بقوة الحديد والنار، قمعت عناصر مسلحة من حركة "حماس" المئات من المواطنين الثائرين على غلاء الأسعار والمطالبين بحياة كريمة في قطاع غزة، موقعةً إصابات بالرصاص الحي وبآلات حادة وهروات كهربائية.

حراك شبابي ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعوا لتنظيم فعاليات احتجاجية في مختلف مناطق قطاع غزة، مساء الخميس، سيما في شمال القطاع وتحديداً في منطقة "الترانس" بمعسكر جباليا، احتجاجاً على غلاء الأسعار وفرض ضرائب جديدة على السلع التموينية، والمطالبة بتحسين حياة الناس وتوفير حياة كريمة لهم.

قابلت "حماس" دعوة الحراك الشبابي ونشطاء التواصل الاجتماعي بحملة اعتقالات واستدعاءات طالت عدداً من القائمين على الفعالية الاحتجاجية، منذ أيام وزجت بهم في مراكز تحقيق وسجون تابعة لها في غزة.

ورغم حملة الاعتقال في صفوف النشطاء، إلا أن العشرات منهم واصلوا الدعوة للفعالية الاحتجاجية على غلاء الأسعار ورفع الضرائب، ونزلوا إلى الميادين في منطقة التراس بجباليا ووسط مخيم البريج ووسط مدينة دير البلح وسط القطاع، وبعض المخيمات والمدن في القطاع، ووجهوا بقوة السلاح من قبل عناصر ملثمة ومسلحين بالزي المدني والعسكري يتبعون لحماس، ما أوقع إصابات بعضها خطيرة.

وأقامت حماس عشرات الحواجز العسكرية ونشرت عناصرها المسلحة والملثمة على شوارع رئيسية ومفترقات طرق في مختلف مدن ومخيمات القطاع، لقمع الفقراء والغلابة المطالبين بتحسين وضعهم المعيشي ورفع الظلم عنهم جراء فرض الضرائب وزيادة أسعار المواد الأساسية كالدقيق وخفض وزن الخبز وضريبة على مواد تموينية.

واعتلى عناصر مسلحة من حماس أسطح منازل وبنايات في جباليا بمحيط منطقة الترانس لمراقبة ورصد حركة تنقل المركبات والمواطنين الوافدين إلى مكان التجمع الاحتجاجي، وشنوا اعتقالات واختطاف في صفوف الشبان، عقب سحلهم وضربهم بالعصي وبالبنادق الرشاشة، وسط إطلاق نار كثيف، رغم صراخ أمهات وشقيقات المختطفين.

محللون سياسيون واقتصاديون رأوا أن الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعشه المواطنون في غزة، بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من 12 عاماً فاقم حياة المواطنين، وما زاد الطين بلة ما قامت به حماس من فرض رسوم وضرائب على المواد التموينية ورفع أسعار الدقيق والسجائر وزيادة الرسوم على أصحاب شاحنات نقل البضائع.

وأكدوا فرض الرسوم والضرائب في الوقت الحالي ليست ضرورة، خصوصاً مع ما تشهده الأسواق من حالة ركود وانهيار اقتصادي غير مسبوق.

ووفقاً للمحللين، فإنه تم في 18كانون أول/ديسمبر الماضي إعادة تفعيل أذونات الاستيراد برسوم على نحو 95 سلعة واردة لغزة، مؤكدين وجود فجوة في الأسعار بين البضائع المنتجة محلياً والمستوردة، جراء الضرائب الجديدة التي لم تتوقف رغم اعتراض عدد كبير من المستوردين.

أما مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة، فأوضح أن الأزمات باتت أكثر تعقيداً، وأصبحت الاحتياجات الإنسانية تزداد اتساعاً وواجهت الأسر صعوبات حقيقية في تأمين الغذاء، ومياه الشرب النظيفة، وامدادات الطاقة، وتراجعت مستويات الرعاية الصحية، وجودة التعليم، وتفشى الفقر، وارتفعت معدلات البطالة.

وقال قيادي في الجبهة الشعبية: "ما يجري الآن من شأنه أن يفاقم الأزمة الداخلية في القطاع ويضعف الصمود في مواجهات المخططات المُعادية...ندعو أجهزة أمن (حماس) للتوقف عن القمع فوراً لكل من خرج ليعبر عن رأيه رفضاً للغلاء...يجب الاستماع إلى رأي الناس والعمل على حل قضاياهم بأسرع وقت ممكن".

وبين أنه لا يمكن دعوة الناس غداً (الجمعة) للحدود وفي نفس الوقت يجري قمع الأصوات التي تنادي برفض الغلاء...رسالتنا للشباب عدم الاعتداء على الممتلكات العامة، وتوحدوا من أجل أن تفرضوا حقكم في التعبير عن آرائكم في إطار نضال مطلبي ديمقراطي عادل.

من جهته، اعتبر مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني، أن احترام حرية الرأي والتعبير، وحرية التظاهر السلمي كلٌ لا يتجزأ، ومن يطالب الاحتلال الإسرائيلي باحترام هذه الحقوق، عليه أن يحترمها هو احتراماً لأبناء شعبه، ولحقوقهم ولكرامتهم.

وشدد على أن ما حدث في مخيم جباليا من اعتداءٍ على المتظاهرين السلميين مساء اليوم الخميس، غير مبرر ومدان بأشد عبارات الإدانة، ويجب ضمان عدم تكراره، واتخاذ الإجراءات التي تكفل منع مثل هذا السلوك غير القانوني.

واستنكر المركز بشدة فض أجهزة أمن حماس بالقوة مسيرات سلمية نظمت في عدة مناطق في قطاع غزة، بدعوة من "الحراك الشبابي" للمطالبة بتحسين الأوضاع الحياتية، والاعتداء على المشاركين فيها بالضرب والاعتقال.

وطالب المركز بالتحقيق الجدي في هذه الاعتداءات وتقديم مقترفيها للعدالة، مؤكداً أن حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي حقوق مكفولة بالقانون الأساسي الفلسطيني لا تتجزأ ولا يجوز مصادرتها تحت أية ذريعة، أن من يطالب الاحتلال باحترام حرية الراي والتعبير والحق في التظاهر السلمي من الواجب علية احترامها أولا.

وخرج آلاف المواطنين من مختلف الأعمار إلى الشوارع في عدد من مدن القطاع سيما في شماله ووسطه، للمطالبة بحياة كريمة، وإلغاء كافة الضرائب الجمركية الجديدة على السلع والمواد التموينية والبضائع، رافعين شعارات ضد الغلاء وضد من يفرضون ويقرون الرسوم الإضافية على المواد التموينية.