قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، إن معالجة مأساة غزة ومنع تكرارها يتطلب حلا جذريا لمسببات اشتعالها، فمأساة غزة مأساة فلسطين لا يمكن معالجتها إلا بمعالجة القضية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران 67.

وأكد أن فتح الأفق السياسي والطريق إلى حل الدولتين يحتاج إرادة دولية حاسمة لتحويله إلى واقع بأسرع وقت ممكن، من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية عبر مؤتمر دولي يرسم مسارا وخارطة طريق محددة بأفق زمني واضح  ينهي الاحتلال، ويمكن دولة فلسطين من ممارسة حقها في السيادة والاستقلال، وهذا ما تعبر عنه الأغلبية الساحقة من دول العالم وشعوبه، سواء في قاعات الأمم المتحدة ومنظماتها أو بشوارع العواصم العالمية وجامعاتها، وتجليات الرأي العام العالمي المطالب بوقف حرب الإبادة وبحرية فلسطين ورفض المعايير المزدوجة ما يدعو الى التقدير والاحترام.

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة السفير سعيد أبو علي نيابة عن الأمين العام أمام اجتماع الهيئة العامة لمجموعة السلام العربي اليوم في مقر الأمانة العامة.

وأكد أبو الغيط، أن الدفاع عن القضية الفلسطينية اليوم وهي القضية الأكثر عدلاً وإنسانية بكل المعايير والقوانين والشرائع لم تعد فقط واجبا وطنيا قوميا، بل هي واجب وضرورة أخلاقية وإنسانية، وإن مجموعتكم الموقرة مدعوة لتكثيف أنشطتها لمواجهة حرب الإفناء وفضح الجرائم الإسرائيلية، وتقديم مرتكبيها للعدالة الدولية، ولمواجهة الحرب الإعلامية الإسرائيلية المضللة المدعومة من حلفاء إسرائيل.

وقال: إنه مع مضي أكثر من مائتي يوم على حرب الإبادة الجماعية والتدمير والتجويع والتهجير بقطاع غزة ماتزال الوحشية والهمجية الإسرائيلية مستمرة بأبشع صورها مستهدفة مختلف مناحي الحياة، توقع أكثر من مائة وعشرين ألف بين شهيد وجريح ومفقود، وما يزال آلاف الضحايا تحت الركام، الذي تؤكد التقارير الأممية أنه بلغ حوالي 37 مليون طن، أي أن نحو 300 كيلو جرام من الركام في المتر المربع، حيث ستستغرق ازالتها 14 عامًا، إذ أن حوالي 65% من المباني المدمرة سكنية في قطاع غزة، مع ما تبقى في هذا الركام من قذائف لم تنفجر بلغت نسبتها عشرة بالمائة من مجموع ما تم إلقاؤه على قطاع غزة الذي تجاوز ما حجمه أربع قنابل ذرية.

كما أوضح الأمين العام، إنه مع استمرار  تصاعد العدوان الإسرائيلي الممنهج ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية بما فيها القدس قتلاً، واعتقالاً، وتدميراً، وتهجيراً، واستيطانا، وتهويداً بصورة غير مسبوقة بحرب معلنة يشنها جيش الاحتلال وعصابات المستعمرين المسلحة التي تمارس الإرهاب الرسمي المنظم، وتفرض مختلف صنوف الاضطهاد والفصل العنصري والتطهير العرقي، في تأكيد مطلق لارتكاب جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية المكتملة الأركان، تلك الجرائم الممتدة على طوال عقود الصراع حيث  تكثفت اليوم بهذه الوحشية في محاولة لتدمير الوجود والحقوق الفلسطينية وتصفية القضية الفلسطينية التي تواجه اليوم المرحلة الأشد خطورة ومصيرية، فيما يعجز المجتمع الدولي عن لجم العدوان ووقف حرب الإبادة والتهجير والتصفية، وعن توفير الحماية للشعب الفلسطيني ومنحه حقوقه الوطنية المشروعة بالحرية والاستقلال.

وأوضح، إنه مع تغيير المواقف العالمية وتحركها بالتدريج ناحية الموقف العربي الذي اتخذناه جميعاً من اليوم الأول، وهو ما يتجسد في قرار مجلس الأمن الأخير 2728 الذي طالب لأول مرة بوقف فوري لإطلاق النار على الرغم من أنها استفاقة متأخرة، ولا تعفي من صمتوا لشهور من مسئوليتهم عن اجتراء الاحتلال على الدم الفلسطيني، كما إنه يأتي ذلك رغم أسفنا البالغ إزاء عجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يُمكن دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، نتيجة استخدام الولايات المتحدة الأميركية لحق النقض الفيتو، لإعاقة إرادة دولية واضحة بالموافقة على انضمام ‎فلسطين عضواً كاملاً في ‎الأمم المتحدة، مع الشكر والتقدير لمواقف الدول الاثني عشر التي دعمت حصول فلسطين على هذه العضوية.

وأكد الأمين العام، أن كل جهد دبلوماسي وعمل سياسي نبذله هنا في اجتماعاتنا، أو في مختلف الأروقة الدبلوماسية والمحافل الدولية، من أجل وقف الحرب الوحشية في قطاع غزة، لن يرقى بالطبع لمرتبة الجُرم المرتكب ولا لجلال التضحية التي يبذلها الفلسطينيون كل يوم من دمائهم وأبنائهم، ولكنه يظل جهداً ضرورياً وعملاً مطلوباً ينبغي أن يتواصل ويتصاعد حتى تتوقف هذه المقتلة المستمرة، فالعبرة الآن هي بتنفيذ القرارات الدولية على الأرض ووقف العمليات العسكرية والعدوان الإسرائيلي بشكل فوري وكامل، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية عبر الطرق البرية المعتادة، وبما يخفف من كارثية الوضع الإنساني المتدهور في غزة، ويجنب أهلها خطر المجاعة المُحدقة.

يذكر أن الهيئة العامة لمجموعة السلام العربي يترأسها رئيس جمهورية اليمن الأسبق، علي ناصر محمد، وسمير الحباشنة المنسق العام.