تحقيق:غادة اسعد


يُصارع بنيامين نتنياهو ليحظى بتأييد النواب من حزبه وأحزاب يهودية أخرى، وعلى رأسهم المتطرّفون في الكنيست، وهي سياسة معروفة وممنهَجة مِن قبله طوال الوقت، وعليه يعمل على توسيع البؤر الاستيطانية ويزرع المستوطنين في جميع المناطق القريبة من الفلسطينيين بهدف استغلال هؤلاء ودعمهم، ولقنص الأراضي في المنطقة "C" وغيرها من المناطق التي يعيش فيها فلسطينيون بدو.
وفي هذا الإطار يراعي نتنياهو شؤون حزبه وهو خيرُ داعمٍ لوزير الحرب أفيغدور ليبرمان، هذا المتطرف الذي يخرج كل فترة وجيزة بتصريحات تحريضيّة ضدَّ العرب آخرها تهديده للنواب العرب من القائمة المشتركة بالمقاطعة، على خلفية قرار النواب بعدم المشاركة في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيرس، حيثُ أنَّ عددًا من نواب القائمة المشتركة ظهروا في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وأكّدوا موقفهم السياسي من عدم المشاركة في جنازة بيرس، وأنهم ليسوا ملزمين بمشاركة كهذه، أيضًا نظرًا لخلفيته وحقيقته السياسية. واثر ذلك  طالبَ ليبرمان ومؤيّده نتنياهو بمقاطعة القائمة المشتركة الـمُشكَّلة من 13 نائبًا، كما طالبَا كتلتَي المعارضة الانضمام إلى قرارهما بمقاطعة النواب العرب.
النواب العرب: نتنياهو يخطّط لمنعنا من الممارسة السياسية
لاحقت المؤسسة الإسرائيلية مؤخّرًا النواب من حزب التجمع، وكانت قد سبقتها ملاحقة شرسة ضد الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، بهدف ضرب البنية السياسية والاجتماعية للفلسطينيين في الداخل.
ويقرأ الفلسطينيون في الداخل هذه السياسة على أنها محاولة للالتفاف حول "الديمقراطية" التي تدّعيها المؤسسة الإسرائيلية والتي تُعطي لنفسها الحق بفعل وممارسة ما تريد من سياسة تضييق تجاه المواطنين العرب في الداخل، بينما يكاد لا ينجو عضو كنيست في الحكومة أو في المعارضة مِن ارتكاب عمليات النصب والاحتيال، وآخرهم نتنياهو، الذي كشفت الصحف الإسرائيلية ارتكابه لعدد من المخالفات الجنائية الخطيرة.
هذا وتواصل المؤسسة الإسرائيلية إصرارها على دعمها للمستوطنين الذين يقتحمون المسجد الأقصى بشكلٍ يومي، ويعيثون في المكان استفزازًا وتحريضًا، وفي النهاية يتم اعتقال عدد من الفلسطينيين والمقدسيين، الذين يسعون لحماية المسجد الأقصى بأجسادهم، وما ملكت أيديهم مِن قُدرة على منع المستوطنين اليهود من العبث وتدنيس المسجد الأقصى وكانت آخر خطوات الاحتلال الإجهاز على الشهيد مصباح أبو صبيح.
من جهته أكَّد النائب السابق في الكنيست رئيس لجنة المتابعة العربية العُليا محمد بركة أنَّ "الحكومة الإسرائيلية شرعت منذ العام 2000 بتطبيق مشروع يهدف لوقف عمل النواب العرب في السياسة، وتهميشهم وكفِّ أيديهم عن حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في البلاد".
أمَّا النائب جمال زحالقة من حزب التجمع فيقول: "هناك حرب خطيرة تُشَن على المواطنين العرب في الداخل، بدأت بحظر الحركة الإسلامية ومصادرة جميع مقدراتها من حواسيب وممتلكات مختلفة، ولاحقًا طاردت المؤسسة الإسرائيلية حزب التجمع في محاولة لضرب القيادة الفلسطينية في عُقر دارها. ولا يزال المقدسيون يطالبون المؤسسة الإسرائيليّة بكف أيديها عن مطاردة الشبان الذين يحاولون حماية الأقصى، كونه أهمَّ مَعلَمٍ تاريخيٍّ في القدس، وقد تمّ الاعتراف من قِبَل الأونيسكو بالمجسد الأقصى كتراث حضاري وتاريخي إسلامي، لا يمكن الادعاء أنه يتبع لليهود، بينما يُشدِّد أهالي القدس على ضرورة مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن المسجد الأقصى حتى لو كان الثمن آخر قطرة دماء تسيل من أهالي القدس".
الكاتب اليهودي حجاي إلعاد خاطبَ العالم مُنتقِدًا إسرائيل!
أثارَ خطاب مدير عام منظمة بتسليم الكاتب اليهودي حجاي إلعاد بتاريخ 14/10/2016، في مجلس الأمن الدولي، وفضحه للسياسة الإسرائيلية الحالية والسابقة، غضبًا شديدًا لدى رئيس الحكومة نتنياهو وجميع اليهود الذين لا يؤمنون بالديمقراطية، وحمل خطاب إلعاد عنوان: "إسرائيل تخشى التحول الديمقراطي للمسلمين، وهو ما يفسر السعي الإسرائيلي لشيطنة الثورات العربية عبر طرح فزّاعة الإسلاميين".
وجاء في خطاب إلعاد: "منذ العام 1967 أقامت إسرائيل أكثر من مئة مستوطنة في أرجاء الضفة الغربية، وعشرات المستوطنات الإضافية التي لا تعترف بها السلطات بشكل رسمي. وقد شُيِّدت هذه المستوطنات من خلال نهب مئات آلاف الدونمات من أراضي السكان الفلسطينيين، ومن خلال انتهاك القانون الإنساني الدولي. كما أنّ وجود هذه المستوطنات يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان الخاصة بالفلسطينيين ومن بينها الحق في الملكية والمساواة ومستوى حياة لائق والحق في حرية الحركة. التغيير المتطرف الذي أحدثته إسرائيل على خارطة الضفة الغربية لا يترك تقريباً أي إمكانية حقيقية لإقامة دولة فلسطينية مستديمة".
وأضاف: "ما سأقوله لا أقصد به إثارة صدمتكم، وإنّما التأثير فيكم. فعلى مدار السنوات الـ49 عامًا الماضية، والعدّ ما زال مستمرًا، أصبح الظّلم المسمَّى الاحتلال الاسرائيليّ لفلسطين، والسيطرة الإسرائيلية على حياة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، جزءًا من النظام الدوليّ. ونحن على وشك إتمام نصف القرن الأوّل تحت وطأة هذا الواقع.
وباسم منظمة بتسيلم (مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة)، أناشدكم اليوم أن تفعلوا ما يلزم فعله. أيّ فعل لا يرقى إلى مستوى خطوة دوليّة حاسمة لن يكون سوى استهلالاً للنصف الثاني من القرن الأوّل للاحتلال".
وتجدر الإشارة إلى أنَّ "بتسيلم" منظمة تعمل في قلب البلدة القديمة في القدس الشرقية، في حيّ باب المجلس الإسلامي، المسمّى أيضًا "باب الناظر"، والحي مجاورٌ لشارع الواد الرئيس، المؤدي إلى حائط البراق من مدخل باب العامود. وترى "بتسيلم" أنّ القدس منطقة تاريخية، سادت فيها حتى وقت قريب حياة اجتماعية وثقافية غنية لسكان البلدة القديمة.
ويعيش في حيّ باب المجلس نحو 350 شخصًا وتوجد فيه مكاتب الوقف الإسلامي. وهو حي صغير، فيه منزلان خاصّان، وخمسة مجمعات سكنية، تدعى "حوش"، مبنيّة حول ساحة داخليّة.
انتقادات بتسيلم لدخول إسرائيل المنطقة "C" والاعتداء على الفلسطينيين!
تُشير الأبحاث التي تقوم بها منظمة "بتسيلم" إلى وجود عمليات هدم للمباني في المنطقة "C" بما في ذلك البناء في الأغوار، ثم الهدم المتكرِّر من قِبَل السلطات حيثُ هدمت في تجمع الكرشان ثمانية كرفانات سكنية تبرّعت بها منظمة للإغاثة الإنسانية، وقد فقدَ 28 فردًا منازلهم، بينهم 18 قاصرًا.
ويُشار إلى أنّ أعمال الهدم هي جزء من حملات مكثّفة تشنّها إسرائيل منذ مطلع العام 2016، وقد هدّمت إسرائيل خلالها، حتى اليوم، 252 مبنى سكنيًّا مخلّفة 1062 شخصًا بلا مأوى، بينهم 553 قاصرًا. وهكذا توثِّق منظمة "بتسيلم" المخالفات التي ترتكبها إسرائيل بمعية المستوطنين الذين يعتدون على الفلسطينيين طوال الوقت.
نتنياهو: إخلاء المستوطنين تطهير عرقي
انتقدَ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الرئيس الأمريكي والذي سيستبدله أحد المنافسَين (ترامب/ كلينتون)، وأشارَ صديق أوباما سابقًا إلى أنّ تصريحات الأخير تشكّل خطراً وجوديًّا على المشروع الاستيطاني، وحذّر من مغبّة إقدام الإدارة الأميركية على خطوات أُحادية الجانب، ومحاولة أوباما فرضَ وقائع على الأرض خلال الفترة المتبقية له.
وعقّب نتنياهو على ما ورد على لسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنّه يدل على عدم المصداقية والانحياز الواضح تجاه الفلسطينيين، وتأتي هذه التصريحات، التي أطلقها نتنياهو، في وقتٍ يعتقد سياسيون محلّيون وعالميون أنّ الرئيس الأمريكي يحاول أن يُلمّع صفحته السياسية أمام العالم، خاصةً أنه أخفق طوال سنوات بدعم الجانب الفلسطيني، بل كان منحازًا إلى حدٍ بارز تجاه الإسرائيليين، وكأنما يحاول أوباما تلميع صفحته وتاريخه غير ناصع البياض، بينما يدّعي نتنياهو أنّ إخلاء المستوطنين عبارة عن عملية تطهير عِرقي، متناسيًا ومتجاهلاً تمامًا السياسة المُنتهجة تجاه الفلسطينيين سواء أكان من الداخل أو الضفة والقطاع.