسية بهدف عقد المؤتمر الدولي للسلام، على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وكذلك المبادرة العربية للسلام كما صدرت عن مؤتمر قمة بيروت في العام 2002.

ونأمل أن تساهم الآلية الجديدة التي ستنبثق عن المؤتمر في وضع سقف زمني للمفاوضات، ولتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وأن ينهي الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ووفقاً للمبادرة العربية للسلام، وعند ذلك يمكن للدول العربية والإسلامية أن تطبع علاقاتها مع إسرائيل، وليس العكس، ونحذر من مفهوم يتمُ تداولهُ ويُروج له تحت مسمى" التعاون الإقليمي أو الأمن الإقليمي" بهدف خلق تنسيق أمني إقليمي بين إسرائيل والدول العربية يهدف إلى تطبيع تلك العلاقات قبل تحقيق هدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية.

 

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

إننا نعمل بتصميم على وحدة أرضنا وشعبنا، ونتعاون مع أشقائنا في مسعانا من أجل إنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وفك الحصار عن قطاع غزة، ونبذل جهوداً متواصلة لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في ثلاثة حروب على قطاع غزة. كما وتقوم حكومة الوفاق الوطني بتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه قطاع غزة رغم الضائقة المالية التي تعاني منها. وتقوم حالياً لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، بتنظيم عقد الانتخابات المحلية في أكتوبر القادم.

وفي مواجهة السياسات الإسرائيلية الهادفة لتقويض أسس دولتنا العتيدة، فإننا نواصل تعزيز صمود شعبنا على أرضه، فإننا مستمرون في بناء مكونات دولتنا الفلسطينية، ورغم شح الموارد ومحدودية الامكانيات، متطلعين لاستمرار الدعم والمساعدة من الدول الشقيقة والتي نشكرها على كل ما قدمته وتقدمه لفلسطين وشعبها وصولاً لهذا الهدف.

مرة أخرى أحييكم، أيها الإخوة، وأشكركم، وأتمنى لقمتنا هذه النجاح والخروج بالقرارات والتوصيات، التي تعود بالخير والمنفعة على أقطارنا وشعوبنا، وتحمي مصالح أمتنا القومية، وتمثل سداً مانعاً منيعاً في وجه التحديات والمخاطر، التي تحدق بأمتنا.