بيان صادر عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح – لبنان

يوم السابع عشر من نيسان من كل عام يتأهب شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات للاحتفاء بهذه المناسبة الوطنية الشاملة لكل المدن والمخيمات، والقرى، والاحياء، فالأسير الفلسطيني بتضحياته وصبره وعذاباته،وإعتصاماته وإضراباته عن الطعام لشهور مديدة من الألم، والكفاح والتحدي لم يعد فرداً من أسرة، وانما هو رمز لكل شعبه الفلسطيني، وهو عندما يخوض معركة الاضراب عن الطعام لشهور كما فعل سامر العيساوي ورفاقه إنما يوجِّهُ رسالة باسم كل أسرانا البواسل وأسيراتنا الصابرات والماجدات بأن الشعب الفلسطيني لن يركع، ولن يستسلم لإرادة الاحتلال، وحالة الصمود والعناد التي يعيشها قوافل الأسرى وخاصة الأسير مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وفؤاد الشوبكي ومحمد التاج وغيرهم إنما تشكل جبهة مواجهة يومية مع الجلاَّد والسَّجان، هؤلاء الابطال الذين حوَّلوا المعتقلات إلى مدارس ثورية يعيش مناضلوها عملية بناء الوحدة الوطنية بكل أبعادها الأخوية والكفاحية.

إنَّ ما شهدناه من قتل متعمد للأسرى كما حصل مع الشهيد الأسير عرفات جرادات، والشهيد ميسرة أبو حمدية الشاهد على همجية العدو الاسرائيلي واصراره على الاهمال الطبي حتى مع مرضى السرطان، وابقائه مقيداً حتى لحظة الموت، إضافة إلى التمسك بأسر أخواتنا وأطفالنا دون أي مبرِّر انما هي محاولة لكسر إرادتنا، وتعذيب آبائنا وامهاتنا المحرومين من زيارة أقاربهم، إلاّ أنَّ هذه الصورة المُشرقة التي يرسمها صُناع الحرية، والالتفاف الشعبي الكامل حول هذه القضية المقدسة وضع الكيان الاسرائيلي في قفص الاتهام والعزلة، وأسهم في تعزيز الدور الذي تؤديه القيادة الفلسطينية على الصعيد القانوني والسياسي، وملاحقة القيادة الاسرائيلية الرافضة لتطبيق إتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بالأسرى تحت الاحتلال، وحق شعبنا في ممارسة كفاحه من أجل حريته، وتحرير أرضه، وحقه في تقرير مصيره.

ونحن نكرِّم أسرانا البواسل في معتقلاتهم وزنازينهم، وفي الوقت الذي تضع فيه القيادة الفلسطينية موضوع الأسرى على رأس جدول إهتماماتها، وتسعى جاهدة عبر مؤسسات هيئة الامم المتحدة، وخاصة محكمة الجنائيات الدولية للضغط على العدو الاسرائيلي من أجل الافراج عن الأسرى والمعتقلين فإننا نحتفي أيضاً بالقائد الشهيد خليل الوزير أبو جهاد الذي استُشهد صبيحة يوم 16/4/1988 في منزله في تونس تنفيذاً لقرار اتخذه المجلس الوزاري المصغَّر بعد أن خطّط رحمه الله لمجموعة عمليات عسكرية مميّزة في الاراضي الفلسطينية التاريخية وخاصة عملية الشهيد كمال عدوان وقائدتها دلال المغربي العام 1978، وعملية ديمونا على مقربة من مفاعل ديمونا النووي العام 1988، هذه العمليات هزّت أركان العدو الإسرائيلي، وراح يفكِّر جدياً بالتخلص من الشهيد القائد أبو جهاد الذي شرب حليب المقاومة منذ نشأته الأولى في بداية الخمسينات، وأصبح فيما بعد العقل العسكري المدبِّر للعمل المقاوم في الأراضي المحتلة العام 1948، وهو الذي هندس الإنتفاضة المباركة إنتفاضة جنرالات الحجارة في 8/12/1987، التي تمكنت من عزل الكيان الاسرائيلي دولياً، وفضح كافة مفاهيم الديموقراطية والحضارة التي كان يدَّعيها هذا المحتل الغاصب. إن شخصية أبي جهاد خليل الوزير القيادية، وتمسكه بالقيم الثورية، والمبادئ السامية، والتفاني في خدمة حركته الرائدة، وبناء الأعمدة الصلبة التي قامت عليها الثورة الفلسطينية، وربط العلاقات الكفاحية مع كافة الحركات التحررية المكافحة من أجل الحرية وتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة لها على طريق نيل الاستقلال، وكان ذلك كله يتم على أرضية مقاتلة الحركة الصهيونية عدوة الشعوب والانسانية.

أبو جهاد خليل الوزير أعطى حياته رخيصة لوطنه وشعبه وسهر الليالي مُخططا، ومنفذاً، وباحثاً في الأرض المحتلة العام 1948 عن كل فرصة تمكنه من تصعيد المقاومة حتى بات يُعرف مجال عمله هناك بالقطاع الغربي وإلى جانبه قياداتٌ مميَّزة عملت بصمت، ورحلت إلى العالم الآخر بصمت، ومن بقي منها في هذه الحركة العملاقة ما زال يتميَّز بالتفاني والتضحية والخُلق الثوري.

إنّ قيادة حركة فتح التي قاومت كافة أشكال الحصار والضغوطات ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، هذه الحركة ما زالت تقود مسيرة الكفاح الوطني وهي تتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية المعهودة، وبالقرار الفلسطيني المستقل، وقيادة حركة فتح تؤمن بضرورة إنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية لأن الانقسام خيار اسرائيلي وهو المعطل للمصالحة والوحدة الوطنية.  ونحن نحتفي بيوم الأسير وبذكرى استشهاد القائد أبو جهاد خليل الوزير فإننا ندعو حركة حماس وكافة القوى الفلسطينية إلى التعاطي بجدِّية كاملة مع موضوع المصالحة حتى نتمكن من صياغة برنامجنا السياسي عماد الوحدة الوطنية وهو ضمانة نجاح تفعيل دور المقاومة الشعبية بوجه الاحتلال الاسرائيلي لتمكين شعبنا من الإمساك الحقيقي بزمام الأمور، وخوض معركة توحيد الوطن والقضية ودحر الاحتلال، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة شعبنا إلى أرضه التي طُرد منها العام 1948.

في هذه المناسبة نتوجه بالتحية إلى قوافل الشهداء وفي المقدمة القائد الرمز ياسر عرفات، كما نتوجه بالتقدير والاحترام إلى أسرانا البواسل في المعتقلات مثمنين صمودهم وثباتهم على مواقفهم الوطنية المشرِّفة لكل الأمة العربية.

كما أننا باسم شعبنا الفلسطيني في لبنان نحيي القيادة الفلسطينية وفي مقدمتها الرئيس أبو مازن الذي يخوض في هذه المرحلة أشرس المواجهات ضد محاولات تصفية الحقوق الفلسطينية.

وإنها لثورة حتى النصر

حركة التحرير الوطني الفلسطيني –فتح

 إقليم لبنان

16/4/2013