العقبة الأساسية أمام تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، هو مشروع حركة حماس الإخواني ذو المرجعية الخارجية، لا احد، أو ربما قلة يدركون هذا السبب، فالغالبية لا ترى أو لا تريد أن ترى أن أساس عقدة الانقسام هي هذا المشروع التابع لتنظيم جماعة الإخوان المسمى الدولي، الذي يعتبر نفسه نقيضا للمشروع الوطني، مشروع منظمة التحرير الفلسطينية، وبديلًا له.

مرجعية مشروع حماس الإخواني هي مرشد الإخوان ومجلس الشورى لتنظيمهم الدولي، هذا الأمر يعني أن مصلحة الجماعة فوق أي مصلحة أخرى، فولاء حماس لمشروع الجماعة هو أولوية وكل شيء هو في سبيل إنجاح هذا المشروع هو مبرر.

البعض يستسهل، أو يريد لي ذراع الحقيقة، ويعد أسباب الانقسام بأنه صراع على السلطة بين فتح وحماس دون الإشارة إلى أن الانقسام في الساحة الفلسطينية هو اسبق من انقلاب حماس على الشرعية الوطنية في قطاع غزة عام2007، الانقسام بدأ منذ تأسيس حماس إبّان الانتفاضة الأولى عام 1988 عندما رفضت حماس الانضمام لمنظمة التحرير بحجة أنها علمانية، ورفضت أيضا الانضمام للقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة داخل الأرض المحتلة وكانت تتظاهر وتضرب في أيام وأوقات مختلفة، الأمر الذي شق وحدة الصف أمام الاحتلال الإسرائيلي.

الانقسام ورفض حماس اعتبار منظمة التحرير ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني سبق اتفاقيات أوسلو وإقامة السلطة الوطنية، فاختزال أسباب الانقسام بمسألة الصراع على السلطة هو أمر لا يخدم مسألة إنهائه.

إن جذر المشكلة هو أن لحماس مشروع إخواني بمرجعية إخوانية منعها، أي حماس، من أن تغلب المصلحة الوطنية الفلسطينية على مصلحة الإخوان وحلفهم الإقليمي والدولي.

لنسأل أنفسنا ألم يكن انقلاب حماس عام2007 وحصول الانقسام بمعناه العميق مخططا إسرائيليًا أميركيا إقليميا بهدف خلق كيانين فلسطينيين متصارعين من اجل تقويض أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع عاصمتها القدس.

ألم يكن هدف إسرائيل نزع شرعية القيادة الفلسطينية كي تتهرب من الالتزامات وإظهار أن الشعب الفلسطيني لا يستحق دولة.

وأيضا ألم تضر مرجعية حماس الإخوانية القضية الفلسطينية عندما أقحمتها في الصراعات العربية الداخلية والإقليمية إبّان ثورات ما أطلق علية الربيع العربي، في سوريا ومصر وليبيا واليمن.

إن الانقسام وفشل المحاولات المتكررة للمصالحة ما كانت لتحصل لو لم تكن لحماس مرجعيتها الإخوانية ولو لم تكن مصلحة الإخوان هي الأولى بالنسبة لحماس؟

إذا أدركنا سبل العلة تنتهي العلة لذلك على حماس أن تنهي هذا الارتباط التلقائي بالتنظيم الدولي للإخوان وان تنخرط في المشروع الوطني بدل مشروع الإخوان.

صحيح أن المشروع الوطني في مأزق واحد أسباب هذا المأزق الانقسام، وصحيح أن منظمة التحرير بحاجة إلى إصلاح ولكن ليس من خلال مشروع نقيض أو بديل هو مشروع جماعة سقطت في امتحان ثورات الربيع العربي وظهرت علاقاتها مع صانعي الفوضى الخلاقة في فلسطين والوطن العربي، لننخرط جميعنا بمشروعنا الوطني ونعيد معا له الاعتبار ونعيد صياغته انطلاقا من المتغيرات من حولنا.