خاص/ مجلة القدس

حوار/ م.خ

أيام قليلة سابقة حسمت اللقاء الأخير بين قيادة حركتي "فتح" "وحماس،" المخولتين ببحث ملف  المصالحة، انتهت الجلسات جميعها بفشل حاسم، وآخرها الذي عقد الأربعاء (10-11)، بحيث وصل إلى طريق مسدود في العاصمة السورية دمشق.

واتفقت الحركتان 'حماس وفتح' في الجلسة الأخيرة على استكمال جلسات حوار المصالحة، التي عقدت على مدى يومين برئاسة كل من نائب رئيس المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق ورئيس كتلة فتح البرلمانية عزام الأحمد، إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك.

وعلى الرغم من تفاؤل تصريحات قيادات حماس في الخارج وآخرها تصريح عضو المكتب السياسي للحركة  عزت الرشق، الذي قال أن باب المصالحة الفلسطينية لا يزال مفتوحاً لاستكمال النقاش إلا أن ما يأتي في سياق هذه التصريحات بأن " رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية منتهية ولايته"، وارتفاع وتيرة الاستدعاء والاختطافات اليومية للمئات من أبناء حركة "فتح" من قبل أجهزة "حماس" الأمنية، واستمرار إغلاق وملاحقة مؤسسات أهلية وصحفية وحقوقية يعزز القناعة لدى المواطنين وقيادات العمل الوطني بأن "حماس" غير معنية على الإطلاق بإنهاء ملف الانقسام، وأيضا ترفع من حدة التوتر والحذر في غزة.

ومع كل جلسة حوار يتم انعقادها يرجح محللون وسياسيون أن يكون الفشل هو مصيرها وعدم انجاز أي من الملفات المهمة العالقة وأهمها الملف "الأمني"، في ظل التصريحات المتضاربة لقيادات حركة "حماس" من جهة وممارساتها القمعية على الأرض، التي لا تدع الرهان ايجابيا على أنه يمكن انجاز شيء لصالح ملف قطاع غزة من جهة أخرى.

ويرى محمود الزق "أبو الوليد"، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال ومسؤولها في قطاع غزة، في حديثه للـ"القدس" أن سلوكيات "حماس" على الأرض تأتي ضد مصلحة المواطنين ممن ليسوا تابعين لها في قطاع غزة، وان حملات الخطف والاستدعاء تحديداً، التي تنفذها أجهزتها الأمنية ليست في صالح إنهاء ملف المصالحة ولا توفر المناخ الايجابي لإحداث أي تقدم في الملف، مضيفاً أن سلوكيات "حماس" تحمل في طياتها مؤشرات خطيرة تعبر عن عمق الأزمة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، وترسم صورة قاتمة لمستقبل العلاقات الوطنية، خصوصا وأنها تلاحق أيضا أبناء فصائل العمل الوطني.

واعتبر"إن هذه الإجراءات تعكرّ الأجواء الداخلية، وتضر بقضية الوحدة وإنهاء الانقسام، وستؤثر سلباً على العلاقات الوطنية والمشروع الوطني"

وأكد الزق أنه "تم استدعاؤه إلى مقرات الأمن الداخلي التابعة لحماس، للتحقيق على خلفية عمله في هيئة العمل الوطني وانتقاده لممارسات حماس، مشيراً إلى أن كل هذه الممارسات لا تهيّئ الأجواء الصالحة لطي الصفحة المؤلمة التي فتحها الانقسام البغيض في تاريخ شعبنا".

وطالب الزق عبر"القدس" الأجهزة الأمنية التابعة لحركة "حماس" بالكف عن ملاحقة المواطنين من أبناء حركة "فتح" والفصائل الأخرى، والتراجع عن إجراءاتها التي تتنافى مع كل الأعراف الوطنية، وتتناقض مع القانون الفلسطيني وتتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان التي تقر جميعها حرية الانتماء والمشاركة السياسية، وتكفل الحريات العامة وفي مقدمها حرية التعبير عن الرأي.

ومن جانبها، أكدت تحرير الحاج، عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" وعضو مكتب التعبئة والتنظيم-المحافظات الجنوبية لـ"القدس" أن ممارسات "حماس" على الأرض في غزة لا تعكس تصريحات قياداتها الذين يتشدقون ليل نهار أمام الفضائيات بأن باب المصالحة مفتوح وأن إنهاء الانقسام وتغليب المصلحة العامة على سلم أولوياتهم.

وأضافت الحاج أن "حماس لا تهيِّئ على الأرض في غزة أية أجواء أو بوادر حسن نية تدلل على أنها معنية بتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، ولو أنها معنية بذلك لما رأينا الإستدعاءات اليومية لأبناء وكوادر حركة فتح لمقرات حماس الأمنية، ولما أبقت حماس على المؤسسات الصحفية مغلقة، ولما كممت أفواه الصحافيين، ولما اختطفت مئات بل آلاف من أبناء حركة فتح، ولما أبقت على المختطفين بداخل سجونها، الذين لا يعلم عنهم أحد مثل القائد في كتائب شهداء الأقصى زكي السكني وأخيرا  لو أنها معنية بالمصالحة ما قمعت الناس وخصوصا الأطفال الذين خرجوا بشكل عفوي يشعلون الشموع في الساحات العامة احياء لذكرى الشهيد القائد الرمز أبو عمار بعد أن منعت حماس أية مهرجانات لإحياء الذكرى".

وأشارت الحاج الى أنه خلال الشهرين الماضيين تم استدعاؤها بشكل يومي إلى مقرات "حماس" الأمنية للتحقيق، وتم احتجازها لساعات طويلة في زنازين انفرادية  ومصادرة جواز سفرها وهويتها الشخصية ومُنعت من السفر، مضيفة انها أثناء التحقيق والاستجواب تتعرض للاهانة والسب والقذف بأبشع الألفاظ والشتائم.

وطالبت الحاج القيادة السياسية لحركة "حماس" بتوضيح موقفها من هكذا إجراءات تمس صلب العلاقة الوطنية، والتي يجب أن تكون قائمة على الاحترام المتبادل ووفق الأصول الوطنية المتعارف عليها بين القوى  والفصائل على امتداد تاريخ الثورة الفلسطينية.  

واعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الشعب طلعت الصفدي في تصريح للـ "قدس" أن إجراءات "حماس" على الأرض وما رافقها من حملة استدعاء واحتجاز واسعة طالت الآلاف من أبناء قطاع غزة بما فيهم أساتذة في الجامعات ومناضلون وسياسيون وقيادات عمل وطني، على خلفية سياسية خلال الأيام الأخيرة، لا تبشر بخير وتقوض المساعي المبذولة لإنجاح الحوار الوطني الفلسطيني وتتناقض كلياً مع طبيعة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً على أن التناقض الرئيس هو مع الاحتلال الذي يحتل الوطن، وبالتالي فإن أي محاولة خارج نطاق مقاومة المحتل تعتبر هدية له، ولا يمكن ان تخدم القضية، وتخلق حالة توتر وتناقض ثانوي من الممكن ان يتحول إلى تناقض رئيس.

وقال الصفدي "نحن في حزب الشعب ندين جميع الاستدعاءات التي تقوم بها اجهزة أمن حماس على خلفيات سياسية، وأكدنا أن أية قضية يمكن حلها بالحوار بعيداً عن أجهزة الأمن، وطالبنا حماس بمحاولة خلق أجواء مريحة للمساهمة في إنهاء حالة الانقسام".

وتابع "الأسبوع الماضي استدعت الأجهزة الأمنية التابعة لحماس الدكتور ابراهيم أبراش وطلبت منه التوقيع على تعهد بعدم استخدام حقه في النقد والتعبير عن الرأي، وعندما رفض استدعوه مرة أخرى كما استدعوا محمود الزق عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي، وقبله استدعوا الرفيق وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب ونحن كحزب طالبنا حركة حماس بالوقف الفوري لهذه الإجراءات، لأن شعبنا الفلسطيني لم يعد يحتمل هذه الممارسات التي تمس الحياة اليومية للمواطنين والحريات السياسية وحرية التعبير عن الرأي وتنظيم الفعاليات وفقاً لما ينص عليه القانون".

كما أكد الصفدي أن "حماس" جزء من النسيج الاجتماعي الفلسطيني وجزء من النظام السياسي وعليها أن تلتزم بالقانون وقضايا الناس لا ملاحقتهم، وعليها ان تتوقف فورا عن ممارساتها، حفاظاً على سلامة العلاقات الوطنية الداخلية وتعزيزها لمواجهة خطر الاحتلال.

 

"لي الحق في الحياة وممارسة حياتي بالطريقة التي أريد"

"سبعة استدعاءات وما بين كل استدعاء وآخر رفة قلب وتوتر وقلق وتعب أعصاب وتأخير للأعمال وإضاعة للوقت"، هكذا بدأت القيادية في حركة "فتح" جيهان السرساوي حديثها مع "القدس" بعد أن أخرجت لنا من حقيبتها الاستدعاءات السبعة، مازحة "هذه السبع خرزات والثامنة ملصقة على الحائط أمامي كي لا أنساها فهي في نهاية الشهر".

سبعة استدعاءات بالإضافة إلى ورقة جدول ملصقة على الحائط أمامها تحدد بها أيام وتواريخ وساعات الاستدعاء تحتفظ بها جيهان السرساوي، الموظفة في مركز التخطيط التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو قيادة حركة "فتح" منطقة "الرمال الجنوبي" في إقليم غرب غزة.

وقالت السرساوي التي تمت مصادرة جواز سفرها وهويتها الشخصية ومنعها من السفر للعلاج "في البداية كنت أتوقع انه إجراء روتيني سينتهي، وان الاستدعاء سيكون لمرة واحدة، ولكن تكرار الاستدعاء جعلني أدرك أن هدفهم هو كسر شيء بداخلي"، مردفة "لقد سببت لي الاستدعاءات، مضايقات كثيرة فمن الناحية النفسية جعلتني افقد الثقة بأننا أبناء شعب واحد، لأنني لم أتوقع أن أجلس ذات يوم بمكان حقير مقرف غير نظيف فيه آثار التعذيب والشبح لمن سبقني في الغرفة مما جعلني لا أشعر بالأمان طوال فترة وجودي بمقرات الأمن الداخلي، وكل مرة يزداد إحساسي بالبغض والغضب على جزء من أبناء شعبي وخاصة أنني لم أفكر قط بأن يكون عدوي هو ابن شعبي حتى وان كان من أي تنظيم".

وتابعت السرساوي "كنا في الفترة السابقة وليست البعيدة، نقف مع جيراننا من أبناء حركة حماس دون فوارق، وأذكر حين استشهد أحد شبابنا من كتائب شهداء الأقصي على جبل الريس (فادي عويمر) كان برفقته رامي ابو سخيلة من كتائب عز الدين القسام، استشهد فادي واصيب رامي اصابات بالغة ومنها اصابات في العين، فقمت بالاتصال بدكتور معروف في القطاع، وطلبت منه ان يراقب وضع رامي والحمد لله تم علاجه وكما علمنا قائدنا أبو عمار نحن السباقون دائما إلى الخير".

وأشارت السرساوي إلى أن أخاها يرافقها في كل مرة يتم استدعاؤها فيها، موضحة "كان أخي يجبر أن يبقى معي طوال فترة وجودي في المقرات الأمنية وللأسف عند الاستدعاء لا فرق بين معاملتهم معي وبين معاملتهم لأخي كمرافق لي حيث نبقى نحن الاثنان تحت الإقامة الجبرية في غرفة صغيرة على كرسيين حقيرين محرومين من كل شيء وغير مسموح لنا الحركة إلا بإذن محقق وحراس الأمن الداخلي".

وتابعت "أثناء جلوسي في الغرفة كنت اسمع التحقيق مع الآخرين في الغرف المجاورة، لا اعرف عن جرائمهم الا انهم ابناء فتح فقط، في اكثر من مقابلة جلست وكأني فاقدة للذاكرة، لماذا وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة من الهوان ولكن لا إجابة، مستطردة "في المقابلة الأولى تحقيق واسئلة واجوبة، وفي المقابلة الثانية توجهوا لبيتي أثناء وجودي في مركز التحقيق وصادروا الأجهزة الخاصة بي، حيث تعرضت والدتي لضغوطات نفسية هائلة طيلة فترة غيابي عنها لانها سيدة مسنة ومقعدة وهي مريضة بالسكر، حين أعود أجد مستوى السكر لديها قد تجاوز المدى وزاد عن 600 طوال فترة استدعائى".

وأكملت بأنه طيلة ساعات مكوثها، عندهم لا تتناول شيئا من الطعام مما يسبب لها آثاراً نفسية تعيسة، "لمجرد ذكر أن لديها استدعاء، تبدأ عندها حالات من الإسهال والقيء والعجز والبكاء، تكمل للسرساوي سردها وفي عينيها تساؤلات لماذا يفعلون بي هذا، بعد الاستدعاء الرابع بدأ الناس حولي يتساءَلون لماذا يتم استدعائي وأنا لا أملك جواباً غير اني من بنات فتح، واني فاعلة لا التزم البيت بعد الاستدعاء كما يريدون ان يجبروني أن أفعل، بأن التزم البيت ولا أتواصل مع الآخرين ولكني الحمد لله لا اقلق كثيراً واعتبره أجراء روتينياً، وبعد الاعتقال أعود لحياتي الطبيعية واستمر في العمل واكرر اذا ما تم حظري كابنة لحركة فتح فلن يتم حظري كمواطنة فلسطينية، ولي الحق في الحياة وممارسة حياتي بالطريقة التي ارتئيها مناسبة".

وعبرت السرساوي عما تتعرض له من مضايقات ونميمة من الجيران بسبب الاستدعاءات المتواصلة لها بقولها "تبدأ النميمة في مجتمعنا، لماذا أنت بالتحديد، هنا التشكيك غير المباشر على الرغم أن لا تهمة لي إلا الانتماء للحركة العملاقة فتح، وللأسف هذا ما يحدث في الإطار المجتمعي الفارغ، فأصبح من يلتزم بيته هو السوي، والذي يعمل ويتحرك هو الشاذ في المجتمع، الذي سرعان ما استسلم لما حصل من انقسام".

واكدت أن وضعها المادي تأثر كثيراً "الوضع المادي وللأسف أيضا تأثر فإن موازنتي المحدودة التي تحمل هم والدتي ومرضها وهم الإستهلاكات الشهرية من ماء وكهرباء في ظل الغلاء الفاحش وخصومات القروض وتدني الراتب، مضافاً له أيضا كارثة اخرى وهي مصروفات الاستدعاءات التي تجبرني على استقلال سيارة خاصة للمركز وهذا يتطلب (50 شيقل) للسيارة."

وقالت مازحة "في احدى المرات قلت للمحقق، ان استدعاءَكم لي يكلفني ماليا الكثير، وبالتالي يحق لي أن اطلب منكم بدل استدعاء، فما كان منه إلا أن قال اطلبي ذلك من حركتك أ من منظمة التحرير".

وعلى صعيد العمل قالت جيهان "اصبح دوامي في المركز يسبب الرعب للمديرة والموظفين الذين اعمل معهم، فبدلا من ان يتم التعامل معي بكوني مقهورة ومظلومة اصبحوا يخشون وجودي في المركز، لانه يجلب لهم الأعين، كما ان المديرة اقترحت ذات يوم بأن ألزم البيت وليس لديها مشكلة بعدم مجيئي اليومي إلى العمل، فكم هو سخيف مثل هذ الموقف وخاصة من شخصية تدير مؤسسة تتبع لمنظمة التحرير".

ومن جيهان السرساوي في غرب غزة الى رأفت شاهين، أمين سر منطقة الشهيد "ممدوح صيدم" التنظيمية في اقليم الوسطى، وسط قطاع غزة حيث لا يختلف حال أبناء حركة "فتح" في الشمال أو الوسط عن الجنوب.

 

"طول ما إحنا موجودين رح نضل وراك"

قال ر.ش لـ "القدس" "طرقات سريعة بعد منتصف الليل على الباب، ترك أطفالي ألعابهم  وتعلقوا بأمهم الجميع عيونهم مصوبة نحو الباب، من الطارق؟ نحن الأمن الداخلي.. ماذا تريدون؟ نريد رأفت.. هو ليس بالبيت.. نريد تفتيش البيت ..قالت لا أحد هنا غيري واطفالي الصغار.. افتحي الباب نريد تفتيش البيت، حالة من الصمت والخوف لا رجل بالبيت، نريد تفتيش البيت، حاولت زوجتي ان تستجمع قواها ساقاها لا تحملانها، الطرقات تزداد، افتحي الباب، استجمعت قواها وفتحت الباب.. من انتم؟ ماذا تريدون؟ نريده أين هو؟ قالت هو ليس هنا،  دفعوها ودخلوا لم يبقَ شيء في البيت الا وتناثر هنا وهناك ،  بكى صغاري طويلا على مقتنياتهم وألعابهم؟ لم يفتشوا على السلاح أو أي مواد تحريضية كما يسمونها بل بحثوا عن الكمبيوتر، لم يجدوه، قالوا لزوجتي عندما يعود قولي له ان يأتينا الى المركز ومعه الكمبيوتر واللاب توب وتركوا ورقة صغيرة وذهبوا.

وتابع ش: "ذهبت، سمعتهم ينادون اسمي: اخرج ارفع يديك. ووضعوا عصابة خضراء على عيني. أمك داعية عليك، انتا عارف انتا شو راح يصير فيك؟ امشِ تقدم ارفع قدميك، اصعد على الدرج ارفع قدميك، صوته كان يهز كل شيء من حولي ارفع قدميك هناك درج أخر ثم أدخلوني الزنزانة ارفع يديك وقدمك اذا بتنزلها بصير.. كدمات في كل مكان الظلمة تحيط بي وراودتني ذكرياتي الأليمة ايام التحقيق عند الإسرائيليين في ايام كنا نُعد فيها مناضلين، ونحمل حلم الدولة والحرية، ولكن ما الذي تغير؟ لماذا انا هنا؟ لماذا هذه الظلمة؟ احاول ان اعرف اين أنا، اكتشفت أنني في زنزانة حقيرة عبارة عن مكان للتبول والتغوط". وتابع الرجل "وبعد ساعات لا اعرف عددها أخذوني إلى التحقيق من أنت ما اسمك ما انتماؤك؟ فتح؟ أنت مسؤول بفتح ؟ انتم مجموعة من الخونة، انتم سفلة مارقون، كنت ارفع قدمي وكلتي يدي وهم يسألون وأنا أجيب، ثم سألوني عن قرة عيني صديقي الحميم الذي استشهد من آثار تعذيبهم وقالوا هنا كان، ومن هنا ذهب، وسوف نلحقك به، صرخت فيهم أفضل من أن أكون هنا بينكم، صحوت فإذا بي مقيد وملقى مرة أخرى في زنزانة سوداء وألم كبير في قلبي، ما الذي يحدث؟ هنا توقعت كل شيء في هذه الدنيا إلا هذه اللحظات أن نعامل بهذه الطريقة، هل يحاولون اخذ كل شيء منا حتى حلمنا الكبير؟ ومر الشهداء رأيتهم كلهم من اعرفهم ولا اعرفهم وقلت في نفسي يا ليتني كنت معكم انتم من سبقونا في كل شيء  وتذكرت الخيام والأسلاك والجنود والأسرى وأيام الجوع ومحاولة البقاء تحت الشمس الملتهبة وليل النقب الطويل وبرده القارس. أهذا ما جنيته على نفسي؟ هذه استراحة المقاتلين؟ أم أنا في كابوس مرير؟ وطال هذا الكابوس أكثر حين سمعت الصوت .. أنت قف .. تعلم كيف تخاطب أسيادك .. واضح انك لا تريد أن تعيش بسلام".

يشرح ش."في كل مرة استدعاء، يوم كامل من الانتظار والترقب والتحقيق وأسئلة تعاد كل مرة اسمك تنظيمك وتهكم واستهانة، واستفزاز، وانك لا شيء، ويقزمون كل تاريخك النضالي، وأسئلة مباشرة وغير مباشرة احكِ عن نفسك، هل قابلت المخابرات الإسرائيلية؟ تنفي. يصرّون، كيف وأنت سجنت عندهم؟ قلت للمحقق كانوا يحققون معي مثلكم، فبدأ التهديد بالموت والسجن وما حدا راح يدور عليك وراح تفقد شغلك، أنت نفسك قصير إحنا نفسنا طويل، هذه حكومة أمر واقع لازم تتعايش معاها راضي ولا لا؟  أنت حامل السلم بالعرض، قدم استقالتك من فتح وإحنا راح نسيبك تعيش حياتك بعيداً عن البهدلة طول ما إحنا موجودين راح نضل وراك، إحنا بدنا مصلحتك من وين التمويل؟ من يتواصل اجتماعيا مع الناس من يمدهم بالمساعدات". "وأسئلة أخرى تعكس حالة من اليأس والإحباط والعصبية، وعدم الاهتمام بإنسانيتك وبكل ما هو حولك وتستمر في خنقه دائماً ولفترة تمتد من يوم إلى عشرة تفقد فيها كل ما هو جميل حتى البسمة لأطفالك، ثم تحاول الاستنهاض من جديد لتعود فتتكرر نفس الأحداث والأسئلة بمعنى صراع دائم وقلق وأرق دائم"، يقول بحرقة.

 حتى المؤسسات الصحفية لم تسلم من تضييق "حماس"

ومن قمع الأشخاص الى التضييق والقمع الذي يلاحق المؤسسات الصحفية وإغلاقها وسرقة محتوياتها إلى وسياسة تكميم الأفواه وملاحقة الصحفيين وكتَاب الرأي وتأثيراتها على أجواء المصالحة، بحيث أجمع الكثير من العاملين بالوسط الصحفي أن الطريق ما زال طويلا أمام تحقيق تقدم في ملف المصالحة في ظل هذه الإجراءات والممارسات.

وأكد الصحفي سري القدوة "أن استمرار إغلاق المؤسسات الصحفية من قبل أمن حماس لا يمكن أن يهيِّئ الأجواء لوفاق وطني يطالب به الكل الفلسطيني  وحماس ومنذ سيطرتها على قطاع غزة بقوة السلاح أغلقت وسرقت محتويات المؤسسات الصحفية غير التابعة لها ما شكل مساساً بحياة الصحفيين وبحرية التعبير وبعملهم ومصادر رزقهم".

وأضاف القدوة الذي يشغل رئاسة تحرير جريدة الصباح الصادرة عن مفوضية التوجيه السياسي في مدينة غزة بان "مليشيات حماس قامت بسرقة جميع محتويات جريدة الصباح بعد سيطرتها على مبنى ومكاتب الصحيفة في الرابع عشر والخامس عشر من حزيران 2007".

وأشار القدوة الى أن تلك المليشيا عاثت في مبنى الصحيفة فساداً وسرقت محتوياتها من أجهزة حاسوب وماكينات تصوير وطابعات ومكاتب وأرشيف الصباح البالغ عددها 464 عدداً حيث يحتفظ قسم التوزيع في إدارة الصحيفة بمائتي نسخة أسبوعيا على مدار اثني عشر عاما مضيا ثم عدمت الأرشيف وباعت ما تبقى منه في الأسواق لاستخدامه كورق للف البضائع. وشدد القدوة على أن الحديث عن مصالحة وطنية،  يجب أن يسبقه أولاً منع استمرار تقييد الحريات، ووقف الجرائم بحق وسائل الإعلام الفلسطينية في قطاع غزة ووقف القمع والإرهاب الفكري الذي تمارسه "حماس" على الكتاب والصحفيين الشيء الذي ترفضه كل القوانين ومعاهدات حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية لحرية الإعلام والمنافي للقيم الإنسانية والوطنية الفلسطينية،مطالباً كافة المؤسسات الدولية والعربية وخاصة الاتحاد الدولي للصحافيين ومنظمة الصحافة العالمية والاتحاد العام للصحافيين العرب والنقابات الإعلامية ومنظمات حقوق الإنسان بادانة هذا الإجرام المنظم لحماس ضد الصحفيين وضد الجهد الإعلامي لإعلاميين وكتاب وصحافيين فلسطينيين وعرب ساهموا في رصد أحداث استمرت منذ انطلاقة مسيرة شعبنا نحو التحرر وتحقيق حلم الدولة الفلسطينية .

وقال مدير تحرير وكالة أسوار برس الصحفي محمد أبو زريبة للـ "القدس" عن مدى تأثير اغلاق المؤسسات الصحفية على اجواء المصالحة " باختصار لا يوجد حريات صحفية حتى أصبح كل صحفي يمارس رقابة ذاتية صارمة على ما ينشر خشية الاصطدام بحكومة حماس وبالتالي فان العالم لا يسمع صوتاً آخر من غزة غير صوت واحد هو صوت "حماس"، مردفاً "ولتحقيق أجواء ايجابية للمصالحة يجب اخراج المؤسسة الصحفية من دائرة المناكفات والتجاذبات السياسية،و صون الحريات العامة وحقوق الإنسان وضرورة التراجع الفوري عن كل الإجراءات التي تكرس الانقسام، ويجب فتح كافة المؤسسات الأهلية التي أغلقت والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين على خلفية الرأي أو الانتماء السياسي، ربما حينها بمكن الحديث عن مصالحة".

وبحسب إحصائية حصلت عليها "القدس" من نقابة الصحفيين الفلسطينيين فان "حماس" ما زالت تغلق حوالي 25 مؤسسة صحفية وإعلامية في قطاع غزة وهي: تلفزيون وفضائية فلسطين، وكالة وفا للأنباء، الهيئة العامة للاستعلامات (المركز الدولي)،صوت فلسطين" البرنامج العام،" صوت فلسطين"البرنامج الثاني"، المنطار، صوت الحرية،صوت العمال،إذاعة الشباب، المجموعة الفلسطينية للإعلام، جريدة الكرامة وموقع الكرامة، جريدة وموقع الصباح، مركز الرأي " مجلة الرأي،مركز الموارد الإعلامية، مركز أطلس سبورت، مركز الفينيق، مركز الحدث"ديرالبلح" ومكتب وموقع كنعان ومركز أطلس للتوثيق والإعلام،مكتب وموقع بال برس، مجلة الأشبال والزهرات، مركز التدريب والإعلام التابع لتلفزيون فلسطين المبنى الإداري، منع صحيفة الحياة من التوزيع في قطاع غزة، المركز الوطني للإعلام والاتصال ومكتب أمد للإعلام ومكتب وموقع الفلسطينية.

وعما حدث لاذاعة "صوت العمال" قال رزق البياري، مدير الإذاعة التي كانت تبث من قطاع غزة، للـ"القدس" ان الإذاعة تأسست في 6/5/2002 بتمويل خاص من اتحاد نقابات عمال فلسطين على اعتبار أنها إذاعة ناطقة باسم الطبقة الكادحة في فلسطين، وتقع الإذاعة في الطابق الرابع من مقر اتحاد نقابات عمال فلسطين الواقع شمال غزة، وقامت عناصر "حماس" بداية الانقلاب، بتفجير أبواب الاتحاد لتصل إليها واستخدموا أسلحة لا تستخدم إلا ضد الميركافا وفجروا الحيطان ب 6 عبوات  تزن الواحدة منها فوق ألـ 50 كيلو إضافة إلى قنابل وقذائف وصواريخ بعدد كبير. ثم  وبعد أن دمروا وسرقوا ما سرقوا من مقر الاتحاد صعدوا إلى  الإذاعة وقطعوا البث ودمروا الأجهزة وسرقوا جميع محتويات المكان ثم غادروا...الهجوم المدمر الذي تعرضت له إذاعة صوت العمال في هذا اليوم  أسكت صوتاً ناطقاً باسم عمال فلسطين،فقد أحرقوا غرفة التحكم والاستديو والمكاتب والمكان كله إضافة إلى المتحف الفني الذي لا تقدر قيمته المعنوية بأي مال".

وتساءل البياري "عن أي أجواء مصالحة تتحدثون في الحين الذي لم تكتفِ فيه حماس بتدمير إذاعة صوت العمال عن بكرة أبيها،  بل وسرقت بكل وقاحة البث الخاص بالإذاعة ومنحته كهدية لقناة الجزيرة لتبث راديو خاصاً بـها من قطاع غزة".

ولا يقل حجم خسارة "صوت العمال"عن زميلتها إذاعة "صوت الحرية" بل يزيد ، حين دمرته مليشيا "حماس" وسرقت محتوياته إلا أن الأخيرة تعافت وأعادت البث من مدينة رام الله.

وكشف رئيس مجلس إدارة" صوت الحرية" مجدي العربيد للـ"قدس" ان الخسائر بلغت اكثر من نصف مليون دولار، ومصادرة أكثر من 2500 متر لوحات إعلانية منتشرة في قطاع غزة، وأيضا المطبعة والتي تقدر بحوالي مائتي ألف دولار التي كانت تملكها شركة المحيط التي تتبع صوت الحرية، مؤكداً أنه سواء حدثت مصالحة أم لم تحدث فإنهم متمسكون بحقهم في مقاضاة حركة الانقلاب لإعادة جميع ممتلكاتهم.

أين نقابة الصحفيين من كل ذلك؟

وأين نقابة الصحفيين من كل ذلك؟

 سؤال طرحته "القدس" على عضو الأمانة العامة بنقابة الصحفيين سامي العجرمي الذي أوضح بأن حال النقابة كمؤسسة صحفية تنشط في قطاع غزة، ليس أفضل حالاً من المؤسسات الصحفية الأخرى، مشيراً إلى أن "الأمن الداخلي التابع لحركة حماس حاول قبل شهر اغلاق مقر نقابة الصحفيين الواقع وسط مدينة غزة، الا أنهم جوبهوا برفض وتمرد من الوسط الصحفي، لأن للنقابة امتدادها العربي والدولي والاقليمي في العمل وتقدم خدمات كبيرة للصحفيين وبالتالي كان من الصعب فرض الأمر الواقع عليها، مؤكداً أن النقابة تمهد لانتخابات قادمة ولايجاد صيغة لعمل انتخابي سليم يحيدها بالكامل عن التجاذبات السياسية. وأعرب عن سعي النقابة لوضع نظام داخلي يسري على الجميع بما فيه العضويات وشروطها لأن النقابة لا يجب أن تكون حكراً على أحد أو على تنظيم معين".

وأشار العجرمي الى ان عرقلة عمل النقابة ستحرم الصحفيين من خدمات كثيرة تقدمها لهم مثل تنسيقات السفر وبطاقات التعريف ودورات تطويرية واحتضان للخريجين، بل أنها تسعى لجلب موازنات لتدريب هؤلاء الخريجين في وكالات الأنباء ، بحيث لا يكونوا عبئاً على هذه المؤسسات الصحفية".

وتابع العجرمي إن "حماس" أصدرت حكما من المحكمة بعدم ممارسة النقابة لعملها  وطالبت الصحفيين بعدم التعامل معها بعد الانتخابات الأخيرة مما شكل خرقا قانونيا واضحا وانتهاكاً ومساساً بالحريات الصحفية والإعلامية وكان موقف اتحاد الصحفيين واضحا بهذا الشأن حين ساند ودعم النقابة بالكامل بصفتها مؤسسة عربية ودولية.

وأشار العجرمي إلى انه تمت سرقة الحاسوب الخاص بالنقابة، شارحا "كان من الواضح انها سرقة معلومات لتعطيل عمل النقابة، إذ فقدنا قاعدة بيانات ضخمة أعددناها، وطالبنا حماس التحقيق بالحادث وحملناها المسؤولية بصفتها المسؤولة عن الأمن في قطاع غزة الا  انه لم يكن هناك أية استجابة لنا"، معربا عن أسفه كون النقابة لا تمتلك قانوناً ولا سلطة تستطيع من خلالها فتح المؤسسات الصحفية المغلقة، حيث ان قرار إغلاقها هو قرار سياسي بالأساس وبحكم القوة"، مسترسلاً "حتى ان المؤسسات الحقوقية يتم إغلاقها وتعطيل عملها، وللأسف فان كل من ينقد سلوك حماس السياسي والعسكري في قطاع غزة يتعرضون له بكل أشكال القوة".

وأكد العجرمي على أن قمع "حماس" للحريات الصحفية بغزة أدى إلى خلق "لون واحد من الإعلام بالإضافة الى خلق رعب لدى الآخرين من الاقتراب ومساس قضايا الناس. باختصار ادخلوا شرطي داخل كل قلم، وأدخلوا كل المؤسسات الى حالة الانقسام فأصبح الصحفيون يكتبون بشكل حيادي ولكنه ليس حيادياً موضوعياً، بحيث أنه لا يمكنهم انتقاد "حماس" ولا الكتابة عن انتهاكاتها في غزة أو عن الاعتقالات والملاحقات بحق المخالفين للرأي"، لافتاً إلى سرقة ترددات الإذاعات المغلقة. وقال ان "قرار اغلاق المؤسسات الصحفية في قطاع غزة أدى الى خروج مهين لعشرات الصحفيين من مجال العمل مما أثر على مستواهم المهني وأدائهم اضافة الى أن المؤسسات التي ما زالت تمارس عملها أصبحت تخشى اغلاقها، أي ان اغلاق بعض المؤسسات خلق رادعاً وخوفا لدى المؤسسات الاخرى، وأصبحت أي مؤسسة لا تتبع لحماس أو لا تنطق باسمها في عداد المغلقة حتى لو كانت أبوابها مفتوحة".

وختم العجرمي للـ"قدس" أن ملف الصحفيين والمؤسسات الصحفية حالة قوية على الأرض في قطاع غزة ولا يمكن انكارها بتصريح من هنا أو هناك لقيادات حماس وبالتالي كيف سنقول أن هناك تحركات ايجابية للمصالحة وأي أثر سنقيس؟!

وأما الصحفي محمود الجمالي ، مدير عام الفلسطينية، فيرى أن جهود المصالحة حد اللحظة لم تسفر عن شيء أو عن بوادر حسن نية على الأرض، فما زالت نبرة التعصب، والخطاب الإعلامي الذي ينشر الكراهية وأعمل الحقد ومزق النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وخلق حالة حقد غير مسبوقة على الساحة الفلسطينية مما شكل أرضية للثأر والانتقام، وساهم في شحن المزيد من المناخ الفلسطيني بالتخوف من الإقدام على أي مشروع مصالحة خشية حدوث ما لا تحمد عقباه.

وبرأي الجمالي فإن أسوأ ما لا تحمد عقباه هو قضية الضحايا الذين سقطوا في أحداث الانقلاب أو من قتلوا بتهم مختلفة كالعمالة وغيرها خارج إطار القضاء والمحاكمة العادلة.

وفي ذات الإطار، لا يخرج الناطقون الرسميون باسم حركة "فتح" في قطاع غزة من دائرة المنع والقمع التي تفرضها حركة "حماس" على حرية التعبير والاختلاف، فما زالت أجهزتها الأمنية تفرض الإقامة الجبرية في قطاع غزة على الناطق الاعلامي باسم حركة فتح الدكتور فايز ابو عيطة وتمنعه من الحديث باسم الحركة وصادرت هويته الشخصية وجواز السفر الخاص به منذ قدومه من رام الله إلى قطاع غزة.

وأكدت مصادر من حركة "فتح" أن "حماس" تمنع الدكتور أبو عيطة حتى من المشاركة في الندوات وورشات العمل الوطنية التي تعقدها المؤسسات في قطاع غزة، أياً كان الموضوع الذي تطرحه وتعالجه.

وقالت المصادر ان الدكتور ابو عيطة شارك قبل شهر تقريباً في اجتماع وطني ضم ممثلين عن الحركتين لبحث إجراءات تهيئة أجواء المصالحة إلا أنه تم استدعاؤه بعد ذلك ومعاقبته من قبل جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس وتم تهديده بإعادة استدعائه يوميا.

وقالت المصادر "انه لا يوجد حاليا مفوض إعلامي لحركة "فتح" في قطاع غزة بعد أن منعت "حماس" يحيى رباح من ممارسة مهامه كمفوض اعلامي هناك.

وأخيراً ليس هناك مقدس في السياسة أو في وعود السياسيين وبالتالي فان أية اجراءات لبناء الثقة على الأرض في قطاع غزة أو لتهيئة الأجواء لتمهيد الطريق أمام تحقيق المصالحة الوطنية، شبه معدومة، وبالتالي فقد أجمع ضيوف ملف "القدس" على أن من يريد انهاء الانقسام لا يسعى ليراكم ملفات جديدة وأحقاد جديدة ربما يصعب حلها بعد ذلك.