بعد أسبوعين من عملية الشهيد خيري علقم البطولية، ينفذ الشهيد حسين قراقع (31 عامًا) عملية فدائية جديدة في العاصمة الفلسطينية الأبدية القدس، وفي حي الصهاينة الحريديم الأكثر تطرفًا، حي راموت ظهر امس الجمعة الموافق العاشر من شباط / فبراير الحالي (2023) في الواحدة والنصف تقريبًا عند مفترق الخروج من الحي باتجاه غفعات زئيف، وقام بدهس عدد من الصهاينة، نجم عنها قتل صهيونيين وإصابة آخرين، بعضهم اصاباته خطرة وفق المصادر الطبية الإسرائيلية. 

 

وتأتي هذه العملية الجديدة ردًا على جرائم الحرب الإسرائيلية، وعلى واستشهاد الأسير المناضل أبو علي أمس، ودفاعًا عن الذات الشخصية والوطنية في مواجهة الحكومة الأكثر فاشية في إسرائيل بزعامة نتنياهو، وليس حبا في العنف، ولا رغبة في مواصلة نزيف الدم، وليؤكد للقاصي والداني في العالم، أن الشعب الفلسطيني سيبقى يقاوم بكل الوسائل المشروعة والمتاحة ليحقق أهدافه الوطنية كاملة غير منقوصة، ولارغام قادة إسرائيل بكل تلاوينهم ومشاربهم على الإذعان لصوت الحق والعدالة الممكنة والمقبولة فلسطينيًا وعربيًا وعالميًا. 

 

وأهمية العملية تكمن في أنها، أولاً تمت في الحي الأكثر تطرفًا بين المتشددين المتدينين، وجميهم دعاة حرب على الشعب الفلسطيني وحقوقه، ثانيًا لم يستخدم فيها الشهيد قراقع ابن العيسوية المقدسية أي سلاح، وإنما قام بسيارته بدهس المستعمرين الصهاينة؛ ثالثًا أكدت مجددًا أن القدس عاصمة دولة فلسطين الأبدية، ولن تكون يوما عاصمة لإسرائيل؛ رابعًا أرسلت رسائل عدة للإسرائيليين وعرب الردة وقادة العالم عمومًا والولايات المتحدة خصوصًا، أن السلام الممكن والمقبول، هو السلام السياسي والقانوني المرتكز على قرارات الشرعية الدولية وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم وفقاً للقرار 194 والمساواة الكاملة لأبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والساحل. 

 

كما أن العملية الفدائية الجديدة عمقت التناقضات بين أركان الحكومة، وبينهم وبين أركان المعارضة والمنابر الإعلامية، ومن مؤشرات ذلك، أولاً تصريح ايتمار بن غفير من موقع العملية الشجاعة، بأنه سيقوم بحملة "السور الواقي 2" في القدس غدًا الأحد، الأمر الذي رفضه يعقوب شبتاي، مدير عام الشرطة، ورفض فرض حصار على العيساوية. كما أن مصدر رسمي حكومي رفض ما أدلى به ما يسمى بوزير الامن القومي، أضف إلى أن زعيم المعارضة يئير لابيد، أصدر تصريحًا ردًا على موقف الوزير الأرعن، جاء فيه، "وزير (تيك توك) وخبز البيتا أمر بشن عملية سور واقي 2 بدون قرار (كابينيت)، ولا تقييم للوضع الأمني، ولا تنسيق بين القوات – إذا لم يكن الأمر خطيرًا، فهو سخيف مثله." وقالت الصحفية، اتيلا سموفالفي من صحيفة (يديعوت احرونوت) "بن غفير صنع من نفسه أضحوكة، لكن لنفترض غير ذلك، وأنه فعلاً يريد سور واقي 2 – فإذا لم تشرع البحكومة في العملية، فلن يصبح بن غفير مجرد مسخرة للحكومة، بل سيتعين عليه الاستقالة – لأنك إذا أعلنت عن قرار، ولم تنفذه، فماذا أنت بالضبط؟ ما هي قوة تأثيرك؟ اداؤك؟ الثقة فيك انتهت".  

 

ونقلت قناة "كان" الإسرائيلية عن مسؤول سياسي كبير انتقاده بشدة لتصريحات وزير الامن القومي، قائلاً: "لا ينم اتخاذ القرارات يشأن عملية سور واقي 1 أو 2 أو 3 أو 4 على رصيف الشارع، وفي مكان العملية". وتابع "قبل اعلان زعيم "القوة اليهودية" لم يكن هناك نقاش أو تشاور مع المسؤولين الأمنيين حول العملية." وقالت صحيفة "يديعوت احرونوت" إن تصريحات بن غفير تعبر عن انفعال لا قيمة له، كيف يمكن للشرطة التاي انت مسؤول عنها، بأن تقوم بعملية عسكرية، هذه شرطة وليس جيش عسكري، يجب أن تعرف ما تتحدث به". كما نقلت القناة (13) الإسرائيلية عن مصدر امني كبير، تعليقا على كلام الوزير الفاشي، قوله، إن هذا "كلام هراء". 

 

وكان من بين ردود الفعل السريعة على العملية البطولية، أن أصدر رئيس الحكومة السادسة قرارًا باغلاق منزل الشهيد قراقع، كما تم اعتقال زوجته آية قراقع، وأصدر وزير الحرب غالانت قراراً بمصادرة ملايين الشواقل من 87 مواطنًا فلسطينيًا من اسرى العاصمة القدس الشرقية بذريعة، إنها أموال السلطة الفلسطينية، وكأنه أراد الفصل بين أبناء الشعب الواحد، وتناسى أو تجاهل، أن وحدة الشعب الفلسطيني عميقة ومتجذرة عمق التاريخ والانتماء والهوية الوطنية الواحدة. 

 

وبالنتيجة كل إجراءات وجرائم حرب الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ نكبة ال1948 وحتى اليوم لن تفت في عضد الشعب الفلسطيني، ولن تثني مقاومته الدفاعية عن ارض الوطن وحتى إزالة الاستعمار عن كل شبر من ارض فلسطين، وبالتالي الأفضل للاسرائيليين دون استثناء أن يراجعوا سياساتهم، ويكفوا عن إرهاب الدولة المنظم، ويعودوا لجادة السلام الممكن والمقبول، أن كانوا يريدون وقف العمليات الفدائية.