خاص مجلة "القدس" الاصدار السنوي 333 كانون ثانٍ 2017

رام الله : تحقيق: وسام خليفة-  عدي غزاوي

حملَ العام 2016 العديدَ من الأحداث المهمّة للقضية الفلسطينية. وفي حين راوحَ الواقع الاقتصادي مكانَه، فإنَّ المشهد السياسي الذي بدأ صعباً سجَّل مع نهاية العام عدداً من الإنجازات المثمِرة. وفي هذا التقرير سلطَّت "القدس" الضوء على أهمِّ التّطورات والأزمات التي شهدتها السياسة والاقتصاد الفلسطينيين في العام 2016، وما سيحمِلُه العام المقبل لفلسطين على هذين الصعيدَين.

 

سياسياً

السياسة الفلسطينية حصدت ما زرعت في ختام العام 2016

يرى المحلِّل والكاتب السياسي د.عبدالمجيد سويلم أنَّ الواقع السياسي الفلسطيني عرف عبر العام 2016 محطات هبوط وصعود استُهلَّت بانطلاقة صعبة، ولكنّها انتهت بنجاح سياسي مثمر. فيشير إلى أنَّ العام 2016 شهد في مطلَعه تعزُّزَ الواقع السياسي اليميني المتغطرس في إسرائيل، وانغلاق العملية السياسية بالكامل جرَّاء السياسة الإسرائيلية والمفاهيم التي بدأت تفصح عن نفسها أكثر من أي وقت مضى، لا سيما لجهة الحديث عن ضمِّ الضفة الغربية وشرعنة الاستيطان، والحديث عن أرض إسرائيل ويهودا والسّامرة، والعودة إلى نغمات ما قبل التاريخ، علاوةً على مراوحة الانقسام الفلسطيني البغيض مكانه.

ويضيف د.سويلم: "ولكن على صعيد لملمة حركة "فتح" كان يبدو أنَّ مجرد عقد المؤتمر السابع هو بحد ذاته إنجاز، فقد انفرجت العديد من الأمور بعقد المؤتمر السابع للحركة، والتي هي عِماد الحركة الوطنية الفلسطينية، واستطاعت الحركة رغم كل الصعوبات، ورغم بعض الانتقادات، أن تعقد مؤتمرها، وأن تعيد انتخاب هيئاتها، وأن تُجدِّد شرعيّتها وهو الأمر الذي ربما يكون قد أفضى إلى الكثير من الإنجازات التي نتحدّث عنها اليوم، وكذلك اللّغة واللّهجة التي كنا نستمع إليها طوال السنة الماضية حول الانقسام اختلفت بعد مشاركة حركة "حماس" في المؤتمر، وإلقاء كلمةٍ باسم الأستاذ خالد مشعل، وكانت كلمةً مسؤولة رُحِّب بها على أعلى المستويات الفلسطينية، وتمَّ التأكيد على أهميتها وأهمية ما يمكن أن تؤسِّس له من علاقات وطنية قائمة على أساس الشراكة أو البحث عن وسائل فعّالة للشراكة الوطنية، بهذه المعطيات شهد العام في نهايته بعض الانفراجات، فصحيح أنَّ الغطرسة الإسرائيلية تزداد وتُلقي بكثير من الظلال والقتامة على المشهد، لكن من الواضح أيضاً أنَّ الشعب الفلسطيني يجد الطريق لمواجهة هذه التحديات، وأعتقد أنَّه يشقُّ طريقه بنجاح على الرغم من كل الصعوبات، وقد تُوِّجَت هذه الانفراجات على مستوى النضال الوطني الفلسطيني بالقرار التاريخي الذي صدرَ قبل أيام عن مجلس الأمن، والذي يُدين  الاستيطان ويدعو إسرائيل لوقف كافة أنشطتها الاستيطانية، وأصبحنا أيضًا على أعتاب عقد المؤتمر الدولي في باريس الذي ستحضره سبعون دولة".

من جهة ثانية، ينوِّه د.سويلم لتعرُّض شعبنا في الأراضي المحتلّة العام 1948 لأزمات خانقة جرّاء القوانين العنصرية التي تُكبِّله وتحاول النيل من حقوقه ومن أهدافه في الوحدة، ويلفت إلى أنَّ "شعبنا في الـ48 رغم ذلك أثبت قدرته على المواجهة، وتوحَّد في القائمة المشتركة واستطاع إيجاد جسمٍ وطني فلسطيني مقاومٍ لسياسة الغطرسة والاستيطان والعنصرية والهجمة على مكتسباته ومحاولة محو هويته وطموحاته الوطنية والقومية، وبهذه المعاني حقَّقت القائمة المشتركة في الداخل إنجازات عظيمة في مواجهة الاحتلال وفي مواجهة الاستيطان".

 

"إدانة الاستيطان" أهمُّ قرارات مجلس الأمن بحق القضية الفلسطينية

"مَن ينكر أهمية قرار إدانة الاستيطان لا يعرف حقائق السياسة والعصر والصراع الدولي"، برأي د.سويلم، إذ يقول: "القضية الفلسطينية هي قضية دولية بامتياز، فإسرائيل قامت بقرار دولي، وتطوَّرت بدعم دولي، وبقيت متفوّقة أيضًا بسبب هذا الدعم الدولي، لذا فهذا القرار هو قرار استراتيجي وغير مسبوق يضع إسرائيل في أضيق زاوية لأنّه يؤسِّس لمحاكمة إسرائيل، ويضعها تحت طائلة المطاردة القانونية الدولية، ومَن يعتقد غير ذلك أنا أشك في قدرته على قراءة المشهد السياسي ومعرفة طبيعة القضية الفلسطينية وخصائصها، فلو كانت المسألة بالبساطة التي يتحدّثون عنها لما شاهدنا هذه الهستيريا والجنون الذي دبَّ في إسرائيل، ولما امتعض ترامب وجماعته وكل اليمين الإسرائيلي من التصويت. صحيحٌ أنَّ التصويت ليس تحوُّلاً كاملاً في الموقف الأمريكي، لكنه عقوبة وجَّهها أوباما لنتنياهو في الدقيقة التسعين كما يقولون، وإسرائيل الآن تدرك خطورة ذلك، وتعرف أنه لم يعد أمامها سوى أن تحاول الاحتماء بترامب، ولكن ماذا يستطيع أن يفعل ترامب؟ يمكنه اتخاذ قرارات على مستوى إدارته، إلّا أنه لا يملك شيئاً في مواجهة قرار يصدر عن مجلس الأمن، وبرأيي إسرائيل تعي خطورة القرار، والمعارضة الإسرائيلية اليوم أصبحت تتحدّث عن أنَّ إسرائيل وصلت إلى الحضيض، وتتحدَّث عن بيع الأوهام والأكاذيب التي روَّج لها نتنياهو عن أن وضع إسرائيل القانوني والسياسي عالمياً في أوجه، في حين أنَّ إسرائيل بدأت تخسر خسارات هائلة، وكل دول العالم بدون استثناء بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية ضاقت ذرعًا بهذه السياسة وبالوهم والأكاذيب التي يحاول نتنياهو تسويقها لشعبه. فأوباما لم يعترض على القرار من أجلنا، بل ليضَع عقبات أمام ترامب، وللرد على اليمين الإسرائيلي الذي حاول التحالف مع اليمين ومع الجمهوريين في أمريكا، ولتوجيه صفعة لنتنياهو لكل ما قام به من محاولاتٍ للتدخّل في الشأن الأمريكي، ولأنّه حاول إهانته  أكثر من مرة عندما ذهب إلى الولايات المتحدة للقاء أعضاء الكونغرس بدون موافقة أوباما، وبالتالي هذه المسائل ربما تأتي في إطار ردود الأفعال من قِبَل الإدارة الأمريكية على سلوك اليمين المتغطرس العنصري، لكن في نهاية المطاف أمريكا أصلاً لا تعترف بالمستوطنات ولا بالاستيطان، وكل ما كانت تحاول إسرائيل تسويقه عن وقوف الإدارة الأمريكية مع الاستيطان كان كذباً، فالإدارة الأمريكية لم تقف مع الاستيطان، لكنها لم تكن تفعل شيئًا لمواجهته، وهذا مختلف".

ويردف: "لذا نحن الآن نمتلك بنية قانونية هائلة لمواجهة الاستيطان والاحتلال، والمؤتمر الدولي سيُعقَد ليقول إنَّ هذا الاستيطان غير شرعي، فقرار مجلس الأمن يقول أنَّ أراضي الـ67 والقدس الشرقية أراضٍ محتلّة احتلالاً عسكرياً، وعلى كل الدول التفريق بين الأرض الفلسطينية والأرض الإسرائيلية، وأن تعرف أنَّ كل النشاطات الاستيطانية التي تقوم على الأرض الفلسطينية هي انتهاك للقانون الدولي الإنساني، وبالتالي هذا انقلاب في المشهد السياسي وفي الصراع السياسي والدبلوماسي بيننا وبين إسرائيل".

 

بداية 2017 ستكون موفّقةً سياسياً

يرى د.عبد المجيد سويلم أنَّ العام 2017 سيحمل بدايةً موفقّة للفلسطينيين على الصعيد السياسي، إذ يقول: "أولاً، سيُعقد المؤتمر الدولي في باريس وسيتحدَّث عن آليات محدَّدة، فأمام العالم خياران، إمّا أن يوافق على ما جاء في قرار مجلس الأمن، وبالتالي تبدأ عقوبات ضد الإسرائيليين، وتبدأ سياسات حقيقية رادعة لهذا الاحتلال، وإمّا أن يضع الاحتلال أمام الأمر الواقع ليعترف بدولة فلسطين كاملة العضوية في الأُمم المتحدة، وفي كل الأحوال فنحن سنسعى للحصول على العضوية الكاملة في أسرع وقت ممكن في الأمم المتحدة وعندها نصبح دولة معترفاً بها من قِبَل كل أنحاء العالم بما فيها الولايات المتحدة، وتبقى إسرائيل الدولة الوحيدة التي لا تعترف بفلسطين، وهذا سيوجِد واقعاً جديداً، وإسرائيل تحاول منع تحوُّل القضية الفلسطينية إلى حقيقة سياسية دولية، لكنَّ مجلس الأمن أثبت أنَّ فلسطين هي حقيقة سياسية في هذا العالم، وأنَّ أحداً لا يمكنه إلغاء أو تجاهل أو تجاوز هذه الحقيقة، ومن هنا فما ينقصنا هو الحقيقة السيادية والحقيقة السيادية أصبحت مسألة وقت، وبتحوّلنا إلى حقيقة سياسية فإنّنا سنكون في سباق مع الزمن للحقيقة السيادية".

 

اقتصادياً

الواقع الاقتصادي الفلسطيني إلى تراجع

يرى الخبير في الشؤون الاقتصادية د.هيثم دراغمة أنَّ حال الاقتصاد الفلسطيني لعام 2016 لم يختلف كثيرًا عن الأعوام الماضية لوجود المعيقات ذاتها التي شهدها في العامَين 2014 و2015، ويضيف: "لم تشهد الأراضي الفلسطينية في العام 2016 أي نموٍّ على الصعيد الاقتصادي، بل إنَّ الواقع الاقتصادي في تراجع مستمر، وبالأرقام فإنَّ العام 2016 كان الأكثر تراجعاً اقتصادياً. فنِسَب البطالة والفقر تزايدت، في ظل قلّة التوظيف في القطاعين العام والخاص، حيثُ أنَّ عدد العاملين لا يتجاوز 7 آلاف في أحسن الأحوال في القطاع الخاص، ونحو 2000 في القطاع العام".

ويشير د.دراغمة إلى أنَّه وفق ما جاء في إحصائيات لدوائر فلسطينية رسمية وجهات رسمية كدائرة الإحصاء المركزية، فإنَّ أكثر من 380,000 عامل فلسطيني عاطلون من العمل، بينهم أكثر من 166,000 في الضفة الغربية، و218,000 في قطاع غزة، بمعنى أنَّ نسبة البطالة وصلت بشكل عام إلى 28.4%، ويرى أنَّ هذه الأرقام  لا تعكس الحقيقة المطلقة لنسب البطالة، حيث يوضح: "بتصوري نسبة البطالة تصل إلى 50% إن لم تكن أكثر إذا تحدثنا عن البطالة عموماً، أمّا فيما يخص العاطلين من العمل من حملَة الشهادات العليا فنسبة البطالة في صفوفهم تصل لـ70% أحياناً، وهذه كارثة كبرى على الاقتصاد الفلسطيني. وقد تحدّثت وزارة العمل مؤخّراً عن أرقام جديدة تشي مبدئياً بوجود 400,000 عاطل من العمل في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وأكثر من 230,000  عاطل من العمل في قطاع غزة، وبالتالي فنسبة البطالة في ازدياد في حين أن نسبة التوظيف في القطاعين العام والخاص لم ترقَ بعد للمستوى المطلوب".

ويتابع: "هذا التراكم في الأزمات والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الأراضي الفلسطينية، ناجمٌ عن استمرار وجود المعيقات ذاتها، وعلى رأسها استمرار تحكُّم الاحتلال بمواردنا الطبيعية ومصادرتها، واستمراره بحصار قطاع غزة والسيطرة على المعابر الفلسطينية، وتقطيع أوصال المدن الفلسطينية، وفوق ذلك، فإن الاحتلال كان يتلكأ في كثير من الأحيان في إعطائنا مستحقاتنا لديه، وأحياناً كان يذهب باتجاه جدولة المديونية على السلطة الفلسطينية للشركات والقطاع الخاص في الجانب الإسرائيلي، وهذا أيضاً فاقم الأزمة. ومن المعيقات الأخرى، عدم انتظام المساعدات العربية، إضافةً إلى أنَّ بعض الدول العربية قلَّلت من هذه المساعدات، فالسعودية مثلاً كانت تصلنا منها مساعدات تفوق الـ120 مليون دولار، وتقلَّصت إلى نحو 80 مليوناً، علاوةً على تقديمها سابقاً مساعدات طارئة في كثير من الأحيان، كما أنَّ عدداً كبيراً من الدول العربية انقطع تمامًا عن تقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية أو دفع المستحقات عليه وفق ما نصَّت عليه الاتفاقات المبرَمة في اتفاق اوسلو، إلى جانب عدم التزام المانحين في بعض الدول الغربية التي كانت لدينا مساعدات منتظمة منها، إذ بدأت تتراجع وبعضها لم يعد قائماً بعد انسداد أُفق عملية السلام بيننا وبين الإسرائيليين".

ويردف: "برأيي فالمشكلات الاقتصادية حتماً ستُرحَّل إلى العام 2017، لا سيما أنَّه لا جديد على السياسة العامة، فغياب المشاريع التنموية في الأراضي الفلسطينية وعدم تطور الاقتصاد الفلسطيني مرتبط بالحالة السياسية وإجراءات إسرائيل الجائرة، وحالياً هناك ضبابية مطلقة تحكم المشهد السياسي في العلاقة مع الإسرائيليين، حيثُ أنَّ سياسية حل الدولتين لم تعد قائمةً، ولا يوجد أُفق واضح للحلّ السياسي".

 

غياب التخطيط السليم يفاقم الأزمة الاقتصادية

في ظل كل المعطيات حول الواقع الاقتصادي الفلسطيني والمعيقات الحائلة دون تطوره، يرى د.هيثم دراغمة أنه قد بات من الضروري اتخاذ إجراءات فعلية من شأنها الحد من وطأة هذه الإشكالات التي تضغط على الاقتصاد الفلسطيني، ويقول: "المشاريع في الأراضي الفلسطينية غير موجودة، وقبل فترة سمعنا عن نية لتشغيل عدد من العاطلين من العمل في قطاع غزة والمدن المحيطة به برعاية من الأمم المتحدة، ولكنني أعتقد أنَّ هذا المشروع لن يرى النور، وأنه مجرد حديث في الإعلام الإسرائيلي لا أكثر، ولم نسمع أي تأكيد من الجانب الفلسطيني أو حتى تأكيد رسمي من الجانب الإسرائيلي بأنَّ هناك نية بتشغيل عدد من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وأيضًا خرجت أصوات كثيرة بعدم تشغيل الفلسطينيين هناك، وبالتالي هناك تناقض في رؤية القائمين على الاقتصاد الفلسطيني إذ لا يوجد لديهم استراتيجية واضحة بما يخص تحسين أداء الاقتصاد الفلسطيني، فأحياناً نسمع أنَّ القائمين على الاقتصاد الفلسطيني وراسمي سياساته اتجهوا باتجاه البحث عن آلية لابتعاث أكبر عدد من العاطلين من العمل خارج حدود فلسطين أو خارج حدود الـ67 سواء أكان داخل الخط الأخضر أو في دول محيطة بنا، ثُمَّ يخرج لنا أيضًا أشخاص يرفضون ذلك، وبالنسبة لي فأنا حقيقةً من دعاة استثمار عمالنا الفلسطينيين داخل أراضي فلسطين وعدم الاستغناء عن العمالة الفلسطينية وضخّها إلى الخط الأخضر أو أي دولة أخرى، بل على راسمي السياسات الاقتصادية استغلال هذه الطاقات الموجودة من الموارد البشرية والعمال المهرة في الأراضي الفلسطينية لفتح مشاريع استثمارية وتنموية، وهذا سيستوعب عدداً كبيراً من العاطلين من العمل ويخفف من وزر البطالة والفقر في الأراضي الفلسطينية، ومن شأنه أيضاً أن يؤدي إلى بناء نواة اقتصاد فلسطيني إذا ما تمَّ العمل جديًا على إرساء استراتيجية ورسم سياسات اقتصادية داخل الأراضي الفلسطينية. لذلك أعود وأقول أنَّ الاقتصاد الفلسطيني يفتقر للتخطيط وللمشاريع الصغيرة، ومن هنا يقع على عاتق راسمي السياسات إعداد العدة لتطوير الاقتصاد في ظل كل هذه المعيقات، ووضع خطط استراتيجية عدّة، وأن يكون في جعبتهم خطط بديلة في حال تعذَّر تنفيذ إحداها بحكم سياسات الاحتلال، وذلك لنرتقي بالاقتصاد الفلسطيني ولو كان التطوُّر بطيئاً، ولكن التراجع أمرٌ مرفوض جملةً وتفصيلاً".

ويضيف: "المشاريع الصغيرة في الأراضي الفلسطينية لا تلقى رعاية كما ينبغي من قِبَل الحكومة الفلسطينية، فعلى صعيد السياسات المالية، هل يُقدِّم النظام المصرفي تسهيلات كما ينبغي للخرّيجين؟ هل يعطي تسهيلات بلا قيود يعجز عنها العاطلون من العمل ممن يحملون الشهادات؟ برأيي على الحكومة الفلسطينية رصد ميزانية لدعم المشاريع الصغيرة والتشجيع عليها لأن من شأنها أن تساعد وتدعم في بناء القطاع الخاص الذي هو عامود فقري لأي اقتصاد في العالم، في حين أن ما يُرصَد للمشاريع الصغيرة في الأراضي الفلسطينية لا يتعدى 400 مليون دولار، وهو مبلغ زهيد، لذا لا بدَّ من إنشاء صناديق للعاطلين من العمل وصناديق للتشغيل، فمثل هذه الخطوات قد تعالج جزئيةً بسيطةً، ولكن هذه الجزئية من الممكن البناء عليها في المستقبل القريب، ولو ذهبَت الحكومة باتجاه إعطاء قروض وتقديم تسهيلات لإقامة مشاريع صغيرة لحملة الشهادات برعاية وإشراف الحكومة سيكون مردودها جيّدًا كعلاج سريع للبطالة، وللأسف هناك الكثير من المؤتمرات التي تقام في الأراضي الفلسطينية، ولكنها تخرج بدون إيجاد حلول، وبرأيي من المهم جداً وضع رؤية جدية وفعّالة فيما يخص الشأن المالي والاقتصادي في الأراضي الفلسطينية، لأن موضوع البطالة شديد الخطورة، وهؤلاء العاطلون من العمل ولا سيما من حملة الشهادات العليا أشبه بقنابل موقوتة علينا المسارعة في إيجاد حلول لهم حتى لا نلقى ما لاتُحمَد عقباه".

 

الاقتصاد الفلسطيني في العام 2017

"ضبابية المشهد السياسي والعلاقة مع الاحتلال والأزمات المتتالية في الشأن الداخلي الفلسطيني من خلافات وانقسامات وغيرها من المعطيات لا توحي بأنَّنا مقبلون في الـ2017 على عام أفضل اقتصادياً"، يقول د.هيثم دراغمة، ويضيف: "العلاقة مع العالم والدول المانحة ليست بأفضل أحوالها، والمساعدات العربية في تناقص لا سيما مع الأزمات التي تعانيها بعض الدول العربية، وبالتالي لم يعد بالإمكان التعويل على المساعدات سواء أكانت عربية أو أجنبية، والاحتلال آخذٌ بتكثيف إجراءاته الجائرة، إضافةً إلى أنَّ خيار بناء الدولتين لم يعد قائماً، وهناك تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخَب بخصوص إسرائيل وفلسطين، وهذه العوامل ستزيد من خطورة الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، وحتى المستثمر الفلسطيني نفسه سيكون حذراً في موضوع الاستثمارات، لذا أعتقد أنَّ العام 2017 لن يكون أفضل من العام 2016، وأنا أتمنّى أن أكون مخطئاً، ولكن هذه رؤيتي وفق المعطيات الموجودة الآن، والمشهد السياسي والعلاقة مع دولة الاحتلال وتعنُّتها ورفضها لكل قرارات الشرعية الدولية وعدم إعطائنا حقوقنا في الاستفادة من الموارد في الأراضي الواقعة في حدود الـ67 والمناطق التي يمكن بناء الاقتصاد عبرها، كالمناطق "ج"، والأغوار وأريحا، فهذه المناطق تم العثور فيها على بئر غاز، كذلك فمن أسباب سوء موازنة اقتصادنا عدم استثمارنا في البحر الميت وتعنُّت الاحتلال بعدم الاستثمار في منطقة البحر الميت، وهذا ما يكبّد الحكومة الفلسطينية خسائر تتراوح ما بين مليار إلى 3 مليارات سنويّاً، في حين أنّه إذا ما تمَّ الاستغلال الجيّد لهذه الموارد فإنّها ستعود بأكثر من 5 مليارات دولار سنويًا، وهذا الرقم من شأنه أن يغنينا عن المساعدات العربية والخارجية، ومن شأنه أن يعزِّز سيادة قرارنا السياسي واستقلال الكلمة الفلسطينية".