بسم الله الرحمن الرحيم

يا جماهير شعبنا الفلسطيني... يا شعب الجبارين

الذكرى الخامسة والستون للنكبة، تحمل في طياتها الكثير من المآسي والمعاني والتداعيات التي أدت الى تشريد شعبنا في شتات الارض، والى التنكيل بنسائه وأطفاله وشيوخه، وارتكاب المجازر في كل مدينة وقرية. وتم تنفذيها على أيدي العصابات الصهيونية التي تم تدريبها واعدادها لهذا الهدف الاقتلاعي والاستيطاني، وشعبنا لا ينسى الاجرام الذي قامت به هذه العصابات أمثال شتيرين وأرغون ،والهاغانا، وغيرها. تم ذلك قبل وبعد قرار التقسيم الظالم الذي أقرته الجمعية العمومية في العام 29/11/1947، ومن خلاله وبدعم من الانتداب البريطاني والصمت العربي، والتواطؤ الدولي استُكملت حلقات المؤامرة على فلسطين وشعبها ومقدساتها، لأهداف سياسية وعسكرية وأمنية استراتيجية. ما زال الوطن العربي والمنطقة تعاني الأمرَّين من وجود هذا الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي، والذي له التأثير الكبير في عدم وجود الاستقرار والأمن في الوطن  العربي، بل إنه يشكل وباستمرار حالة من العدوان ونشر الرعب، وتأزيم الأوضاع للحؤول دون أي أتفاق وحدوي أو تقدمي يمكِّن الأمة العربية وشعوب المنطقة من تحقيق عملية الاستنهاض الحقيقية.  وبالتالي هذا الكيان الاسرائيلي لقي من الولايات المتحدة الدعَم الكامل عسكرياً وامنياً وسياسياً ودبلوماسياً، وأقامت تحالفاً استراتيجياً أبدياً مع هذا الكيان العنصري المتمرد على كافة قرارات الامم المتحدة .

 

يا جماهير شعبنا الفلسطيني

إن إنطلاقة حركة فتح، إنطلاقة الثورة الفلسطينية، جعلت تداعيات هذه النكبة خلف ظهورنا، فقد استعدنا هويتنا الوطنية، وفرضنا أنفسنا ثواراً أحراراً وشعباً عملاقاً على الخارطة الجغرافية ولم يعد بإمكان أحد أن يتجاوزنا، أو يتجاهل حقوقنا الوطنية، وحقنا في العودة وتقرير المصير وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة العام 1967 . لقد تمكنا وعبر تضحياتنا الجسيمة خلال اكثر من نصف قرن تحقيق إعتراف العالم بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده . كما اننا تمكنا من الحصول على إعتراف 138 من دول العالم بفلسطين دولة عضو مراقب في الجمعية العمومية ، وهي الآن دولة واقعة تحت الاحتلال، تقاوم من أجل الحرية وطرد الاحتلال، والاستقلال. كذلك فإن  الاعتراف بعضوية فلسطين مكَّننا من الانتساب إلى الكثير من المؤسسات والجمعيات  والبروتوكولات الدولية وخاصة اليونسكو ، والجنائية الدولية، بحيث أصبح بإمكاننا مقاضاة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه اليومية ، وعلى مشاريعه الاستيطانية، واعتداءاته على الاماكن المقدسة، والأثرية، وهدم وتدمير البيوت وتهجير الأهالي، وطردهم من أماكن سكنهم في مشاهد مؤلمة ومروِّعة ليست غريبة على هذا الكيان العنصري الذي قام على الاجرام والمجازر والتمرد على الشرعية الدولية.

بعد مرور خمسة وستين عاماً على النكبة فإن شعبنا الفلسطيني وقيادته التاريخية معنيون اليوم أن نكلل إنجازاتنا الوطنية بخطوات راسخة وناضجة سياسياً ووطنياً من أجل تجاوز الأزمات الداخلية بشكل نهائي والدخول بقوة في معترك المقاومة الشعبية، والصراع السياسي من أجل حقوقنا الوطنية، وفي أعلى سُلَّمِ الأولويات تأتي عملية إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة الفلسطينية، لإتمام الوحدة الوطنية على قاعدة برنامج سياسي نضالي يتم اعتمده استناداً الى الاتفاقات السابقة التي تم إعتمادها.

ولأن الانقسام دمَّر الكثير في الواقع الفلسطيني، وقسَّم الوطن، وأعاق العمل المشترك على الصعيد الوطني، ولم يستفيد منه سوى العدو الاسرائيلي، فإِننا ندعو كافة الفصائل الفلسطينية الوطنية والاسلامية إلى ضرورة التقيد بجدية مطلقة لإنجاح إتفاق المصالحة، وتهيئة الظروف المساعدة لتشكيل الحكومة الجديدة، وتذليل كافة العقبات من طريق إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، وهذا بدوره سيمكِّن كافة اللجان لإنهاء معالجة ملفاتها المتعلقة بالمصالحات المجتمعية، والحريات، والأجهزة الأمنية.

إنَّ صراعنا مع الاحتلال يحتاج إلى مقوِّمات أساسية من أجل بناء الدولة الفلسطينية المستقلة صاحبة السيادة و عاصمتها القدس.

أولى هذه المقوِّمات هي الوحدة الوطنية الجامعة لكافة القوى الوطنية والاسلامية.

ثانياً: أن نسعى إلى تأمين الدعم الاقتصادي لشعبنا حتى يتمكن من مواصلة كفاحه ومقاومته، وهذا الامر متوقف على الدول العربية والاسلامية  والصديقة لأن الجميع يعرف أن واقع الاحتلال يعيق أي عملية نمو إقتصادي، ويسعى باستمرار إلى تدمير وعرقلة كافة المشاريع الاستثمارية حتى يبقي الاقتصاد الفلسطيني مربوطاً بالاقتصاد الاسرائيلي.

ثالثاً: إننا ندعو الأمتين العربية والاسلامية إلى التعاطي مع واقع مدينة القدس بجدية وأمانة، لأن مدينة القدس تعاني الأمرَّين على كافة الأصعدة بينما الصهاينة في العالم يضحون بأموالهم من أجل السيطرة على المدينة المقدسة واستيطانها وتهجر أهلها.

رابعاً: توفير كل العوامل المساعدة لتفعيل دور المقاومة الشعبية الذي بدأ يتطور بشكل ملحوظ لكنه بحاجة إلى خطط وبرامج مشتركة واختيار الادوات والأساليب المجدية .

خامساً: لا بد من تصعيد نضالنا السياسي والدبلوماسي من أجل فك الحصار عن قطاع غزة، ورفع الظلم الواقع على شعبنا هناك، ووقف الغارات والاعتداءات التي تستهدف أبناء شعبنا سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية وخاصة في القدس.

سادساً: إنَّ ما أنتجته الحركة الأسيرة في المعتقلات الاسرائيلية  وما قدمته من تضحيات فرضت على الجميع التضامن الشامل، كما أن القيادة الفلسطينية باتت معنية بتفعيل هذا الموضوع عبر المؤسسات الدولية وخاصة الجنائية الدولية، من أجل معاملة أسرانا كأسرى حرب يكافحون من أجل الحرية والاستقلال وهذا حق مشروع. كما أن المطلوب إستخدام علاقاتنا الدولية من أجل الافراج عن الأسرى خاصة  النساء والأطفال، والمرضى، والذين أُسرواقبل العام 1993، وإلزام العدو الاسرائيلي على التعاطي مع الأسرى المرضى حسب ما نصت عليه اتفاقيات جنيف.

في هذه المناسبة نؤكد أننا بوحدتنا الوطنية ، وتصميمنا نستطيع إستكمال مسيرتنا ، ونستطيع إِمتلاك القدرة على حماية أمن المخيمات الفلسطينية ، وتجنيبها أية صراعات، وإبعادها  عن أية تجاذبات من أجل المحافظة على الخصوصية الفلسطينية التي تتطلب أن تكون الأولوية لدى شعبنا الفلسطيني هي النضال من أجل تنفيذ العودة إلى الأراضي التي طردنا منها وهي فلسطين التاريخية استناداً إلى القرار 194 . وهذا ما يدعونا إلى رفض الاعتراف باسرائيل دولة يهودية نظراً لما تحمله هذه التسمية من إهدار حق العودة . كما أننا نؤكد إلتزامنا بالمبادرة العربية للسلام التي أجمعت عليها كافة الدول ، ونحن نوضح ما يتعلق بموضوع تبادل الاراضي بأن الأولوية للسيادة الوطنية الكاملة وإقامة الدولة على كافة الاراضي المحتلة العام 1967، وبعد ذلك ومن الموقع السيادي تقرر القيادة الفلسطينية ما إِذا كانت تريد تبادل الاراضي أم لا.

في هذه الذكرى نتوجه بالتحية والتقدير إلى الشهيد الرمز القائد ياسر عرفات أبو الوطنية الفلسطينية، والذي كان له الفضل في إنطلاقة الثورة، واستعادة الهوية الوطنبة. كما نتوجم بالتحية إلى قوافل الشهداء ، وخاصة شهداء اللجنة المركزية لحركة فتح، وشهداء الثورة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية والاسلامية.

كما نتوجه بالتحبة والتقدير إلى الخمسة الآف أسير في المعتقلات الاسرائيلية وفي المقدمة الاخ مروان البرغوتي وفؤاد الشوبكي ، وأحمد سعدات وأعضاء المجلس التشريعي ، وباقي الأسرى ونخص بالذكر سامر العيساوي .وفي هذه الذكرى فإننا نحيي شهداء العودة الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم من أجل فلسطين ، ومن أجل تثبيت رسالة إلى العالم بأن حق العودة قائم، وهو أمانة يحملها جيل بعد جيل حتى النصر.

كما نحيي الأسرى الشهداء وخاصة ميسرة أبو حمدية ، وعرفات جرادات وغيرهم .

إننا ندعو كافة الجهات المعنية بدعم و مساعدة الاخوة الفلسطينيين النازحين من سوريا إلى التحرك السريع وتفعيل دور الانروا، والمؤسسات الدولية للقيام بواجباتها نظراً لحجم المأساة الانسانية ، والمعاناة الشاقة .

التحية والتقدير إلى سيادة الرئيس أبو مازن  المؤتمن على الثوابت الوطنية ، والصامد  بوجه التحديات والضغوطات الاسرائيلية والمتمسك بالمواقف المبدئية التي تضمن كرامة شعبنا الفلسطيني ، ونيله حقوقه الوطنية والمشروعة.

مجدداًنؤكد اعتزازنا بالعلاقة الأخوبة مع أهلنافي لبنان ونتمنى للبنان الشقيق أن يظلَّ دائماً موحَّداً ومستقراً بعيداً عن التجاذبات  الإقليمية لأنَّ أمننا الفلسطيني من أمن لبنان الذي نقف وإياه في خندق مواجهة الاحتلال الإسرائيلي .

كما نتمنى لأهلنا في سوريا ، وفي كافة الاقطار العربية أن تستعيد إستقرارها ، وأمنها ، ووحدة نسيجها الداخلي ، وندعو كافة الاطراف إلى تجنيب المخيمات مخاطر الصراع الذي يدور والذي نتمنى أن يتوقف حتى تستعيد سوريا وضعها الطبيعي .

كانت النكبة قبل خمسة وستين عاماً ، وكانت الثورة منذ ثمانية واربعين عاماً ، واليوم نحن دولة فلسطينية على أرضنا تحت الاحتلال ، والنصر آتٍ آت بإذن الله .

وانها لثورة حتى النصر

 

حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح

إقليم لبنان 15/5/2013