يظن البعض بقدرتهم على خداع الجماهير فتراهم يتحدثون عن مواقف بالانكليزية يأتون بنقيضها في لغة الضاد (العربية) فهؤلاء مخادعون منافقون ما زالوا يعيشون أوهام ما قبل عصر ثورة تكنولوجيا الاتصال والتواصل ولا تفسير لذلك إلا بأمرين:

الأول: أن آلة عقولهم (تفكيرهم) قد توقفت تمامًا وتكسرت دواليبها لحظة  تخرجهم من مدرسة تنظيم جماعة الإخوان المسلمين ولم يعد باستطاعتهم تحريكها لإدراك المستجد والأحدث فكريًا وعلميًا واجتماعيًا وثقافيًا في العالم أما الأمر الآخر فإنهم لا يتورعون عن تجسيد شخصية المنافق السياسي التي هي انعكاس حاد ودقيق لشخصية الفرد المنافق في النطاق الاجتماعي والديني لعلمهم أن هذا النفاق هو السبيل الوحيد لاستحواذهم على مكتسبات وسلطان ممن يملكها ويوزعها على أمثالهم بعد ضمان توفر الكفاءة المطلوبة والشروط... لذلك لا غرابة أن يسارع الكذاب الأحمق منفلت اللسان نحو مانحي الوكالات للحصول على واحدة من أسوأ وكالة عرفتها الشعوب والمجتمعات الإنسانية .. لذا فإن المآسي والمجازر والحروب والموت العبثي والدمار توفر للمنافق  لفرص لتقديم حرفيته خبرته في هذا المجال .. ولكن هل يقبل المستثمر  صاحب رأس المال أوراق اعتماد هذا الكذاب الأحمق رغم خبرته المتراكمة عبر تجارب دموية؟ أم تراه يعتمد أوراق  منافق يتقن فن الكذب بلسان مسير ببرنامج المستثمر ؟!.. وهنا لا بد لنا من التمييز بين منافق سياسي احمق يسعى لحماية نفسه ورأسه والهروب من المسؤولية عن الكارثة رغم ثبوتها عليه وبين آخر منافق مدع ذكاء يمتلك قدرة على التحايل – ويظن نفسه ذكيًا أو هكذا يجري تقييمه فهذا يسعى لتقديم أوراق اعتماد ظنًا أن الفرصة الذهبية قد حانت حتى لو كانت تتطلب عبور أنهار دماء إنسانية كان واحدًا ممن أرهصوا لسفكها !!.

تبدو الأمور في الحالة الفلسطينية اللاوطنية عجيبة غريبة على من لم يكن عارفًا بتفاصيلها ومدركا لخفايا المؤامرة على المشروع الوطني الفلسطيني التي تورط فيها النموذجان السابقان  المنافق السياسي الأحمق والمنافق مدعي الذكاء لكنها ليست كذلك وإنما محسوبة سلفا لدى  صاحب العقل القادر على قراءة  وتشخيص الوقائع وتحليلها وبلوغ الخلاصات الموضوعية الدقيقة  وتحديدا عندما يصغي بتمعن للصادق مالك المعلومة المثبتة بالحقائق ويؤمن أن لا مصلحة للكاشف عنها إلا حماية المصالح العليا للشعب الفلسطيني وحماية المشروع الوطني الفلسطيني من جشع هؤلاء المنافقين ..الذين ارهص كل منهم مبرراته للانقلاب على مشروع حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وبرر توغله في دماء مئات المواطنين ومنتسبي الأجهزة الأمنية الفلسطينية ويتهم احدهما الآخر بخيانة الوطن والعمالة لإسرائيل والولايات المتحدة فهذا يقول عن المنافق الأحمق  انه ينفذ مشروع (صهيو- إخواني) وذاك يقول عن المنافق المدعي بالذكاء : أنه ينفذ مشروع (صهيو- دايتوني) أما اليوم فإن المنافقين يجتمعان ويلتقيان لينقذ كل منهما الآخر ويبحثان عن سبل تبعدهما عن محاكمة الشعب الفلسطيني التاريخية ونعتقد أنهما يبحثان خطة ينتج عنها (خلطة جديدة) تمكنهما من تقديم اوراق اعتماد للمستثمر (الأمريكي الصهيوني) فغاية كل منهما السلطة والحكم مهما كان الثمن حتى لو كان نكبة أو إرجاع البلاد والعباد في فلسطين إلى ما قبل عصر الآلة.

التقى المنافقان بكل الأحوال إثر حديث رأس حكومة منظومة الاحتلال نتنياهو عن مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية  ورئيس دولة فلسطين السياسي الرئيس محمود عباس أبو مازن بعد إنتهاء حملة الإبادة الدموية على غزة وكأنهما تلقيا اشارة خضراء للانخراط في المسار الآخر – هنا في الضفة الغربية - الموازي لحرب الابادة  عبر اضعاف الجبهة الفلسطينية الداخلية وإضعاف مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها التعليمية والصحية  والاقتصادية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية الفلسطينية بقصد افراغ المشروع الوطني الفلسطيني من مضمونه وذلك عبر حملات تخوين وتشكيك وافتعال أزمات وأحداث هدفها أضعاف تركيز عمل القيادة وحرف أنظارها عن المواجهة المصيرية الحالية مع منظومة الاحتلال والاستيطان والعنصرية (إسرائيل).

سنشهد في الأيام القادمة انقلابات نوعية في مواقف وتصريحات المنافقين وستتسارع بوتيرة غير مسبوقة على الهواء مباشرة، لكن الكلمة الفصل ستكون لقيادة الشعب الفلسطيني المؤمنة بقدرة الشعب الفلسطيني على التمييز بين الأمين على مصالحه والحكيم الصادق في تدبرها وحمايتها وبين المنافق الذي اتخذ ثوب السياسة  للتمويه وبلوغ أهداف شخصية وفئوية عصبوية مهما كان الثمن.