انها معركة قاسية تلك التي يخوضها ابناء مخيم البارد من اجل اعادة اعمار مخيمهم، ومن خلفهم عموم ابناء الشتات الفلسطيني، وتحديداً بعد ان طالعتنا كتلة التغيير والاصلاح بطعن قدم لمجلس شورى الدولة مطالباً بإبراز معالم مدينة اورتيزيا التاريخية. وكأن نبش الماضي بات اهم من التحضير لحياة افضل لما يزيد عن 40 الف يعيشون الحاضر منكوبين.
لقد ارتفع الصوت ... مطالبات ... مسيرات واعتصامات .. والقادم فعاليات جماهيرية في كل المخيمات
.

ابو حسن ميعاري (امين سر اللجنة الشعبية) : ان الساحل اللبناني كله مبني على اثار مدن لعصور سابقة وحضارات ومخيم نهر البارد جزء من هذا الساحل فهل يجوز ان يتم تعطيل اعادة اعمار المخيم بسبب بقعة صغيرة لا تتجاوز 400 متر مربع من الارض وجدت فيها قطع فخارية ليست ذات قيمة وانما تم تضخيم الموضوع عبر وسائل الاعلام، علماً ان لجنة الاثار جاءت وكشفت على المنطقة واخذت قراراً بطمر الاثار والبدء بالاعمار ولكن تفاجأنا بالطعن الذي قدم لمجلس شورى الدولة من كتلة التيار الوطني الحر بحماية اثار مدينة اورتيزيا الاثرية . والقرار الذي اخذه مجلس شورى الدولة بتجميد طمر الاثار، وهذا القرار ادى بدوره الى تجميد البدء بالاعمار.
هذا الموضوع اثار لدينا نحن ابناء مخيم نهر البارد هواجس ومخاوف بالنية لعدم اعادة الاعمار، والا لماذا لم يبدأ الاعمار في نقاط اخرى من المخيم؟ او لماذا لم يتم نقل الاثار الى مكان اخر وحمايتها بالطريقة التي تريدها لجنة الاثار؟  كل ذلك جعلنا نشعر بان هناك مشاريع تعد في الخفاء القصد منها توطين الشعب الفلسطيني او تهجيره ليس من مخيم البارد فحسب وانما من كل مخيمات لبنان وبداية من مخيم نهر البارد.

علماً أننا سمعنا مطالبات ايضاً من كتلة عون بنقل المخيم من مكانه ولكن الى اين مخيم البارد؟ لن ينتقل اهله الا الى فلسطين وللاسف من يطالب بنقل المخيم لم يراعِ الظروف الانسانية, ولم يفكر لحظة بالارتباط بالبقعة الجغرافية التي يولد فيها الانسان.
وعن الهوية النضالية للمخيم اكد الاخ ابو حسن بأن مخيم نهر البارد كباقي المخيمات وبالرغم من البؤس والحرمان اللذان يعيشان في كل مناحي الحياة في المخيمات الا انها تبقى عناوين نضال وتمسك بحق العودة الى فلسطين؛ وان التحركات الاخيرة ما هي الا بداية لسلسلة فعاليات سوف تستمر تباعاً رافضة للطعن المقدم لمجلس شورى الدولة ومطالبة بالاسراع بالاعمار وطمر الاثار .

الشيخ جهاد الحاج : بداية لا بد من توجيه شكر لمجلة القدس التي تقوم بجهد جبار لابراز المعضلات والازمات التي تحيط بأهالي مخيم البارد الذي كان يشكل حلقة الاتصال مع الاخوة اللبنانيين على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية؛ ولكن حصل ما حصل من اعتداء على الجيش من قبل عصابة العبسي وحل بالمخيم الدمار وبأهله التشريد وكل ذلك مقدر من الله.
عن موضوع الاثار لو سلمنا جدلاً بوجود بعض الفخاريات لماذا لا يتم نقلها الى مكان اخر وتحفظها لجنة الاثار بالطريقة التي تراها مناسبة؟  كل العالم مبني على اثار من سبق من الشعوب والامم فهل هذا يعني نبش الاثار ويُقضى على الحضارات الحالية. هل يحق لنا نحن المسلمين ان نقول احفروا اسبانيا لانها تحوي اثارا اسلامية؟ هذا غير معقول، وغير مقبول ان يتم استغلال هذا الموضوع من قبل كتلة التيار الوطني الحر لاسباب لا يعلمها الا الله .
ولكن نحن اهالي مخيم البارد لن نقبل بأن ينقل المخيم الى مكان اخر؛ ولن نرضى عنه بديلاً الا العودة الى فلسطين وسوف نستمر في فعاليات جماهيرية للمطالبة بالغاء قرار مجلس شورى الدولة وتحقيق مطالبة ابناء المخيم.

الحاج رشيد احمد رشيد : لا يوجد اثار ذات أهمية في مخيم نهر البارد, ولجنة الاثار جاءت وعاينت الموقع واخذت قرارها بطمر الاثار؛ واستئناف العمل في الاعمار فلماذا هذا التوجه التصعيدي من قبل كتلة التيار الوطني الحر؛ وفي هذا الوقت بالذات انه موضوع يطرح العديد من علامات الاستفهام، وهل هذا يخدم السلم الاهلي في لبنان؟ ولماذا يتم استخدام اعمار المخيم في تجاذبات السياسة في لبنان؟  نحن وقفنا الى جانب الجيش اللبناني في معركته ضد الارهاب وخرجنا تحت وعد من الحكومة اللبنانية بحتمية الاعمارللمخيم، ولكن لقد مرت سنتان ونصف السنة واليوم يطل علينا  التيار الوطني الحر بموضوع مدينة اريتزيا التي باتت بأهمية مدينة بيروت؟ وهل البحث عن الاطلال هو اهم من تأمين مأوى للأحياء؟ وهل قطعة فخار اهم من حياة طفل يعيش في براكسات الحديد ام انها المعيقات التي تطل كل مرة بتسمية جديدة تستهدف الوجود الفلسطيني ومخيماته بقصد تشتيت المخيمات الفلسطينية؟ وانا اؤكد عدم وجود اثار تستحق هذه الضجَّة وهذه بدعة جديدة لطمس حق العودة ودفع الفلسطيني نحو القبول بخيارات لم يكن ليقبل بها سابقاً مثل التوطين او التهجير او اي امور لا يعلم بها الا الله.

الاستاذ ميسرة صالح الحاج : لقد ادركت ومنذ الايام الاولى للعودة فقلت انه لن يتم اعمار المخيم ولقد جسدت ذلك في عدد من القصائد التي نظمتها ومنها : "قالوا البارد رح يتعمر ... ويرجع احلى ممَّا كان/ قلت من هالحكي سمعنا كتير ... كلو صار بخبر كان " ولكن لا يوجد بوارق امل ان يبدأ الاعمار الذي كنا نحاول ان نمني انفسنا به؛ ولكن بعد هذه الخطوة من قبل التيار الوطني الحر والطعن الذي قدم لمجلس شورى الدولة اهل المخيم فقدوا الامل نهائياً لا بل وصلنا الى مرحلة اليأس.
ونحن نطالب الحكومة اللبنانية وعلى رأسها دولة الرئيس السنيورة الايفاء بوعده الذي اطلقته الحكومة ممثلة بلجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بأنَّ الخروج مؤقت، والعودة حتمية، والاعمار أكيد، ونحن نطالب قيادتنا ووجهاء المخيم والمؤسسات ان تأخذ دورها بالمطالبة بضرورة اعادة الاعمار.
وللأسف الحالة الاجتماعية التي يعيشها ابناء المخيم في بركسات الحديد او منطقة بركسات الحجر فإنها لا تليق ببني البشر والله يعين الناس التي تسكن فيها.
اما عن اختيار بقعة ارض اخرى لبناء المخيم فإن الاستاذ ميسرة اكد تمسك ابناء المخيم بمخيمهم لانه جزء من ذكريات الناس وماضيهم والانسان ينتمي الى المكان الذي ولد فيه ولو بالعاطفة والحس الانساني.

واكد الاستاذ ميسرة انه لا بديل عن مخيم البارد وقال ذلك شعراً: ايار خبِّر ايلول باردنا باقي على طول/ ما نرضى عنه بديل وغير فلسطين ما  في حلول/ وعن البارد مافي بديل.

حسين الواكد (ابو علي): اذا كان الموضوع وجود اثار في مخيم البارد فهناك بالجوار للمخيم اكثر من اربع او خمس اماكن يوجد فيها اثار مثل قلعة حكمون، لماذا لا يتم الاهتمام بها من قبل لجنة الاثار ويوجد فيها ممر يصل الى البحر، وهناك الخان وهو مكان اثري وكان موجوداً خارج المخيم، ولم يلتفت  له احد، فأنا لا ادري لماذا جاؤوا بهذه  البدعة، هي وجهة نظر غير مقبولة من التيار الوطني الحر، ولا يوجد اثار في نهر البارد لاننا قد قمنا سابقاً بحفر اساسات للمنازل وملاجئ داخل المخيم وباشراف الانروا، ولم نجد اي اثار، وهذه الملاجئ حفرت في كل ارجاء المخيم وعلى عمق يزيد عن ثلاثة امتار، وانا اذكر بأن منطقة المحمرة كلها بنيت بأحجار منزوعة من تحت الارض، وكانوا يستخرجونها ويسمونها بالاحجار الغشيمة، وكانت بطول مترين وعرض متر، وهي عبارة عن اثار فلماذا لا يتم اخراج اهل المحمرة  منها وتقوم الدولة بالبحث عن الاثار تحت بيوتها؟ اعتقد ان هذه الخطوة تأتي في باب المؤامرة على المخيم لتأخير اعماره، والضغط على اهله ليهاجروا او يقبلوا بأي حلول قد تطرح عليهم.
وانا اطالب الجهات السياسة الفلسطينية في لبنان اخذ الموضوع على محمل الجد والتحاور مع الجهات المعنية اللبنانية لايجاد حلول لهذه المعضلة بأسرع وقت ممكن . واطالب المؤسسات واهالي المخيم القيام بخطوات تصعيدية من اجل المطالبة بإلغاء قرار مجلس شورى الدولة واعطاء الاذن بإستئناف الطمر والبدء بالاعمار للمخيم.
ونحن نتمسك بالمخيم ولن تركه الى اي مكان الا الى فلسطين؛ والتهجير غير وارد لان قضية نهر البارد اصبحت تعني كل فلسطيني؛ والخوف على كل المخيمات؛ واذا لم يبن هذا المخيم فذلك يظهر المؤامرة على الشعب الفلسطيني وقضية اللاجئين وهذا ما لا نرجوه من الله.

فؤاد عسقول: فتح موضوع الاثار من قبل التيار الوطني الحر من شأنه ان يثير مخاوف ويطرح سؤالاً الى اين مصير المخيم. ونحن بتنا كالريشة في مهب الريح لا نعلم ان كان يُحضَّر لنا موضوع تهجير من جديد. لأنَّ الامور لم تعد تطاق واذا نظرت الى الاثار التي وجدت فإنها لا تساوي اي قيمة اثرية؛ لان لجنة الاثار التي عاينتها اخذت قراراً بطمرها والبناء فوقها؛ ولكنَّ الطعن الذي قدم الى مجلس شورى الدولة يحمل في طياته الكثير من الشكوك الى جهة التوطين، وشطب المخيم، او التهجير، وفي كلتا الحالتين الخطر على وجود مخيم نهر البارد ولبنان كله فوق اثار لحضارات سابقة فهل يعقل ان تهدم كل مدن لبنان.
وعن نقل المخيم الى مكان اخر قال  " بأننا تعوَّدنا على اهلنا في جوار المخيم وبنينا معهم علاقة حسن جوار ومصاهرة وتربطنا بالمخيم علاقة حميمة لاننا ولدنا وترعرعنا  فيه؛ ولن نتركه الا الى فلسطين لذلك نحن نصر على اعادة اعماره وبأسرع ما يمكن لان معاناة ابناء البارد في البركسات الحديد والكراجات لا تطاق وحياتهم لا تليق ببني البشر، واهل البارد لا يجوز ان يتم معاملتهم بهذه الطريقة بعد الثمن الذي دفعوه ضد عصابة فتح الاسلام، ووقوفهم الى جانب الشرعية اللبنانية.
وانا اتخوف ان يكون هناك مشروع يُحضَّر في الظلام يستهدف شطب مخيم البارد عن خريطة المخيمات في لبنان لتحقيق مكاسب سياسية لهذا الطرف او ذاك.
ولكنني في المقابل اؤكد ثقتي بأن الحكومة اللبنانية سوف تقوم بالوفاء بوعودها اولاً للمجتمع الدولي ثم العربي ثم الفلسطيني.

ميلاد غريب (مدير مؤسسة الاطفال والشباب الفلسطينية) : بداية اود ان اوجه الشكر لمجلة القدس التي تحاول جاهدة الاضاءة على ما يعانيه ابناء مخيم البارد و تحديدا حول موضوع اعادة الاعمار.
لا بد من الاشارة الى معاناة شعبنا من الناحية الانسانية و ما يتوارثه جيل بعد جيل، هو الشعور بالغربة  الذي صار عند الكثير من الشباب نقشا في قلوبهم وعقولهم؛ و كأنه بات لزاما ًعلى هذا الشعب ان يعيش حياته بعيدا عن بيته و وطنه و عن من يحب.
اننا اليوم نرى نفس المعاناة والتي تجلت في قرار مجلس شورى الدولة لتجميد طمر الاثار بعد الطعن المقدم من قبل كتلة التغيير والاصلاح بشأن الاثار التي وجدت في نهر البارد، وهذا بدوره ادى الى وقف الاعمار للمخيم. وهذا الموضوع كان يجب ان يولِّد ردة فعل عربية ودولية ولكن الذي ظهر من عدم وجود هذه الردود او الوقوف عند هذا القرار اوجد عدم ثقة لدى ابناء المخيم بالمجتمع العربي والدولي؛ وعدم ثقة بالمرجعيات السياسية للشعب الفلسطيني؛ وهذا يوجد هواجس لدى ابناء مخيم نهر البارد ويجعلهم يخافون على مستقبل الاعمار.
وعن نقل المخيم الى مكان اخر قال الاستاذ ميلاد بأن هذه الفكرة التي يتم تداولها ترمي الى محو الهوية الفلسطينية وتذويب المجتمع الفلسطيني؛ وتدفع باتجاه التهجير الممنهج وتذكر بما جرى بمخيم تل الزعتر الذي هُجِّر ابناؤه ولم يعودوا اليه حتى يومنا هذا ، وهذا ما يؤرق اليوم ابناء مخيم البارد على مصير مخيمهم. وتعني هذه  الذكريات بأن الهدف هو جعل ابناء المخيم يشعرون بعدم الانتماء والتمسك بهوية ثابتة وثقافة نضالية فلسطينية يجسدها المخيم، ونحن ننظر الى مخيم البارد الذي تربينا فيه على انه عنوان لجوء ونقطة انطلاق من اجل العودة الى فلسطين.
وعن دور المؤسسات الشبابية في ترسيخ الانتماء للمخيم قال: ان عملنا ومنذ الايام الاولى لنكبة البارد كان على اساس خوض معركة وجود لهذا المخيم ونحن خضناها كل في مجال عمله وذلك من توعية الشباب وحثهم على عدم اليأس؛ والتمسك بالمخيم وامعان النظر نحو إعمار المخيم القديم وعدم التفكير بالهجرة، هذه الامور كلها سلسلة مترابطة يجب المحافظة عليها بأي طريقة.
وعن الحالة التي وصلت اليها الامور بالمخيم قال بأن اهل مخيم البارد قدموا كل التسهيلات للجيش وضحّوا بالمال والولد ولكن لم يكافأ ابناء المخيم بما يستحقون من احترام وايفاء بالوعود؛ ولكن للأسف يتعرض ابناء المخيم للمضايقة الامنية دخولاً وخروجاً للمخيم. وهذا امر لا يليق بشعب قدم الكثير من التضحيات.

منال حميد عبد العال (مشرفة البرامج النسائية): بداية يظهر ان الوضع الفلسطيني لا زال يحتل موقعاً اساسياً في السياسة الداخلية اللبنانية لانه في حال مال الفلسطيني الى اي طرف من الاطراف فانه سوف يرجح كفته على الاخر، مع العلم ان الفلسطيني يحاول جاهداً ان يبتعد عن اي تدخل لصالح اي جهة كانت؛ وهذا الامر تم اعلانه من اعلى المرجعيات الفلسطينية في لبنان؛ ولكن هناك من يسعى جاهداً لجر الفلسطيني للاستفادة من ذلك ان سلباً او ايجابياً، وهذا الطعن المقدم من قبل كتلة التيار الوطني الحر الى مجلس شورى الدولة ما هو الا محاولة للاستفادة السياسية لطرف على حساب الطرف الآخر.
وهل يعقل ان يتم الطعن بقرار لجنة الاثار وهي لجنة حكومية اخذت قرارها بطمر الاثار والبناء فوقه؟  وهذه اللجنة ما كانت لتراعي أياً كان لو كانت الآثار التي وجدت ذات قيمة تاريخية مهمة، ولكن إنَّ في الامر ريبة، والقرار بوقف الطمر الذي تم اخذه من قبل مجلس شورى الدولة احبط الكثيرين من ابناء مخيم البارد، وافقدهم الامل بإعادة الاعمار، واليوم اذا سألت اياَ كان عن الاعمار فإنه يبادر للقول لم يعد هناك امل؛ واذا  كلَّمته عن الهجرة فإنه يبادر بالقول (يمكن الامر يكون ارحم من هاي العيشه). اما عن نقل المخيم الى مكان آخر فقالت الاخت منال ان مخيم البارد بات عنوان لجوء لأهله؛ وبات يشكل مركز انتماء لهم ولهويتهم النضالية؛ وهو مخزن الذكريات لابنائه وهذه الافكار تهدف الى تشتيت ابناء المخيم وتهجيرهم او توطينهم، وكل هذه محاولات لطمس حق العودة الى فلسطين، وتدخل في باب المحاولات المشبوهة من اي طرف جاءت فهي  غير مطمئنة.
واكدت بان العلاقة الاجتماعية داخل المخيم ومع الجوار قد دمرت إلى حدٍ بعيد بسبب وجود الحواجز التي عزلت المخيم عن جواره اللبناني ومحيطه؛ وكل ذلك جاء عبر دور سلبي على المخيم والجوار.