حرب جديدة بعنوان قديم جديد "مسيرة الاعلام" الصهيونية التي ينظمها قطعان المستعمرون الصهاينة في مناسبة ما يسمونه "يوم توحيد القدس" بعد هزيمة العرب في حزيران / يونيو 1967، حيث يشارك فيها آلاف من الجماعات الصهيونية المتطرفة، وخلال المسيرة الإجرامية يمارس زعران جماعة "العودة إلى جبل الهيكل" وغيرهم من المنظمات الصهيونية المتطرفة رقصات عدوانية، وانتهاكات استفزازية للجماهير الفلسطينية في المدينة المقدسة. 

وأَصر نتنياهو، رئيس حكومة الترويكا الفاشية على تنظيم المسيرة الإرهابية غدًا الخميس الموافق 18 أيار / مايو الحالي، رغم الإنذارات المتعددة بإمكانية فتح فوهة بركان السخط والغضب الشعبي الفلسطيني في القدس العاصمة الفلسطينية المحتلة منذ 56 عامًا. لكنه ركب رأس المجن، وانصاع لخياره الإجرامي ولخيار أقرانه من أركان الائتلاف الحاكم، ودفع لـتأمين الحملة الصهيونية الجديدة على درة التاج بتعزيز التواجد العسكري في العاصمة، وهذا ما جسدته الوزارات الإسرائيلية المختصة وخاصة الأمن القومي والجيش وأجهزة الامن الإسرائيلية المختلفة مع رفعها درجة التأهب والاستنفار إلى أعلى المستويات، حسب صحيفة "يسرائيل هيوم" خشية من تداعيات ما ستحمله المسيرة من عملية استفزاز لابناء الشعب الفلسطيني. لا سيما وأنها ستمر من البلدة القديمة، لذا هناك اجماع في أوساط الحكومة الفاشية على تكثيف الوجود لقوات الأمن المختلفة لحماية المسيرة والوزراء الذين سيشاركون في المسيرة التهويدية، ومنهم سموتيريش وبن غفير وريغف ومئير بوروش ويتسحاق فاسرلاف وأوريت ستروك وغيرهم. 

والخطير في الأمر، أن جماعة "العودة للهيكل" قدمت طلبًا رسميًا للسماح لقطعان المستعمرين باقتحام المسجد الأقصى" وطلبت السماح للمسيرة بالاقتحام من باب الأسباط بهدف إضافة باب جديد لسيطرتهم بالإضافة لباب العمود، وهو ما يضاعف من صب الزيت على النيران المتقدة بالغضب والسخط في أوساط أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ويزيدها سعارًا تصريح رفائيل موريس، أحد نشطاء جماعة الهيكل، الذي دون على موقعه في تويتر بضرورة " فرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى".

من الواضح أن زهرة المدائن تشهد من الآن إعادة احتلال من قبل دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، التي تعمل بشكل منهجي على تهويد وضم بالممارسة العملية للعاصمة القدس بكل مكوناتها ومحيطها، وتكريس شعارهم "القدس الموحدة عاصمة إسرائيل". وتسابق حكومة الائتلاف الفاشي الحاكم خطواتها التهويدية في القدس والمنطقة المصنفة " C" لتكريس فرض سيطرتها الكاملة على العاصمة والضفة الفلسطينية عمومًا، لتجسيد قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" المصادق عليه في تموز / يوليو 2018، وهذا الشعار تتناغم معه الإدارات الأميركية المتعاقبة وخاصة إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، الذي صادق على نقل السفارة الأميركية للقدس من تل أبيب في السادس من كانون أول / ديسمبر 2017، وكان ذلك أول خطوة في التنفيذ العملي لصفقة القرن الاجرامية. 

في مطلق الأحوال الاحتلال الجديد للعاصمة الفلسطينية، واتساع عمليات الإجرام والانتهاكات الخطيرة داخل الحرم القدسي الشريف وفي البلدة القديمة، بالإضافة إلى جرائم الجيش وقطعان المستعمرين في محافظات الشمال والحصار على محافظات الجنوب، التي تعرضت في الأيام القليلة الماضية لعدوان بربري، جميعها مؤشرات تؤكد المؤكد، أن حكومة نتنياهو السادسة ليست معنية بفتح أي أفق للسلام، وتعمل على شطب كلي لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وترفض من حيث المبدأ عودة اللاجئين، ليس هذا فحسب، بل حتى لم الشمل للعائلات الفلسطينية وغيرها من قوانين الفصل العنصري، وتؤجج حدة التوتر والعنف والإرهاب المنظم ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين التاريخية بمن في ذلك أبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة من خلال اتساع عمليات القتل والتهويد والمصادر وإلغاء الوضع التاريخي للمسجد الأقصى، وتبديد وتصفية كل معلم من معالم الشعب والهوية الوطنية الفلسطينية، مما يشير بشكل واضح أن حكومة الترويكا تعمل بخطى حثيثة على قانون " نفي كلي للشعب العربي الفلسطيني من الجغرافية الفلسطينية"، مما يعمق من خيار إنفجار الصراع على مدياته الواسعة. 

وهذا يفرض على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأقطاب العالم وقف دوامة الفوضى والإرهاب الإسرائيلي الفاشي المنظم قبل فوات الأوان، والعمل على تأمين الحماية الدولية لأبناء الشعب الفلسطيني، وضمان تحقيق السلام والشروع بالاعتراف بدولة فلسطين فورًا. لأن القوى الحية الفلسطينية لن تسمح لإسرائيل ولا لغيرها من كي الوعي الوطني، وتمرير نكبة جديدة، بل سيواصل أبناء الشعب دفاعهم المستميت عن تجذرهم وتحقيق أهدافهم الوطنية في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير على أرض وطنه الأم.