لو يصمت الناطقون الحمساويون قليلا، لأصبحنا أكثر تفاؤلًا بإمكانية تحقق المصالحة الوطنية على أكمل وجه، طبقًا للاتفاق الموقع عام 2011 واستنادًا إلى كل التفاهمات بشأنها والتي تمت برعاية مصرية، لكن وعلى ما يبدو إننا نتمنى أمرًا لا يمكن أن يتحقق، لا لأن الناطقين هؤلاء لا يعرفون الصمت ولا يرغبونه، بل لأن موقف حركة حماس من المصالحة الوطنية ما زال على حاله، الذي يؤخر أكثر مما يقدم، بل والذي يعطل أكثر مما يسهل وييسر ..!!
وبلغة التوتير ذاتها، يخرج مع كل تحرك جديد لبحث سبل تنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية، ناطق حمساوي، وغالبا أبو زهري، ومعه الزهار على صفحات "الفيس بوك" ليطعن بصيص الأمل الذي يبعث به التحرك الجديد ..!!
وبالتحريف والتزوير ذاته أيضا تصبح "الأفكار المصرية" بشأن المصالحة الوطنية عند حماس وكأنها بديل عن اتفاق المصالحة الأساس، وهي الأفكار التي نظرت لها حركة فتح بصورة ايجابية، وقدمت ردها الايجابي بشأنها للأشقاء المصريين، لكن حماس ومع إنها تعرف قطعا أن الرد الفتحاوي لن يكون إلا ايجابيًا، إلا إنها لا تريد أية ايجابية في كل هذا السياق، ولا تجد غير التشكيك بالرد الفتحاوي مسبقا، ولهذا خرج أبو زهري بتصريح يزعم فيه "أن حركته تأمل أن يكون رد فتح على الأفكار المصرية مخالفًا لسلوكها وتصريحاتها السلبية، وتركيبة وفدها التوتيرية" ..!!
بمثل هذا التصريح لا يقدم أبو زهري سوى ذريعة جديدة للتنصل لا من اتفاق المصالحة من أساسه فقط، بل ومن الأفكار المصرية ذاتها، وهو يتهم تركيبة الوفد الفتحاوي بأنها توتيرية، وكأن لفتح مواقف متعددة بشأن المصالحة ...!! أو كأنه وبوهم ذاك الذي قاتل طواحين الهواء، يريد تشكيلة وفد فتح على هوى ومقاس حركته الانفصالية، وهذه من حماقات لغة الانقسام البغيض دونما أدنى شك ...!! ولا يعدد أبو زهري ولن يعدد أية سلوكيات وتصريحات سلبية لحركة فتح، لأنه لن يجد شيئا منها، غير أن منهج التشكيك والاتهام الذي لا تعرف حماس سواه منهجا، يسمح لناطقيها ومسؤوليها بالهذرمة والثرثرة والتجني بلا أية مراجعات أيا كان نوعها ..!!
وبالطبع لن يعتبر أبو زهري تصريحه التوتيري هذا، من السلوكيات والتصريحات السلبية لحركته وسيتوهم هذا الناطق انه بهذا التصريح يمكن أن يخادع الأفكار المصرية وتحريض الأشقاء المصريين على الرد الفتحاوي، والزعم بأن حماس تتبنى الأفكار المصرية كاملة، وهو الأمر غير الصحيح تماما، بدلالة تصريح أبو زهري، لأن من الأفكار المصرية وقف التصريحات التوتيرية، ولا يمكن لأي تصور وأية قراءة موضوعية إلا أن ترى التوتير كله في تصريح أبو زهري هذا، بما يعني عدم احترام حماس لمطلب الأفكار المصرية، في الوقت الذي لم يسمع احد من وفد حركة فتح إي تصريح سوى تأكيد الرد الايجابي وباللغة الوطنية التي لا تشكيك ولا مخاتلة فيها.
سيظل صمت الناطقين الحمساويين لو تحقق دلالة أمل آن المصالحة الوطنية تظل ممكنة، وبالقطع نحن نعني الصمت الذي يوقف كلام المخاتلات والفبركات والأكاذيب، ولا مناص من تمني هذا الصمت لأننا لا نريد لغير المصالحة الوطنية أن تكون، وان تكون حقا وفعلا يعيد العافية لوحدة الوطن، أرضا، وفصائل، وقوى، ومسيرة حرية وتحرر، حتى دحر الاحتلال ونيل الاستقلال بدولة فلسطين من رفح حتى جنين، وعاصمتها القدس الشرقية.