دفع الشعور بالمسؤولية تجاه الآثار القديمة، ربما لارتباطها بها منذ صغرها، المهندسة المعمارية ولاء شبلاق، إلى البدء بمشروعها الخاص؛ والذي يهدف إلى ربط الإنسان بمدينته والبحث بما تبقى من الآثار في المعالم القديمة.

وتقول شبلاق: "كبرت في إحدى البنايات القديمة، وتخصصت بمجال الهندسة المعمارية ووجدت جل اهتمامي يتمحور حول العَمارة الإنسانية، فكان هذا الاهتمام دافعاً للبدء في مشروعي الخاص".

المهندسة المعمارية والفنانة البصرية، ولاء شبلاق (27 عامًا) من قطاع غزة، بدأت بمشروعها الخاص "مسار"، بعيدًا عن المشاريع التقليدية؛ تتجول في شوارع البلدة القديمة بغزة، وترصد ما يقع عليه بصرها، ترسمه سريعًا، قبل أن تقوم بنقله على دفتر خاص بمشروعها، بدقة وإتقان.

تعلق المهندسة "شبلاق" بالرسم وإتقانه بدأ من تجربة وجدانية عاشتها في أوقات سابقة، جعلتها ترسخ الفن للتعبير عن ذاتها وشغفها، وفق ما صرحت به.

وتستخدم ورق الكانسون وأقلام التحبير، لإبراز الأسلوب الواقعي في الرسم، لوجود عدد من الماني الأثرية في المنطقة على وشك الزوال.

"مسار"؛ هو الجزء الأول من مشروع العَمارة المحكية، وهو توثيقي، للتوعية بقيمة المباني الأثرية كشاهد تاريخي على وجود الإنسان في البلدة القديمة بغزة.

والمشروع "عبارة عن نتاج منحة عملت عليها خلال الأشهر الماضية، وتم عرض 4 من أعمال المشروع في عدد من المعارض المحلية، وأعمل حاليًا على عرض جميع أعمالي بمعرض فردي"، وفق شبلاق.

وبينت أن مشروع مسار يتم تقديمه للجمهور المستهدف من خلال عرضه على كتيب يوضح قيمة المباني الأثرية ويقدم معلومات هامة حولها، إلى جانب اللوحات الفنية الموجهة للجمهور العام والمختص في هذا المجال.

وتطمح شبلاق أن تستطيع تكوين مساحة خاصة بها لتقديم نتاج مشروع مسار بشكل مرئي وملموس، لتبدأ بورشات تثقيفية للمختصين بالمعالم القديمة

وتؤكد أن "مشروع مسار يهدف إلى ربط الإنسان بمدينته والبحث بما تبقى من الآثار في المعالم القديمة في غزة، التي تتمتع بعدد من الأماكن الأثرية".

وترى "شبلاق" أن هذا الاهتمام "يوجه المختصين لشكل المدينة التي سيتم التوصل لها؛ فمركز البلدة القديمة المعاصر اختلف كثيرًا عن السابق، وتحديدًا بنية الشوارع وشكل المباني وطريقة احتواء الفراغ المحيط بالإنسان".

ونوهت إلى أن "تهميش المناطق الأثرية وخلوها من الوجود الإنساني، إلا قليلًا، دفعها إلى توثيق المعالم القديمة ودراسة أثرها وعلاقة الإنسان بالمدينة".

ونبهت إلى ضرورة وأهمية "النظر لأصالة الماضي واستلهام المعاني القديمة لإعادة صياغتها في قالب جديد، ليتم عليه بناء المدينة مستقبلاً".

وتوضح الفنانة شبلاق، أنها "تشعر بالمسؤولية تجاه الآثار القديمة"، فكان ذلك دافعًا آخر إلى تبنيها ودمجها في أعمالها الفنية عبر مشروعها الخاص "مسار".

وأكملت: "في العمارة القديمة قيمة معنوية تتعدى الكيان المادي، سواء بالحجارة أو الجدران والنوافذ، لكونها نتاج عمل عفوي بين المدينة والإنسان، الذي يعبر عن الأصالة الذي يعيد بناء الإنسان مجدداً من خلال البساطة والشعور بالمسؤولية تجاه المدينة".

ولفتت إلى أن "المدينة الحديثة عبارة عن قوالب والإنسان لا يقع على عاتقه سوى اختيار القالب الذي سيعيش فيه، فبالتالي لا يوجد مساحة للتعبير عن الأصالة والهوية في المدينة المعاصرة".

وتحدثت عن الصعوبات التي واجهتها في "مسار". مبينة: "في البداية كان من الصعب أن أتواجد لفترة طويلة أمام المَعلم الذي أريد رسمه، لكونها غير مهيأة للتجول بها لوقت طويل".

وذكرت أن الحل لهذه المعضلة كان في "الرسم السريع للمشاهد وأخذ صور كافيه لأكثر من جانب، لأستكمل الرسم في المنزل".