إيهاب الريماوي

يحاصر عدد من جنود من جيش الاحتلال، في مشهد "هوليودي"، الطفل يوسف سند كبها (3 سنوات) داخل غرفة تفتيش محصنة عند حاجز عسكري قرب قرية طورة جنوب غرب جنين.

يُذهل يوسف من هول المشهد، ذلك أنه لم يجد نفسه يوما بين من أسماهم بـ"الوحوش" يلتفون حوله مدججين بالسلاح، بحجة ارتدائه قميصاً مرسوماً عليه صورة بندقية.

والدة الطفل: أنوار كبها، التي كانت تحاول تهدئة مخاوفه، لم تكن تعلم، بادئ الأمر، سبب مهاجمة الجنود لولدها، قبل أن تدرك أن السبب هو قميصه.

"ما إن دخل يوسف غرفة التفتيش بالحاجر حتى صاح الجندي الذي يعتلي البرج العسكري على الجنود المتواجدين على الحاجز، وصار يشير إلى ابني، لم أعلم سبب ذلك، ولكن اتضح أن قميصه هو الذي سبب حالة الإرباك لدى الجنود" قالت الأم أنهار.

اضطرت والدته أن تخلع قميص طفلها حتى تتمكن من المرور عبر الحاجز المقام منذ بناء جدار الفصل العنصري عام 2003، ويفصل قرية طورة عن قريتي أم الريحان وظهر المالح.

وتضيف: "اجبرني الجنود على إلقاء القميص بجانب الطريق، وصوبوا أسلحتهم باتجاهي أنا وأطفالي يوسف (3 سنوات) وسيلا (6 سنوات)، وحينها بدأ يوسف بالبكاء فحاولت تهدئته، والتقطت له الصورة التي يرفع فيها إبهامه، والتي أظهرت ثقته رغم الرعب الذي واجهه من قبل جنود الاحتلال".

عقب الحادثة التي تمرجل فيها الجنود على الطفل، نشرت والدته فيديو قصير لطفلها يوسف، بينما كان يردد "أنا مش خايف".

تعيش أنوار مع زوجها وأسلافها في قرية طورة التي تقع خارج جدار الفصل العنصري، غير أنه عائلة زوجها وأعمامه يعيشون داخل الجدار في منطقة أحراش العمرة التي فصلوا عنها عنوة منذ عام 2003، وأصبح الوصول إليهم بحاجة إلى تصاريح خاصة.

تقول أنوار:" نحتاج إلى تصاريح خاصة حتى ندخل إلى هذه المنطقة، وفي كثير من الأحيان نتعرض للمضايقات وعرقلة لوصولنا.. يفتح الحاجز عند السابعة صباحاً وحتى التاسعة مساء، وفي حال تأخرنا بالعودة عن الموعد المحدد نضطر للعودة مجدداً للخروج صباحاً، أو سلوك طريق طويلة جداً من أجل المغادرة".

ويقول رئيس مجلس طورة طارق كبها:" هناك نحو 1000 دونم زراعي قضمها الجدار العنصري، وأصبح الوصول إليها يمر من خلال سلسلة من الإجراءات العسكرية، وتخضع للمزاج الإسرائيلي، فبعد أن كانت تلك الأراضي تعج بالمزروعات المختلفة كالقمح والشعير، أصبح المواطنون يهجرونها شيئاً فشيئاً".

ويضيف: "أصبحت الزراعة في طورة طاردة للمزارعين للأسف، فالاحتلال يطلق خنازيره في أرضينا الواقعة خلف الجدار، فبعد أن حرمنا من أراضينا وضمنها إلى داخل الجدار، أصبح يهاجم أراضينا التي ما زلنا نسترزق منها، غير أن ذلك لم يعجبه، فأصبحت لقمتنا مهددة هي كذلك".

ويبلغ عدد سكان قرية طورة نحو 1500 نسمة، فيما يبلغ عدد سكان قرية أم الريحان الواقعة داخل الجدار نحو 500 نسمة، وخرب ظهر المالح الواقعة أيضاً داخل الجدار يبلغ عدد سكانها نحو 250 نسمة.

ووفق مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد اقطيش، فإن ما حصل مع الطفل يوسف كبها يدلل على أنه لا يوجد معيار أساسي لدى الاحتلال في التعامل مع الأطفال، ولا يوجد أي حماية لهم ويتم قمعهم كباقي المواطنين.

ولفت اقطيش، إلى أن الحواجز الإسرائيلية إضافة إلى أنها انتهاك لحرية الحركة والتنقل، فإنها موجودة أيضاً لترويع الأطفال، وتحديداً في المناطق الواقعة خلف جدار الفصل العنصري، وفي البلدة القديمة بمدينة الخليل، مشيراً إلى أن هناك معطيات بأن الأطفال في تلك المناطق يتعرضون لعمليات ترويع وتخويف يومي.

وتابع: "وثقنا في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عمليات إساءة لأكثر من طفل فلسطيني خلال مروره عبر الحواجز العسكرية خاصة في البلدة القديمة بالخليل، وخاصة تلك التي تفصل بين الأماكن التي يعيش فيها الأطفال وبين المدارس التي يدرسون فيها، الأمر الذي يجعلهم في وضع معقد، وبظروف حياة صعبة".

وحسب الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فإنه منذ بداية العام الجاري استشهد 14 طفلاً في عدة مناطق بالضفة، فيما اعتقل وأصيب عدد آخر، كما وثق خلال الشهر الماضي استخدام جنود الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين الطفلة عهد مرعب (16 عاماً) كدرع بشري، وهو ما يصنف، وفق القانون الدولي، بجريمة حرب.