من أطرفِ ما يمكن أن نقرأ من تصريحات في شؤون السياسة، تصريحات القيادي الحمساوي محمود الزهار، فهي "خفيفة الدم" الإعلاني إن صحَّ التعبير، وكاريكاتورية بشعبوية مفرطة، وكثيرة الوعود المحمولة على قِيَم الاستعراض الاستهلاكية! أحدث هذه التصريحات ما جاء في مقابلة للزهار مع فضائية الجزيرة القطرية مؤخّرًا، التي قال فيها إنّه "في لحظة رفع الحصار عن قطاع غزة من الجانب المصري (..!!)، فإنَّ حجم التبادل التجاري مع مصر سيبدأ بمليار دولار، ويمكن أن يصل فيما بعد إلى سبعة مليارات دولار"، أي والله هذا ما قاله الزهار بالصوت والحرف الواحد، سبعة مليارات دولار بالتمام والكمال!!..

وفي الواقع لا بدَّ من السؤال هنا، من أين هذه المليارات الابتدائية لتحقيق هذا التبادل التجاري، والقطاع يعاني من حصار إسرائيلي خانق منذ عشر سنوات؟! أين هي الدورة الاقتصادية المنتِجة والمزدهرة في قطاع غزة، ما يسمح بتبادلٍ تجاري على هذا المستوى؟؟ وهل هناك لإمارة حماس ميزان تجاري له ما له من صادرات وواردات، يسمح بتوقُّع من هذا النوع؟؟ نعرف أنَّ هناك مئات الملايين من الدولارات في خزائن "حماس"، جمعتها من الضرائب القسرية وغير القانونية، وجمعتها من تجارة الأنفاق، والسوق السوداء التي يُباع فيها الدواء المجاني الذي تورده وزارة الصحة، والمساعدات، والتبرعات، والسولار المسروق، والاسمنت الذي تستحوذ عليه ميلشياتها، (خليل الحية اعترف أنَّ لحماس هذه الملايين، وقال إنَّ مال حماس لحماس..)، نعرفُ ذلك جيّدًا كما يعرفه أهلنا في غزة، لكن أين هي؟ وما هي الصادرات التي يُمكن للقطاع أن يُصدِّرها في تبادل تجاري قيمتُه مليار دولار في عملياته الأولى؟! أيُّ وَهمٍ يحاول الزهار في هذا "العرط" الاستعراضي، تسويقَه لأهلنا في القطاع المكلوم..؟! لكنَّ هل الأمر أمرُ وهمٍ للتسويق فحسب، أم أنَّه أيضًا رسالة "مبايعة" لمشروع الخديعة الإسرائيلي؟ مشروع الجزيرة الصناعية في مياه بحر غزة، الرامي لتكريس الانقسام، وإنعاش تخيلات الإمارة الحمساوية، الذي طرحه وزير الاستخبارات والمواصلات الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" والهادف أساسًا إلى تدمير المشروع الوطني، مشروع دولة فلسطين الحرة المستقلّة، من رفح حتى جنين بعاصمتها القدس الشرقية!!

نعتقدُ، وبقدر عالٍ من الجزم، أنَّ الأمر فعلا هو أمرُ وهمٍ ومبايعةٍ، وبين محاولات تسويق هذا الوهم و"المبايعة" المجانية لمشروع الخديعة الإسرائيلي، تتقافز تصريحات الزهار على حبال سيرك المشاريع الإقليمية المشبوهة، المشدودة حتى اللحظة بتقنيات وتمويلات التحالفات الانتهازية، وبتعليمات وغوايات جماعة الإخوان المسلمين وأحلامها المريضة، وهذا ما يجعلها رغم غاياتها وأهدافها الانفصالية والانقسامية، بالغةَ الطرافة لكنَّها الطرافة التي تدفع إلى القول حقًّا إنَّ شر البلية ما يضحك..!!