تقرير: بسام أبو الرب

في غرفة تصل مساحتها 25 مترا مربعا، يمكن لزائر مركز حمدي منكو التابع لبلدية نابلس، أن يسمع ضجيج المطارق، يعلو تارة وينخفض اخرى، في مكان يعتبر الهدوء أحد سماته.

تتوسط مشرفة الفنون التشكيلية واليدوية في المركز، ميس أبو صاع، أكثر من 21 طالبة، تجمعن حول لوحة فنية لسيدة بفستان مرصع بالورد، جرى استخدام قطع " السيراميك" لإنجازها، عوضا عن أحجار الفسيفساء، والتي يصل ارتفاعها الى ثلاثة أمتار بعرض المتر ونصف.

"سيدة الربيع" تلك اللوحة التي شارفت على الانتهاء بأيدي الطالبات، اللواتي التحقن بمشروع من خلال مركز تأهيل الفتيات التابع لوزارة التنمية الاجتماعية، بالشراكة مع مركز حمدي منكو، يتيح الفرصة أمام الفتيات لتعلم انجاز لوحات فنية بواسطة استخدام مخلفات "السيراميك".

"مدة المشروع شهر واحد تحصل من خلاله الفتيات على شهادة من بلدية نابلس، وتتيح المجال أمامهن لتعلم مهن وحرف، ليصبحن مؤثرات في المجتمع"، حسب ما تقول مسؤول الانشطة اللامنهجية في مركز تأهيل الفتيات التابع لوزارة التنمية الاجتماعية، سهى الترتير.

"تتراوح أعمار الفتيات ما بين 14 الى 20 عاما، تدربن على كيفية استخدام طرق لتدوير مخلفات " السيراميك"، والاستفادة منها في انجاز لوحات فنية تفجر مواهبهم وتعبر عما يدور في اذهانهن"، تضيف الترتير.

وتشير الى أن هناك عددا من المشاريع من خلال الرسم على الزجاج، اضافة الى مشاريع مستقبلية مثل فنون الطهي والرسم على الفخار.

تحاول الطالبة رندة قادوس (20 عاما)، من بلدة بورين جنوب نابلس، أن تنمي مهاراتها في تعلم الفن، وتنسيق الألوان التي تعتبر آلية التعامل معها واستخدامها بطريقة معبرة، بالتزامن مع دراستها فنون التصوير الفوتوغرافي.

تقول قادوس: "المرأة في مجتمعنا لديها مواهب، لكن بحاجة الى مزيد من التشجيع، عبر الالتحاق بمثل هذه المشاريع، التي تعطيها الفرصة للتعبير عما يدور بداخلها، ولتصبح فاعلة وقادرة وعنصرا منتجا".

وتضيف، "العائلة بشكل عام قدمت التشجيع اللازم للمشاركة في هذه المشاريع، التي تتيح المجال أمام الفتيات لتعلم الحرف على الصعيد المهني، وتقوية وتمنية الشخصية وكيفية التحمل والصبر على الصعيد الشخصي".

لحظات من الصمت خيمت على المكان بعد أخذ الجميع يراقب لوحة سيدة الربيع، لتخرج الفنانة ميس أبو صاع التي ترى بالصمت والعزلة حاجة ملحة للفنان لإخراج مكنوناته.

تقول أبو صاع: "تعودنا على حالة استثنائية من الضجيج الأحد والثلاثاء من كل أسبوع، واليوم ونحن نضع اللمسات الاخيرة على اللوحة، سنشتاق الى تلك اللحظات التي جمعتنا بفتيات مبدعات تقاسمن حب الفن".

تضيف أبو صاع التي أنجزت عددا من اللوحات الفنية والجداريات، "مشروع التعلم بواسطة استخدام مخلفات "السيراميك" عوضا عن الفسيفساء، كان من اجمل المشاريع التي دربنا واشرفنا عليها في مركز حمدي منكو"

"سيدة الربيع جاءت الفكرة برسم سيدة ترتدي فستانا مرصعا بالورود، وتنثر المزيد منه فيما يتطاير الفراش من حولها، كناية عن الحرية، فيما تحمل اللوحة معاني اخرى تعبر عن المرأة التي هي الرفيقة والوطن والحياة". تتابع أبو صاع.

وتشير الى أنه جرى استخدام مخلفات السيراميك، التي تتلاءم وكافة الظروف الجوية، رغم صعوبة التعامل معه في بعض الأحيان، وذلك في اطار مشروع اعادة التدوير وبسبب التكلفة المرتفعة لأحجار الفسيفساء.

وتقول: "بعد اسقاط الرسم على ألواح من الخشب، ولصق احجار السيراميك، سيتم نقلها على لوحة كبيرة ايذانا بسكب الإسمنت فوقها مع بعض المواد اللاصقة لتصبح جاهزة لوضعها على احد الجدران".

ايام قليلة بقيت حتى الانتهاء من الجدارية، سترى الفتيات من خلالها اعمالهن على الجدران، التي تحمل الكثير من المعاني، لتقف كل منهن تتذكر تلك اللحظات التي امضينها معا.