حوار: نجية شحادة

للفلسطينيِّ صفاتٌ كثيرةٌ تلازمه في حياته، ولكن إن كان لنا أن نتخيّر منها واحدةً، فهي صفة الإبداع في شتّى المجالات، ولعلَّ الفنّان الفلسطيني أسامة زيدان خير مثال على ذلك.

فبين جدران مقهى "الصيداوي" التي اكتست بلوحاتٍ رسمها تُجسِّد فنّانين فلسطينيين ولبنانيين مثل: "فيروز، ناجي العلي، غسّان كنفاني، زياد الرحباني"، تعجُّ بها الحياة بعد أنّ كانت قديمة مهترئة، شاءت الصدفة أنّ يكون لنا لقاء مميز مع زيدان الملمِّ بجوانب عدّة من الفنون، ليكون الحوار التالي.

 

هل لكَ أن تخبرنا من هو أسامة زيدان؟

 أسامة عبد السلام زيدان، عمري ٥٢ عامًا، من صرفند العمار قضاء مدينة الرملة. أنا لاجئ في لبنان، وأبٌ لثلاثة أولاد، أكبرهم مخرج، وأوسطهم مهندس، وأصغرهم متخصّصة بالعلاج الفيزيائي- قسم النطق. تخرَّجتُ في الجامعة باختصاصَي الفنون الجميلة والأدب العربي، بالإضافة إلى أنّني عازف موسيقى ومغنٍ، وأعمل في مجال تدريس الموسيقى لذوي الإرادة الصلبة الذين أسعى إلى تعليمهم الرسم والموسيقى والغناء في أكثر من مؤسسة لبنانية وفلسطينية منها: (ألوان، مجمّع الكنائس، دار اليتيم، لنا المستقبل، المواساة).

 

ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتها في حياتك؟

اللجوء هو العقبة الأكبر للمبدعين في هذا البلد، لأنّه يمنع إظهار الإبداع الذي يخدم القضية بشكلٍ خاص من خلال إظهار الفنِّ والتراث للمجتمع.

كما أنَّ جزءًا من مجتمعنا غير مُلم بالثقافة الفنية وغير داعم للمواهب لأسباب كثيرة منها: عدم وجود الأمان والسلام والسكينة، بالإضافة إلى غياب جهة مختصة لتبنّي المواهب، وإعطاء الموهوبين الحق بإظهار أنفسهم، فيُضطرُّ البعض إلى اللجوء إلى سُبُل أخرى منها: السفر والابتعاد عن القضية أو الانضمام إلى جهات غير داعمة للقضية أو مزاولة أعمال غير مشروعة.

 

إلى أين تلجأ عند شعورك بالضيق أو الغضب؟

ألجأ إلى عزف الموسيقى وأحيانًا إلى الرسم أو إلى نظم الشعر، لأنّه يأخذني من ضغوطات الحياة ومعتركاتها إلى حيثُ الهدوء والسكينة.

 هل من بيت شعر معين محبّب إلى قلبك؟ 

هذا البيت المنظوم إلى الحبيبة فلسطين: حين أهمسُ تلاحقني الحروف، لا خوف من الصدى.. ألتحف ظلّك وشاهدة المدى. 

 

هل أُتيحَت لك الفرصة للسفر وعرض مواهبك للعالم؟

دُعيت لنصف الوطن العربي تقريبًا، لكنَّ عائق الوثائق منعني من السفر، لأنني من فلسطينيي الـ67، ولا أُعامَل كلاجئ حتّى.

 

أنت تنظم الشعر، وترسم، وتنحت، بالإضافةِ إلى أنَّك تتمتَّع بصوتٍ جميلٍ وتعزف الموسيقى وتعلّمها، فأيُّ الفنون هي الأقرب إلى قلبك؟ وما هي تطلعاتك للمستقبل؟ 

الموسيقى لأنَّني في البدايات لجأت إلى تعليمها، فأصبحت شيئًا لا يتجزّأ من ذاتي. حاليًّا أعملُ على تأسيس فرقة موسيقية أطلقت عليها اسمَ "فرقة وتر" تحت إشراف سفارة دولة فلسطين.

 

بصفتك والدًا على ماذا حثَثت أولادك؟ وهل ورث أحدهم موهبةً عنك؟

أبنائي الثلاثة لديهم حُبٌّ للموسيقى، فالأول سعى لتعلُّم الـ"كلارينيت"، والأوسط عازف كمان/غيتار، أمَّا الصغرى فهي تعزف التشيلو.

بالطبع سعيتُ لتعليم أولادي الموسيقى وحرصت على أن يُبدعوا في مجالاتهم حرصًا على خدمة قضيتنا الفلسطينية، وحثثتهم وزرعت بهم الإرادة للوصول إلى العالمية، وهذا ما نحتاجه لنُصرة القضية وإبقائها في قلوب وعقول الأجيال القادمة، لنعلِّمهم أنَّنا دائمًا على حق، وأنَّ قضيتنا هي في الأصل قضية سامية تستحق منها أن نضحّي بكلِّ ما هو غالٍ ونفيس لاسترجاع أراضينا.

 

هل من كلمة توجّهها لشباب المخيّمات الذين يودّون السفر وترك مخيَّماتهم؟

لا شكَّ أنَّ ظروفنا صعبة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وهذا ينعكس تلقائيًّا على الوضع الإبداعي والفنّي، أدعو الشباب إلى الثبات بمعنى عدم التخلِّي عن القضية، لأنّه إذا ترك الفدائيّ موقعه، فعلى الفنّان أنّ يعيد استنهاض الأُمّة.

وأدعو الشباب إلى التريّث، فمصيرنا في يوم من الأيام أنّ نقاتل على جميع الجبهات في الداخل والشتات لاسترجاع أرضنا.

 

ما رأيك بتداعيات تطبيق خطة وزارة العمل اللبنانية على شعبنا؟ وهل سيكون ذلك عائقًا جديدًا أمام الفنانين؟

هذا القرار يمسُّ كلَّ شرائح المجتمع الفلسطيني الموجود في لبنان، وكما يمس العامل يمس الفنّان، وهو قانون مجحف وظالم بحق إنسانية العامل الأجنبي أو اللاجئ في لبنان.