جويد التميمي.

رغم مرور 89 عاما على إعدام أبطال "ثورة البراق" عطا الزير، ومحمد جمجوم، وهما من مدينة الخليل، وفؤاد حجازي من مدينة صفد داخل أراضي الـ48، في سجن القلعة بمدينة عكا من قبل قوات الانتداب البريطاني، إلا أن ذكرى اعدام هذه الكوكبة لا زالت حاضرة في قلوب كافة أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.

في مثل هذا اليوم من عام 1930، شهدت فلسطين ملحمة بطولية لم يشهد لها التاريخ مثيلا، تم إعدام هؤلاء الأبطال الذين تسابقوا الى حبال المشانق وقهروا بإيمانهم وإرادتهم الصلبة وصمودهم أمام السجان البريطاني.

حفيد الشهيد البطل عطا الزير، الحاج محمد وليد الزير الحسيني (69 عاما) روى الحكاية لــ"وفا" حسب ما نقلته له والدته قائلا: "حين أعدم جدي كان عمر والدتي يزيد عن 10 سنوات وكان الحزن يعتصر قلبها عليه، فشدها جدي وقال لها "لا تحزني نحن أبطال فداء لفلسطين وليفتخر بنا شعبنا على مر العصور وأرواحنا ليست أغلى من هذا الوطن المقدس".

وتابع حسب رواية والدته: "قدم الانجليز لاعتقال جدي من منطقة عين شمس بالمدينة، حيث كان يقطن حي واد الزرزير، والذي يسمى اليوم بضاحية الحسين غرب مدينة الخليل، وتزامن ذلك مع مداهمة الانجليز المكان لاعتقاله، فاقتادوه برفقة 26 شخصا من الضفة الغربية، خاصة من مدينتي الخليل والقدس، ممن شاركوا بالدفاع عن حائط البراق في الثورة التي اندلعت بتاريخ 14 آب/ أغسطس من عام 1929، وحكم عليهم جميعا بالإعدام في البداية، لينتهي الأمر بعد تدخل دول عربية بتخفيف هذه العقوبة عن 23 منهم إلى السجن المؤبد، مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير".

وأضاف، "قصة جدي عطا وهؤلاء الأبطال بدأت بعدما قامت الشرطة البريطانية باعتقال مجموعة من الشبان الفلسطينيين بعد اندلاع ثورة البراق، التي بدأت عقب تنظيم اليهود مظاهرة ضخمة عام 1929 بمناسبة ما أسموه "ذكرى تدمير هيكل سليمان" أتبعوها في اليوم التالي بمظاهرة ضخمة في شوارع القدس، حتى وصلوا إلى حائط البراق، وهناك راحوا يرددون "النشيد القومي الصهيوني"، بالتزامن مع شتم المسلمين، وصادف ذكرى المولد النبوي الشريف اليوم الذي تلا مظاهرة اليهود وكان يوم جمعة حيث توافد المسلمون ومن ضمنهم الشهداء الثلاثة للدفاع عن حائط البراق، فوقعت صدامات عنيفة عمت معظم ارجاء فلسطين وكان أشدها في منطقة شمال الخليل".

وتابع: "قبل إعدامهم بعدة أيام ذهب عدد من أقاربنا لزيارة جدي في سجن القلعة بمدينة عكا وكان بينهم ابن عم جدي، الحاج رشاد وهو أحد وجهاء عائلتنا، فطلب منه جدي تهريب سلاح له بالطعام اصرارا منه على مواصلة النضال ومقاومة الانجليز حتى وهو داخل السجن".

وقال الحفيد حسب والدته، إن "يوم اعدامهم أعدم أولا فؤاد حجازي أصغرهم سناً، ومن ثم زاحم جدي عطا رفيق دربه محمد جمجوم لتنفيذ الحكم فيه غير آبه بالموت فرفض محمد جمجوم، عرض جدي وأعدم أمامه، ثم تقدم جدي للإعدام طالبا أن ينفذ حكم الإعدام به دون قيود، إلا أن طلبه رفض من قبل السجان الانجليزي فحطم جدي قيده وتقدم نحو حبل المشنقة رافعا رأسه فرحا بالشهادة لأجل فلسطين ومقدساتها، غير خائف من الموت".

 وأردف، لا زالت مقاماتهم في مدينة عكا داخل أراضي الـ48 شاهدة الى يومنا هذا على إعدامهم، نزورها ونترحم عليهم، وأهالي عكا حافظوا عليها ورمموها.

وبين الحاج محمد وليد، أن احتجاجات واسعة اندلعت في فلسطين عقب إعدام هؤلاء الشهداء الأبطال خاصة في الخليل والقدس، لكن قوات الانتداب البريطاني قمعتها بقوة.