منذ أن اعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" عن وجود أزمة مالية لديها وعجز في ميزانيتها سيضطرها لوقف بعض خدماتها، تواصل دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، جهودها الحثيثة، لمنع تقليص أي خدمات قد تمس باحتياجات اللاجئين الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، مؤكدة أن استمرار عمل 'الأونروا' وتقديم خدماتها المقرة حسب قرار انشائها رقم 302 لعام 1949 يظل أمرًا ضرورياً وحيوياً وملزماً، وعلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة وأمينها العام تحمُّل مسؤولياتها بهذا الشأن، منعاً لحدوث أي خلل ينعكس سلباً على الأمن والاستقرار في المنطقة. ولتسليط الضوء أكثر على  مستجدات هذه القضية التقت "القدس" عضو اللجنة التنفيذية لـ"م.ت.ف" رئيس دائرة شؤون اللاجئين د.زكريا الآغا.

 

ما رأيكم بقرارات الأونروا الأخيرة التي كانت جائرة وتفجيرية وتحمل الكثير من الخفايا السياسية؟

يجب أن أوضح أن هذه القرارات لم تُتَّخَذ حتى الآن، ولكن هناك توجّه لاتخاذ قرارات، لذا نحاول ونعمل في منظمة التحرير الفلسطينية، والدول العربية المختلفة، الاردن ولبنان وسوريا وفلسطين ومصر والامانة العامة لجامعة الدول العربية، وقف اي اجراءات تتخّذها الاونروا والضغط من اجل توفير العجز في ميزانيتها لهذا العام والمقدر بـ101 مليون دولار.

من جانبنا نحن كـ"م.ت.ف" منذ بداية الازمة، وقبل اجتماع اللجنة الاستشارية للأونروا في لبنان كنا على تواصل مع الدول العربية المضيفة للاجئين وعقدنا اجتماعا تنسيقيًا يوم 14/6/2015 في الاردن،  واتفقنا على رفض اي اجراءات تقوم بها الاونروا في هذا المجال، لأنه من شأنها تفجير الاوضاع داخل المخيمات، خاصةً أن ميزانية المخيمات التي تقدّمها الأونروا هي في حدها الادنى ولا يستطيع اللاجئون ولا الدول العربية المضيفة، بما فيها فلسطين، تحمّل اي ميزانية اضافية، لأنها تَدفَع من ميزانياتها ضعف ميزانية الاونروا لمساعدة اللاجئين، فأي تقليصات اخرى ستحمِّل الدول العربية أعباءً لا تستطيع ان تتحمّلها. وفي اجتماع اللجنة الاستشارية كان الموقف العربي واضحًا وصريحًا، وقد تمثّل برفض كل الاجراءات والطلب من الدول المانحة زيادة مساهماتها، والطلب من المفوّض العام للأونروا البحث عن مانحين جُدد للمساعدة في ذلك، وان تطلّب الامر ان يتدخّل الامين العام للأمم المتحدة ليوجه نداءً مُلِحّاً وعاجلاً لتوفير المبالغ اللازمة، وان لم تتوفّر تقوم الامم المتحدة بتوفيرها من ميزانيتها الخاصة، لأنه حسب  تأسيس الاونروا بقرار رقم 102 لعام 1948، كانت المهمة التي اوكِلت لهذه الوكالة هي اغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الى حين ايجاد حل عادل لقضيتهم حسب القرار رقم 194، وطالما ان المجتمع الدولي والامم المتحدة فشِلا حتى الان ولم يستطيعا تحقيق هذا الحل العادل للاجئين الفلسطينيين، فإنهما مطالبان بالوفاء بالتزاماتهم تجاه الأونروا ولا نقبل ابدًا اي مساس بها ولا ان تتوقف عن تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين لأنه لا يوجد هناك بديل عنها الا اعادة اللاجئين الى مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها.

طبعًا بعد اجتماع اللجنة الاستشارية في الخامس والسادس عشر من حزيران الماضي، كان هناك اجتماع على هامش اجتماع اللجنة الاستشارية، ما بين الدول العربية المضيفة، والمفوَّض العام وكبار المانحين،  وتم فيه بحث الازمة وتم الاتفاق على ان يكون هناك تحركات للمفوض العام،  وجهود لمحاولة سد هذا العجز في الميزانية وان لم يكن هناك نتائج، طلبنا ان يكون هناك اجتماع طارئ للجنة الاستشارية في موعد لا يتجاوز نهاية شهر تموز، واستمرت المشاورات بيننا كدول مضيفة، وبين الاونروا وتم عقد اجتماعين عبر "الفيديو كونفرانس" وشاركت انا فيهما من غزة، حيث تم الاتفاق على عقد اجتماع طارئ للجنة الاستشارية في 26/7/2015، في عَمَّان،  ليقدّم لنا المفوض العام تقريراً عن نتائج جهوده، وللبحث في اجراءات عملية لحل هذه الازمة، وقد أجرينا اجتماعًا تنسيقيًّا يوم السبت 25/7/2015، كدول عربية مضيفة للاتفاق على موقف موحّد تجاه الازمة، وللتحذير كما حذّرنا سابقاً من ان اي خلل في عمل الأونروا سينعكس سلباً على الامن والاستقرار في الدول التي يتواجد بها اللاجئون،  وكما تعلمون المنطقة كلها الآن مضطربة، والوضع في غزة لا يتحمل خصوصًا وان اي مساس ستكون بدايته بالسلك التعليمي.

 

هل تعتقدون أن هذه خطوة على طريق انهاء خدمات الأونروا واستبدالها بإطار آخر يرضي الاسرائيليين؟

هناك محاولات اسرائيلية ليست جديدة لإنهاء عمل الاونروا، ونقل خدماتها للدول المضيفة لإنهاء قضية اللاجئين لانهم يعتبرون ان استمرار الاونروا تخليد لقضية اللاجئين وهي الشاهد الحي عليها، ولكن الازمة الحالية هي ازمة مالية وحالياً جهودنا تنصبُّ لتغطية هذا العجز، وسنطلب من الامين العام للأمم المتحدة التحرّك بسرعة وعند اللزوم لسد العجز من ميزانية الامم المتحدة. ومن أبرز المجالات التي ستتأثّر باستمرار العجز التعليم، فمن الاجراءات التي يفكرون بها إغلاق 700 مدرسة في مناطق عمليات الوكالة الخمس، غزة والضفة وسوريا والاردن ولبنان، والادهى ان المدارس هذه لن تفتح، وان المدرسين الذين يدرسون بها سيحصلون على اجازة بدون راتب، وعندها أين سيذهب الطلبة؟! فهذا سيكون عبئًا على الدول المضيفة التي ستضطر لاستقبالهم في المدارس وان حدث فهذا اشارة للدول المانحة بأننا قادرون على حل الموضوع، أو قد يؤدي لبقاء الطلاب في الشوارع، ونحن نرى وضع الفقر والحصار وداعش في غزة، ومن الممكن ان تستغل القوى المتطرفة بغزة ذلك لخلط الاوراق، لذا اعتبر ان اجتماع يوم الاحد في منتهى الاهمية والخطورة والمسؤولية، ونأمل ان يخرج بنتائج جيدة ليس لهذا العام فقط، بل نريد حلاً يُغطي الميزانية والزيادة السنوية لكل عام، لأن الدول المانحة تدفع ميزانية ثابتة في ظل ان الميزانية تزداد في ظل ازدياد اعداد اللاجئين، والاوضاع المستجدة التي تحصل لذا لا بد من مصدر إضافي لتغطية ذلك التزايد الطبيعي.

 

هل تعتقدون أن عجز 101 مليون دولار يؤدي الى مثل هذه الاجراءات أم أن هناك نوايا تآمرية على الشعب الفلسطيني؟

الدول المانحة هي الدول التي تدفع في كل الازمات، انا لا اعني في الوقت الحالي فقط، ولكن لدينا، الازمة السورية، والعراق واليمن وافريقيا والدول المانحة هي نفسها، فمثلاً تدفع امريكا حوالي 30% من ميزانية الوكالة، و45% يدفعها الاتحاد الاوروبي وهم الذين يدفعون في الازمات الاخرى، اي ان الظروف والازمات الدولية تنعكس على التبرعات ونحن نرى ان موضوع الاونروا موضوع آخر غير مرتبط بأية أُمور طارئة، فهذه ميزانية ثابتة يجب توفرها،  والمشكلة في ان الدول المانحة تقدم تبرعات طوعية، فمن الممكن ان تتوقف دولة عن الدفع مثل كندا بضغط اسرائيلي، ومن هذا المنطلَق نطالب بمصدر ثابت وملزم بالإضافة للتبرعات النوعية بحيث لا نواجه هذه المشكلة في كل عام.

 

ما مدى التزام الدول العربية بالوفاء بالتزاماتها بميزانية الاونروا؟

الدول العربية تعهّدت في الجامعة العربية العام 1987 بدفع وتغطية 7.8% من ميزانية الوكالة (حوالي 60 مليون دولار)، ولكنها للأسف لم تفِ بالتزاماتها لهذه اللحظة وحتى قبل سنتين كان ما تدفعه لا يتجاوز 1% فقط، حيث اتخذت قرارًا بدون آلية تنفيذ، ورأوا ان يقسّم هذا المبلغ على حسب مساهمة الدولة العربية في ميزانية الجامعة العربية، وبعد ذلك معظم الدول لم تستطع ان تدفع، كفلسطين وسوريا ولبنان والعراق ومصر وليبيا والسودان واليمن، اي ان اغلبية الدول لا تستطيع الدفع وهي تتلقى معونات، ونحن طالبنا بأن تتكّفل بعض الدول العربية كالسعودية والكويت والامارات خاصة، بذلك، فمثلاً بلد مثل السعودية تُنشئ مشروعًا بمائة مليون دولار بغزة، وقطر تنشئ مشروعًا بمئتَي مليون دولار بغزة، فلماذا لا تدفع كل دولة عشرة ملايين لميزانية الوكالة لتظهر على الساحة من خلال تسديد التزاماتها اولاً، ثم تقوم بالمشاريع الطوعية الاخرى؟!

 

 هل أنتم راضون عن التحركات الرسمية التي تتخذها المنظمة لمحاصرة هذه المخاطر تجاه الأونروا؟

كدائرة شؤون اللاجئين نمثّل المنظمة في هذا الموضوع، ونحن في اتصالات متواصلة مع الاونروا والدول العربية والجهات المانحة، كما ان هناك لقاءات وجهودًا مبذولة من السيد الرئيس ورئيس الوزراء من خلال لقائهم مع المفوض العام الاسبوع المنصرم برام الله، وأيضًا هناك جهود لممثلينا، والبعثات الدبلوماسية  في نيويورك وجنيف ومؤسسات دولية اخرى لتغطية هذا العجز، اي ان هناك عملاً يوميًّا من  منظمة التحرير لأن ذلك يمثّل مسؤولية وعبئًا على كل الدول العربية، وبالتالي هذا موضوع في منتهى الخطورة ولا يمكن اهماله حيث يتطلّب تواصلًا يوميًّا، وانا على تواصل يومي مع رئاسة الوكالة ومع الدول المضيفة، والدول المانحة في سبيل الخروج من هذه الازمة. ونحن سننتظر اجتماع اللجنة الاستشارية وبحسب نتائجه سيكون هناك تحرك مناسب.

حوار / منال خميس