إحياءً للذكرى السنوية التاسعة والستين لنكبة فلسطين والذكرى العاشرة لنكبة نهرالبارد، وتضامنًا مع أسرى الحرية والكرامة، ودعمًا لصمودهم في معركة الأمعاء الخاوية، نظّمت حركة "فتح" في مخيّم نهر البارد مهرجاناً سياسيًا حاشدًا اليوم الثلاثاء ٢٣-٥-٢٠١٧، بحضور رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية في عكار فضيلة الدكتور مالك جديدة، ورئيس بلدية ببنين د.كفاح كسار، ومختار بلدة المحمّرة أحمد سلمى، وممثّلي الفصائل الفلسطينيّة واللجان والحراكات الشّعبيّة، كما شاركت كوكبةٌ من فعاليّات ووجهاء مخيّمات الشّمال وقرى الجوار، إضافة إلى جموع غفيرة من أهالي نهرالبارد وشخصيّاته الدّينية والوطنيّة والتربوية والإعلامية والاجتماعية.

بدايةً رحَّب محمد أبو عرب بالوفود والجماهير المشاركة، متوجِّهًا بالتحية إلى شهداء فلسطين ولبنان وإلى أسرى الحرية والكرامة وإلى المرابطين في القدس، ثُمَّ قدّم مادة شرح فيها تطورات القضية الفلسطينية منذ نكبة العام 1948 مروراً بانطلاقة الثّورة الفلسطينية وحتى يومنا هذا.

ثُمَّ كانت وصلة شعرية وطنية قدَّمها الشاعر الفلسطينيّ القادم من غزة نائل مصبح، إذ جسَّدت أبياته المعاناة الفلسطينية.

وبعدها جاءت كلمة د.كفاح كسّار، حيث قبّل العَلم الفلسطيني عند صعوده للمنبر، قائلا: "إنه لشرف لي أن أقف أمامكم وعلى كتفي عَلم فلسطين، وحطة الشعب الفلسطيني المقاوم".

وأضاف: "إنَّ القضية الفلسطينية هي جزءٌ من عقيدة الأمة من محيطها إلى خليجها، ومن يفرِّط في هذه القضية كمَن يفرط في دينه وعرضه وكرامته".

وتحدث كسّار عن زيارته لغزة، قائلاً: "لقد نلتُ شرف زيارتها، ورأيت عزة عند شعبها ما لم أره في هذا الوجود، ولو قُدِّر لهذا الشعب أن يتغلغل في العالم العربي لبثّوا في روح الجنين في رحم أمه روحًا نضالية ملؤها الكرامة والعزة". ودعا الفلسطينيين كافةً إلى ضرورة وحدة الصف الفلسطينيّ، وإنهاء الانقسام البغيض الذي يعتبر هدية مقدمة لإسرائيل.

وأكد مقولته الشهيرة: "إنَّني فلسطيني الهوى ولبناني الجنسية"، مضيفاً:"إنني فلسطيني الهوى والهوية والجنسية ولي كلّ الفخر.. وأحمل الجنسية اللبنانية، ولي الفخر بذلك أيضاً".

ثُمَّ خاطب أهالي نهر البارد قائلاً: "لقد قدَّمتم التضحيات الكبيرة التي التحمت مع أبناء الجيش اللبناني لطرد الشرذمة الذين شوّهوا صورة الإسلام"، ولذلك طالب كسّار دولته اللبنانية بإنصاف أهالي مخيّم نهر البارد وإعادة كامل حقوقهم، وإعادة المخيّم إلى سابق عهده ليكون لؤلؤة عكار كما كان، وليعود خزّانها التجاري والاقتصادي، كما دعا إلى تسهيل عمليات الدخول والخروج من وإلى المخيم.

بدوره ألقى رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية في عكّار فضيلة الدكتور مالك جديدة كلمةً من وحي المناسبة، حيّا فيها شهداء وشباب ونساء ورجال وأطفال وأسرى فلسطين والمرابطين في القدس دفاعًا عن الأقصى المبارك.

وقال: "لقد جئنا اليوم لنجدِّد العهد لأقدس وأعدل قضية، ولنجدِّد فقه الأولويات في جهادنا، ففلسطين هي على رأس قائمة الجهاد، وإنَّ المؤامرة التي دبَّرها العالم في حالة غفلة وضعف من أمتنا لا يمكن أن نصادق عليها، ففلسطين ستبقى عربية لشعبنا الفلسطينيّ المكافح"، مضيفًا: "نحن قومٌ مهما ألهيتمونا بالفتن الداخلية، لن نُضَيِّع فلسطين وجهادنا المقدس هو في القدس وللقدس ومن أجل القدس، وفلسطين هي سورة من القرآن هي قلب القرآن سورة الإسراء..  ومَن يستطيع أن يُلغي سورة الإسراء حتى يلغي فلسطين؟!".

ثُمَّ تطرَّق للحديث عن تاريخ القضية الفلسطينية وكيف تآمر العالم لاقتلاع شعب فلسطين، الذي لا يركع إلا لله، من أرضه ظلمًا وبهتاناً.

وأشار إلى أنَّ النكبات التي حاقت بالشعب الفلسطينيّ هي أوسمةُ شرفٍ لهم لأنَّهم يدافعون عن أقدس قضية، ورأى أنَّ كل ما يجري على أرض فلسطين يُخلِّد في ذاكرة أبنائنا بأنَّ فلسطين فيها رابط العقيدة والعروبة ورابط الشعب الأعز.

وأضاف: "واثقون بأنَّ القضية ستنتصر، وأنَّ العرب ما ذاقوا الويلات إلّا لأنَّهم فرَّطوا بأغلى الغاليات فلسطين، وإنَّ عقوبة الله لحقت العرب، لأنَّهم لم يدافعوا عن مقدّساتهم في فلسطين".

وتابع مخاطباً الشعب الفلسطينيّ: "لا تُسقِطوا الراية، ولا تُسقِطوا غصن الزيتون كما قال نسر فلسطين والعرب أبو عمار".

واختُتم المهرجان بكلمة حركة "فتح" ألقاها أمين سرّها في الشمال أبو جهاد فيّاض، حيث قال :"تسعة وستون عاماً من عمر النكبة وما زال شعبنا مصرّاً على بلوغ الأهداف الوطنية في الحرية والاستقلال، والعودة إلى أرض الآباء والأجداد التي طُرِدوا منها قسراً بفعل مؤامرة دولية وتواطؤ عربي رسمي".

وتابع: "إنَّ ما حل بالشعب الفلسطيني جرّاء هزيمة الأمة العربية أمام المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري أدّى إلى وقائع مؤلمة، وجرائم ومجازر من العصابات الصهيونية أدَّت إلى تشتيت الشعب الفلسطيني عن أرضه إلى دول الطوق العربي".

وأضاف: "تتزامن فعاليات إحياء ذكرى النكبة مع التحركات الشعبية في الوطن والشتات للتضامن مع الأسرى في إضرابهم المفتوح، آملين أن تصل هذه الحالة إلى مقاومة شعبية وطنية شاملة من أجل حرية أسرانا الأبطال واستقلالنا الوطني".

ثُمَّ حيّا بِاسم شعبنا وبِاسم أحرار العالم أسرانا الأبطال في يومهم السابع والثلاثين على مواصلتهم لمعركة الأمعاء الخاوية حتى تحقيق أهدافهم الوطنية، مديناً بشدة الهجمة البشعة التي يتعرَّضون لها من قِبَل الجلّادين الصهاينة في التنكيل بهم، ومنع زيارات الأهل والمحامين لهم. والزج بهم في زنازين العزل الانفرادي.

وطالب فيّاض الإخوة في حركة حماس بإتمام المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام البغيض، وبعقد لقاء وطني شامل للوصول إلى وثيقة تفاهم وتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة الجميع للإشراف على انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني فلسطيني واستعادة الحياة الديمقراطية للمجتمع الفلسطيني وتمتين التلاحم الوطني في مواجهة الاحتلال الصهيوني الاستعماري تنفيذا لوثيقة الأسرى، ودعمًا لمعركة الحرية والكرامة من أجل استقلالنا الوطني.

كما أدان فيّاض ما نتجَ عن القمّة الإسلامية الأميركية في الرياض بوصف المقاومة بالإرهاب، معتبرًا ذلك ضربة لمفاهيم العدالة الدولية لازدواجية المعايير وتغاضيها عن الإرهاب الصهيوني والاحتلال الذي يشكِّل أعلى درجات الإرهاب. وأكَّد حقَّ الشعوب بممارسة المقاومة بكل أشكالها ضد المحتلين.

وأشار إلى أنَّ زيارة الرئيس الأميركي لمدينة بيت لحم ووقوفه تحت العَلم الفلسطيني، إنَّما هو اعتراف أميركي  بقوميتنا وحقنا بإقامة دولتنا الفلسطينية.

وتطرَّق إلى كلمة الرئيس أبو مازن التي أكَّد فيها تمسُّكه بحقوق شعبنا، وإزالة الاحتلال عن أرضنا المباركة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى ديارهم استناداً للقرار١٩٤، مطالبًا بالإفراج عن الأسرى الأبطال من المعتقلات الصهيونية.

وفيما يخصّ مخيم نهر البارد قال فياض: "عشر سنوات وأهالي مخيم نهر البارد ما زالوا يعانون التشرد والعيش في بركسات الحديد والبعض الآخر مهدد بالطرد إلى الشارع بسبب عدم دفع بدلات الإيجار، وما زاد في صعوبات العيش عند أهلنا السياسة التي اتبعتها إدارة الأونروا الجائرة والتعسفية التي ألغت خطة الطوارئ لأهلنا في مخيم البارد بحجة عدم توفر الأموال، وهذا عجز من إدارات الأونروا المتعاقبة التي أدت إلى التأخير بالإعمار للمخيم القديم حيث لم ينجَز سوى ٥٠٪‏  منه حتى يومنا هذا".

وقد طالبَ الدولة اللبنانية والقيادة الفلسطينية بالضغط على الأونروا للتراجع عن قراراتها التعسفية والجائرة بحق أبناء شعبنا، مطالبًا الحكومة اللبنانية بإقرار الحقوق الإنسانية، وخاصةً حقي العمل والتملك للعيش بكرامة إلى حين العودة إلى ديارنا.