بقلم: أمل حرب

بعد ثلاث سنوات من الغياب "القسري" بفعل وباء "كورونا"، عاد مهرجان العنب الفلسطيني في نسخته التاسعة، ليتوج بأطنان من "لآلئ الذهب" الخليلي، وليعيد للمزارعين والمتسوقين على حدٍ سواء، فرحة وبهجة الموسم.

جنبات المكان الذي امتد على أكثر من 5 آلاف متر مربع، ازدحمت بالمزارعين والمنتجين، وأكثر من ذلك بالزوار والمتسوقين من كل ارجاء الضفة الغربية، والقدس، وأراضي العام 48، وعلا صوت الفرقة القومية للفنون الشعبية وغيرها من الفرق بالأغاني والأهازيج والعروض الوطنية، محًولة الحدث من مهرجان زراعي، الى حفل ومهرجان وطني بامتياز.

أكثر من 150 ألف شجرة عنب في محافظة الخليل تركت بصمتها واضحة في مهرجان العنب التاسع بأنواع واصناف متعددة، منها: الشامي، والحلواني، والبيتوني، والزيني، والبيروتي، والدبوقي، وغيرها من الأصناف.

ومن المتوقع أن تصل كميات الإنتاج لهذا العام إلى ما يقارب 37 ألف طن وبمستويات عالية من الجودة.

غير أن وفرة الإنتاج لهذا العام تتطلب، بحسب رئيس مجلس العنب والفواكه الفلسطيني فتحي أبوعياش، تنظيم سلسلة من الأيام التسويقية التي تم الإعداد لإقامتها في عدة محافظات تحت عنوان "أيام عنب الخليل"، بالإضافة الى المهرجان السنوي الذي ينظم في بلدة حلحول.

وقال رئيس غرفة تجارة حلحول أحمد مناصرة، وأحد المشرفين على المهرجان، إن عدد المشاركين في المهرجان بصورة مباشرة يقدر بـ 100 مزارع، من بينهم 25 مزارع عنب و40 جمعية تعنى بمنتجات العنب المختلفة، و6 جمعيات تعنى بمنتجات أخرى مثل الجوافة والتمور، بالإضافة الى شركات أطعمة ومأكولات. وأضاف انه جرى في اليوم الأول تسويق نحو 4 آلاف كرتونة عنب داخل أرض المهرجان، ومثلها في محيطه.

المزارع طلعت جويحان من مدينة الخليل، الذي عرض أنواعا واصنافا مختلفة من العنب لتسويقها في المهرجان، أشار الى ان الاقبال على المهرجان ممتاز هذا العام، مبينا انه يوجد عنده 10 دونمات مزروعة بالعنب ويتم تسويق منتجاته في السوق المركزي، بالإضافة الى تصنيعه، واشار الى ان التسويق هذا لعام جيد رغم وجود العنب الاسرائيلي في الاسواق الذي ينافس المنتج المحلي.

مدير زراعة شمال الخليل مجدي عمرو قال إن هنالك ما يزيد عن 50 ألف دونم من كروم العنب منتشرة في كافة محافظات الوطن، منها ما يقارب 30 ألف دونم في محافظة الخليل وحدها، تشكل مصدر الدخل الأساسي لما يزيد عن 6000 أسرة في المحافظة.

وقال رئيس الهيئة الادارية لجمعية السنابل التعاونية التي تنتج عصير العنب رائد ابو يوسف، إن موسم العنب هذا العام جيد من حيث الانتاج، مبينا ان المصنع واجه ضغطا كبيرا نتيجة تدني الأسعار، حيث توجه المزارعون الى صناعة الدبس، والعصير المسمى "الراووق"، لافتا ان هناك طلبا على عصير العنب الفلسطيني، وأن هنالك تسويقا جيدا للعصير في فلسطين، وقال، إن المصنع يعمل منذ عام 2007 وتم تطويره وادخال خطوط انتاج جديدة عليه، وتم تحسين الجودة، وهنالك مخطط لإنتاج عصير غازي، وعبوات خاصة بالأطفال.

وأوضح ان أشهر المنتجات المصنع هو العصير الطبيعي من العنب الأسود والابيض، وخل العنب، والدبس.

المزارعة يسرى شاهين، التي تعمل في تصنيع العنب منذ عام 2000، طورت مهارتها عن طريق دورات خاصة لدعم المرأة المنتجة والعاملة، ترافق زوجها في تسويق منتجاتهم في مهرجان العنب الفلسطيني، حيث تعمل في تصنيع منتجات العنب من ورق الدوالي المحفوظ في اواني زجاجية وبلاستيكية، والدبس، والملبن، بالإضافة الى الزعتر، والسماق، والبندورة المجففة.

ووصفت شاهين نفسها بملكة الملبن، حيث تنتج سنويا مئات الكيلو غرامات من الملبن، مبينة انها تعمل على تسويقه في المهرجانات، بالإضافة الى زبائن في كل المحافظات، مشيرة الى انها تشتري ايضا العنب من اجل تصنيعه لتغطي كافة الطلبات والاستفادة من الموسم قدر الامكان.

المزارع بهاء كرجة من بلدة حلحول، صاحب مشتل حلحول الحديث لإنتاج اشتال العنب المتميزة، قال إنه يعرف انواع الاشتال من شكل الورق، وان أفضل انواع الاشتال لإنتاج ورق الدوالي هو البيتوني، ذو الثمار السوداء، واوضح ان أكثر المشاكل التي تواجه نجاح الاشتال هي الظروف الجوية، بالإضافة الى نوع التربة.

بدورها قالت سيدة الاعمال نهى مصلح، صاحبة محل جلري ومعرض زينب للفنون الشرقية، وخبيرة تراث عربي اسلامي وفلسطيني، إن التراث الفلسطيني جزء من هذه المنظومة، مشيرة بذلك الى مهرجان العنب الفلسطيني، مؤكدة، انه يوجد الان في فلسطين نهضة ثقافية عميقة.. وقالت، الكثير من الشباب اليوم يفتخر انه يحمل حقيبة مكتوب عليها اسماء مدن فلسطينية بالتطريز.. ومن يلبس شالات صنعت بأيدي نساء فلسطينيات من القدس.. وهنالك اندماج مجتمعي رهيب حول الثقافة الفلسطينية، مشيرة الى انها تأتي لتسويق منتجاتها في مهرجان العنب كل عام، ومبينة ان كل المأكولات من منتجات العنب جزء من الثقافة والتراث الفلسطيني

وأوضحت مصلح، ان مهرجان العنب يجمع الناس من شمال فلسطين الى جنوبها والداخل الفلسطيني، وهو مهرجان شعبي وطني وطبيعي في موقعه، حيث ينتج العنب ويزرع بأيدي المزارعين الصامدين في ارضهم.

وقالت المتسوقة لارا مارا من كفر كنا، جئنا لمهرجان العنب الخليلي لشراء العنب ومنتجاته، ولدعم مزارعينا الفلسطينيين ماديا ومعنويا، وأنها حاولت شراء منتجات عديدة ومن كل الأصناف من داخل المهرجان، منها: صابونة الغار الطبيعية، وصابونة البقدونس، والعنب الاسود والابيض، والحلويات، والمكسرات.

وقالت: "جئنا بباصات من الداخل.. وآخرون اتوا بمركباتهم الخاصة"، معبرة عن سعادتها بالمنتجات والاسعار، متمنية زيادة الخير والبركة في البلاد.

 

وكان رئيس الوزراء قد افتتح أمس السبت، مهرجان العنب الفلسطيني التاسع 2022 بعنوان "الشهد في عنب الخليل"، في بلدة حلحول شمال الخليل، مؤكدا أن "الحكومة ستبقى الداعم الأول للمزارع الفلسطيني لأن تعزيز صمود الشعب والانفكاك عن الاحتلال وتعزيز عمقنا العربي هو الهدف حتى زوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية"، مشيرا الى انه يوجد في وطننا مليون و261 ألف شجرة عنب، 60% منها في الخليل، ونتطلع لأن يصل عددها الى 2 مليون شجرة.