يجتمع العرب نهاية هذا الشهر في ظل حالة ضعف وضياع وترهل للموقف السياسي العام تجاه القضايا المصيرية، وفي ظل حالة هيمنة مخيفة على القرار العربي وثرواته ومسؤولياته السياسية،  حالة عجز تام عن القدرة على حماية الذات والهوية العربية وحماية أراضي العرب من الانتهاك الكبير لأيديولوجيات صنعتها قوى أخرى، حالة عربية لم يسبق لها أن سجلت هذا الضعف في الموقف السياسي العام وسلبيته تجاه أهم قضية في تاريخ الأمة العربية والإسلامية دون محاولات مسؤولة أو مبادرات فاعلة لاستعادة قوة الموقف العربي من جديد، العالم العربي اليوم يعيش حالة مصادرة لأرادته من قبل القوى المركزية بالعالم حالة تدخل في حياته السياسية والاقتصادية تصل لأدق التفاصيل، اليوم نعيش بداية وملامح حلول أمريكية للصراع تبدأ بأهمية أن توفر القمة العربية غطاء إقليمي لمفاوضات إسرائيلية فلسطينية جديدة برعاية إدارة ترامب،  فهل تنجح قمة الأردن باستعادة قوة الموقف العربي بعد الانهيار الحاد الذي الم به وتحديد مرجعيات حل الدولتين وإبقاء المبادرة العربية دون تغير وهل ينجح العرب في الحفاظ على ثوابت الحقوق الفلسطينية .

قمة الأردن قد تكرر القمم السابقة وقد يكون بيانها الختامي ذات البيان الذي تكرر عشرات المرات منذ قمة بيروت 2002 حتى اليوم، قرارات على ورق فقط، لهجة عربية عالية التردد، موقف عربي صوري دون وجود لهذا الموقف على الأرض،  قمة 2002 هي قمة المبادرة العربية الهامة الداعية إلى الانسحاب من كافة الأراضي المحتلة بما فيها القدس والجولان والأراضي اللبنانية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين واعتبار النزاع منتهياً وبحث قضية العراق والصومال ولبنان، تكررت تلك القرارات الداعية لوحدة كل تلك الأراضي ووحدة الموقف العربي تجاه كل التحديات التي تواجهها الأمة العربية، اليوم تأتي قمة الأردن وتضاعفت التحديات وتهددت الأراضي العربية وقضية اللاجئين والقدس في طريق الضياع والنسيان المقصود، بل والدولة الفلسطينية ما عاد يطالب بها أي زعيم عربي أو يضعها من ضمن شروط علاقات العرب مع الأمريكان وإسرائيل وحماية مصالح تلك الدولتين، المبادرة العربية لم تعد موجودة بصيغتها الحالية على مسرح حل النزاع بل وإسرائيل أصبحت الفاعل الكبير في طرح رؤية الاختزال لكل المبادرات والحلول السلمية , ستتكرر القمم السابقة في قمة البحر الميت وسيدعو العرب إسرائيل للتوقف فوراً عن ممارساتها الاستيطانية والتهويدية في أراضي العام 1967 والقدس أيضاً والقاضية بتدمير حل الدولتين.

نعم سوف يؤيد العرب الجهد الحالي لواشنطن لحل الصراع ويدعوها إلى بذل ضغط حقيقي على إسرائيل للاستجابة للقرارات الشرعية الدولية واحترامها بما فيها قرارا 2334 الذي قال عنه ترامب انه لن يكون قرارا قابل للتطبيق في عهده،  نعم سيحذر العرب واشنطن من مغبة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وسوف يعلنوا دعم انخراط الفلسطينيين في أي مبادرة أمريكية تسعى لتطبيق حل الدولتين وإنهاء الاحتلال , نعم سيدعو العرب أعضاء مجلس الأمن والأمم المتحدة اتخاذ إجراءات كفيلة بتطبيق قرارا 2334،  في هذه القمة سيؤكد العرب على ضرورة توحيد الجهد الفلسطيني من خلال وحدة الصف الوطني وإنهاء الانقسام،  وسيؤكد العرب أن المسجد الأقصى هو مسجد للمسلمين فقط ولا يحقق لليهود تقاسم الشعائر مع المسلمين هناك وسوف يحذروا من أي محاولات إسرائيلية لتحويل الصراع إلى صراع ديني  سيركز العرب على ضرورة تشكيل جبهة عربية موحدة للتصدي للتطرف وللإرهاب الخطير الذي يهدد الأمة العربية ومحاربته بكل الطرق وقد يرحبوا بكل من أمريكا وإسرائيل في هذا الحلف سرا في المرحلة الأولى , وسوف يقول العرب انه يجب حماية الأمن القومي العربي بكل السبل وتعزيز الأمن والسلم العربيين بنشر ثقافة الحوار ومحاربة التطرف بكل أشكاله مع العلم إن التطرف الإسرائيلي اليميني الكبير والذي يضرب كل مشاريع إنهاء الصراع في مقتل قد لا يعرف من قبل العرب بالتطرف ولا يدرج ضمن حالات التطرف المقصود مقاومتها ومحاربتها عربيا .

سوف تكون القمة الثامنة والعشرين،  قمة المصالحات العربية واستعادة قوة العلاقات العربية العربية من سيحضر بيانها سيصاب بالوهم ويعتقد إن العرب ما زالوا أقوياء ولديهم موقف قوي،  لن يكون هناك أي مبادرات أو خطط عاجلة لاستعادة حقيقية لقوة الموقف العربي في وجه كل التحديات ولن يكون للأمة العربية أنياب تخشاها كل من أمريكا وإسرائيل ,لان العرب يريدوا اليوم من أمريكا الحماية والسلاح ويريدوا من إسرائيل المعلومات عما يجري في أراضيهم من تشكيلات عصابية متطرفة تهدد وجودهم وأنظمتهم قد تصل إلى قصورهم يوماً من الأيام، لا اعتقد إن العرب من خلال قمتهم سوف يحسموا أمر المبادرة العربية و يرسلوا رسائل محمولة مع كل الملك عبدالله الثاني والرئيس السيسي للإدارة الأمريكية بان تبرهن واشنطن على بقاء علاقاتها وتحالفها مع العرب بالبدء فورا بتنفيذ بنود المبادرة العربية،  لا تقرؤوا البيان الختامي للقمة لان جرعات الأمل والفخر والاعتزاز بعروبتكم سوف تصل إلى ألف درجة، لكن بعد أسبوع على الأكثر سوف تعود حالة الإحباط لمن اطلع على البيان الختامي إلى اقل من صفر لان ما كتب قد يبقى حبراً على ورق ويبقى بياناً فلسفياً تخبئه ادراج الملوك والرؤساء فهم باتوا اضعف من أن توحد مواقفهم أو يفرضوا الحلول التي تتبناها واشنطن وتعمل على تطبيقها بعدالة وحرص شديد على امن واستقرار دول المنطقة دون تحيز أو استثناء.