نعتقد أن الإقرار بشرعية الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وشرعية القرارات بقوة القانون وكذلك المراسيم الرئاسية الصادرة عنه أهم ما في تعهد قوى وفصائل العمل الوطني والأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات الفلسطينية العامة التي شاركت في الجلسة الثانية للحوار الوطني في القاهرة قبل يومين، البند الأول من الاتفاق الموقع والمعلن في وسائل الإعلام، ذلك أن التعهدات- وهذا أمر جيد أيضًا- التي وردت في باقي البنود نص عليها قانون الانتخابات إلا تلك المتعلقة بمحكمة قضايا الانتخابات كونها حديثة التشكيل.

قرأنا في مقدمة وثيقة الشرف التي تضمنها التعهد ما يلي: "نحن قوى وفصائل العمل الوطني والأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات الفلسطينية العامة"، ونقرأ في المقدمة حتى نصل إلى: "وإدراكا منا بأهمية الالتزام بالقانون الانتخابي والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه لتنظيم سير العملية الانتخابية فإننا نتعهد بالالتزام بما يلي:

أولًا: التقيد التام بأحكام القرار بقانون رقم (1) لسنة (2007) بشأن الانتخابات العامة وتعديلاته بالقرار بقانون رقم (1) لسنة (2021) والمراسيم الرئاسية ذات العلاقة رقم (3) لسنة (2021) بشان الدعوة لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني والمرسوم الرئاسي رقم (5) لسنة (2021) بشأن تعزيز الحريات العامة، والمرسوم الرئاسي الصادر بتاريخ 1 آذار/مارس لسنة 2021 الخاص بتشكيل محكمة قضايا الانتخابات".

تدفعنا هذه الوثيقة للاعتقاد بأن الخطوة الإيجابية اللازمة لوضع رواس للثقة بين الجميع تبدأ من هنا، من الإقرار بالشرعية وبكل ما صدر عنها وما سيصدر من قرارات ومراسيم، فنحن نعلم كما يعلم الجميع أن الحملات الإعلامية والتصريحات والبيانات التي صدرت سابقا عن بعض القوى الموقعة على هذه الوثيقة لم توفر جهدًا للتشكيك بشرعية الرئيس وقراراته ومراسيمه إلا وبذلتها، أما اليوم فإننا سنستقوي بما وقعوا عليه إذا لمسنا أي عودة لاسطوانة عدم الاعتراف بالشرعية أو التشكيك بقانونية وجودها كحامية للنظام السياسي الفلسطيني.

سبق وثيقة الشرف اتفاقيات وإعلانات وبيانات كثيرة، ونأمل أن يعمل جميع الموقعين عليها على مدها بالعمر اللازم ما يضمن استعادة الشعب الفلسطيني ثقته بمن نكث الاتفاقات السابقة والعهود، فالتعهد والالتزام بشرف يعني بعث روح الأمل لدى الشعب الفلسطيني، ومنع المواطن الفلسطيني من الوقوع في هاوية اليأس حيث يقف الآن على حافتها، فتراجع أي طرف وقع على وثيقة الشرف يعني أنه يرتكب جريمة بحق الشرف الوطني ومعناه وقيمته، فالأمر يتعلق بشرف فصائل وقوى عمل وطني وأحزاب، وليس بأفراد لا يؤثرون بشيء إذا قرروا نحر شرفهم بأيديهم، فالمرحلة واللحظة أعظم وأخطر مما يعتقد البعض، إذ على الجميع العلم أن الانحراف والجنوح عن الوثيقة، أو الخروج عليها، وضربها كأنها لم تكن، سيكون خدمة مجانية لمنظومة الاحتلال الاستعمارية العنصرية (إسرائيل) والمطبعين معها، ومسانديها في المؤامرات على الشعب الفلسطيني لتصفية القضية الفلسطينية، فأبواقهم الإعلامية، وألسنة مسؤوليهم السامة مازالت منذ إطلاق خطة ترامب الاستعمارية تتحدث عن خلل في تفكير ومنهج القيادات الفلسطينية، فهم يحاولون إيجاد شرخ بين الشعب الفلسطيني والقوى السياسية تمهيدًا للقضاء على منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لأنه في حالة انعدام الثقة بين الشعب وقياداته، وانعدام الشرف الشخصي والجمعي معا، وموت الضمير الوطني، سيسهل على منظومة الاحتلال والاستعمار العنصري تمرير خططها في تقديم بدائل عميلة راضخة.

سيراقب الشعب الفلسطيني سلوك وأعمال وقرارات وبيانات القوى الموقعة على وثيقة الشرف الوطنية هذه، وسيكون الوفي لأرواح الشهداء وعذاب الأسرى وآلام الجرحى وللصامدين المتجذرين في أرض وطنهم، وسيكون القاضي في (محكمة قضايا خيانة الشرف) ونعتقد أن الذي يفكر بلدغ الشعب الفلسطيني من ذات الجحر هذه المرة ليس بمؤمن، ولا يحق له نيل شرف تمثيل ولو فرد واحد منه.