للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية، لا بكونها ممثله الشرعي والوحيد فحسب، وإنما هي قيادته الشرعية التي لم تكرسها انتخابات مجالسه الوطنية فقط، وإنما كذلك سيرتها النضالية على طريق الحرية والاستقلال وتصديها لكل سياسات الإلحاق والتبعية والاحتواء دفاعًا عن القرار الوطني الفلسطيني المستقل وتثبيتًا له.

ولمنظمة التحرير الفلسطينية سيرة التخليق الوطني والسياسي والحقوقي للقضية الفلسطينية لتشكل منذ لحظة تأسيسها الأولى، الحاضنة الأساسية لهوية الشعب الفلسطيني الوطنية، ولروايته التاريخية، في فصولها الحضارية والثقافية من جهة، وفصول مظلمتها الكبرى، إلى جانب تطلعاتها الانسانية النبيلة من جهة اخرى، وحملت المنظمة وما زالت تحمل رسالة الشعب الفلسطيني للعالم أجمع رسالته السياسية والقانونية والحقوقية في مطالبها العادلة استنادًا لقرارات الشرعية الدولية وشرعة حقوق الإنسان ومبدأ حق تقرير المصير.

ولم تنتزع منظمة التحرير الفلسطينية الاعتراف العربي، والدولي بها ممثلاً شرعيًّا ووحيدًا للشعب الفلسطيني، كمثل مكرمة أخلاقية، أو سياسية وإنما هو الاعتراف الواقعي بحضورها الفاعل، في ساحات النضال الوطني بمختلف تسمياتها، في سبيل استرداد حقوق شعبها المشروعة، وتحقيق أهدافه العادلة وتحت رايتها خاض شعبنا الفلسطيني بفصائل حركته الوطنية، أصعب المعارك، وأعقدها، ضد الاحتلال الإسرائيلي، وحلفائه، وقدم في هذه الطريق الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين حتى وصل بكفاحه البطولي إلى الانتفاضة الكبرى التي قادت إلى إعلان وثيقة الاستقلال، ومن ثم إلى التفاوض في أوسلو، الذي أثمر اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وهذا ما قاد تحت راية المنظمة، إلى عودة أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني، إلى أرض الوطن، وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، كأول كيان سياسي عملي على أرض الواقع.

ومنذ لحظة تأسيسها، وحتى اليوم حاول أعداء وخصوم الوطنية الفلسطينية، تدمير منظمة التحرير الفلسطينية، من خلال السعي التآمري لتوليف البدائل عنها، وترسيم قيادات لها بخطابات شعبوية، وشعارات ثورجية، وتحريضات منحطة ضد منظمة التحرير، وقيادتها الشرعية، أفردت لها فضائيات الفتنة، مساحات الوقت الواسعة لتثرثر بتلك الخطابات، والشعارات، والتحريضات المأفونة. وكلما ظل هذا السعي التآمري فاشلاً، حاول الأعداء والخصوم، وما زالوا يحاولون احتواء المنظمة ومصادرة قرارها المستقل، تحت وقع الضغوطات، والتهديدات الإعلامية المصوغة تحت عناوين مخادعة..!!

ليس الشعب الفلسطيني بلا هوية، ولا رؤية، ولا قيادة، ليس شعبًا ضائعًا بحاجة إلى من يدله على طريق الخلاص، والحرية، ولطالما كان، وما زال وسيبقى ضد الوصاية، والاحتواء والتبعية، التي قادت بعض فصائله أن تكون مجرد أدوات في خدمة مصالح الآخرين...!!  ولكل الذين يحاولون اليوم إيجاد البدائل عن منظمة التحرير الفلسطينية أن يعرفوا أن للمنظمة لا قاعدة صلبة فحسب، وإنما كذلك الذراع القوية، التي بوسعها أن تهرس كل محاولة في هذا الإطار، ولطالما كانت كذلك، وقد هرست العشرات من هذه المحاولات، وعلى هذه الحال ستبقى وخطابها على الباغي دائمًا  تدور الدوائر.