حانت ساعةُ الحقيقة ...
قبل أن يختم اللقاء ...
تَرجلتَ عن صهوةِ الجواد ...
قبل أن يكتمل الحلم ...
بقينا وحدنا ...
نبحثُ عن المفقودِ منا ...
****
نفخرُ بهذا النصبِ الممتدِ ...
من الجذور إلى الفروعِ ...
نلفُ خيوطَ الضوءِ ...
المنبعثِ من هاتيكَ الزمان ...
نجمعُ أعوادَ القصبِ ...
التي خلفتها الريحُ ...
دون تجاعيدَ الزمن العابرِ ...
وقد ثقبتها وصارت ناياً ...
يعزفُ لحناً ...
أحاديَ الألوانِ والأوزانْ ...
ليتها لم تكن ساعةُ الوداع ...!
****
الشهداء يضعوُن حبهم دائماً ...
زهوراً بيضاءَ ...
وأناشيدَ مغروسةً ...
في خاصرةِ الطرقاتِ والأزمانْ ...
يغلقونَ أناملهم على حفنةٍ من ترابٍ ...
وأخرى من ماءٍ ...
ويعزفون لحناً غائماً ...
في ليلةٍ مقمرةٍ ...
في مكانٍ ما ...
يطربُ الأمواتَ والأحياءْ ...
****
قلت: لاَ أنتَ إلا أَنتَ ...
وليسَ سواكَ ...
لا تذهبْ حتى تهتزَ هذهِ الأرضُ ...
حتى يسمع خطوكَ حنينُ الأشواقِ ...
إبقَ واقفاً أو جالساً ...
ولا تضع قبلتكَ على جبينِ الأرضْ ...
حتى ترسمَ تلويحتكَ الأولى على جبيني ...
قبلَ أن نبتعدَ أو نفترقَ ...
كي لا تبعثرني الريحُ ...
أو تهدِيني إلى الهذيان ...
ليسَ سواك شهيداً شهيدْ ...
****
قمرٌ قدسيٌ في سماءِ القدسِ ...
يُرضعُ الأطفالَ بعضٌ من النورِ ...
ليته ينتهي إليَّ منه شيءٌ ...
الآن ... الآن ... الآن ...
كي أفديَ الأطفالَ من النارِ والحديدِ ...
وأتبخرُ مثلَ سحابةِ صيفٍ شديدٍ ...
****
لكنه كان يَرمقني بنظرةٍ وضاءةٍ ...
تطلبُ العونَ المديدَ ...
قلتُ له حَملتكَ عاشقاً وَلِهاً ...
ناديتُ أقصاكَ والشوقُ بي مشتعلاً ...
والبغيُ يبعدني ويحيطكَ بأسوارٍ من حديدٍ ...
لكن الحبَ يُسقطُ الخوفَ والوجلا ...
ويخترقُ كلّ أسوارِ الحديدِ ...
ويعيدُ الأملَ من جديدٍ ...
يَكسِرُ البغي ويعانقُ في رحابكَ ...
القبابَ وما ارتفعاَ ...
وأجراسُ تدقُ الناقوسَ لِمن سَمِعا ...
ومآذنُ تصدعُ للرحمنِ توحيداً ...
وتسموا إلى عنانِ السماءِ مع زحلاً ...
إني قد فديتك نفسي ...
والمالَ والولدا ...
****
قد جاءَ البغيُ يحاورني ...
حوارٌ صاخبٌ يُسمعُ الطَرشا ...
ويملءُ فوضايَ ويُعكرُ الصفوى ...
بقيَ يحاورني خواءٌ في خواءْ ...
في فضاءٍ باتَ أغبى من الغباءْ ...
أحمقٌ خارجٌ عن سياق النصِ ...
لكني كنتُ أُحملقُ في جداريةٍ ...
احتلت واجهةَ المكانِ والزمانْ ...
تحكي صورةً لأبطالِ حكايةٍ أسطوريةٍ ...
تعيدني إلى زمنٍ جميلٍ ...
تحتج على واقعٍ بات مريراً ...
وتستدعي كلماتٍ كانت تقولُ ...
لا يَفلُ الحديدَ إلا الحديدْ ...
وتستمرُ الحواراتُ إلى آخرِ الوعيدْ ...
وينصرف النهار ليأتي نهارٌ جديدٌ ...
يقولُ: "فتح" مرتْ من هنا ...
ومن هناك ...
واستقرت هنا ...!!