خاص مجلة "القدس" العدد 330 ايلول  2016  حوار: مصطفى ابو حرب

 

على خلفية مشاركتها المميّزة في مهرجان الشعر الأول "القدس زهرة المدائن" الذي نُظِّم في الرابطة الثقافية في طرابلس، أجرت مجلة "القدس" حواراً مع الشاعرة الدكتورة يسرى بيطار حول كتاباتها عن فلسطين والدور الذي يمكن أن تؤديه الكلمة اليوم في تحريك الشعوب وتغيير الواقع.

 

أين فلسطين في قصائدك وكتاباتك؟

فلسطين موجودة دائماً في قصائدي وفي حروفي وفي همسات كل شاعر عربي أصيل وكل مؤمن بالقضية الفلسطينية وبأنّها عربية وستبقى عربية وسوف تتحرّر بإذن الله.

فلسطين لا تُكتَب بحبر من دواة، وإنما الرجال يكتبون أسماءهم بالدم على أرضها كي ينالوا شرف الانتماء إليها، أليست فلسطين دُرّة تاج العرب وعنوان فخرهم؟! وأليست فلسطين أرض الديانات السماوية؟! إذاً فإليها يجب أن ترحل القلوب، وبها يجب أن تتغنّى الحناجر وعنها يجب أن يكتب الشعراء أجمل القصائد.

 

رُدِّي إليَّ يدًا في الرّيحِ عالقةً

فلا الهوى عاجزٌ لا الملتقى عَطِرُ

وبينَنا مثلُ ماءٍ في غَمامتِهِ

يا قدْسُ، أو مثلما عينايَ والبصَرُ

والقدسُ مهدٌ وأقصى، في شوارعِها

معًا يسيرُ هوى الإنجيلِ والسُّوَرُ

 

إذا كتبتُ فلسطين فأنا أكتبُ سيرة السيد عيسى المسيح لأنّه الفدائي الأول، وهو ابن تلك الأرض، وهي تشهد له، وإذا كتبتُ فلسطين فأنا أكتبُ مسرى النبي محمد إلى السماء فقد أسرى من أقصاها وفلسطين تشهد له.

يا قُبّةَ الصّخرةِ الشَّمّاءَ، عِمْتِ

مساءً مِن مسيحيّةٍ للحقِّ تأتَمِرُ

قلبي على جبلِ الزيتونِ يَصلبُهُ

مَنْ في المُصَلَّى على السَّجّادِ قد عَبَروا

 

برأيك إلى أي مدى ما زالت الأبيات الشعرية والكلمات قادرةً على تحريك الشعوب؟

الكلمة ربما ما زالت تملك القدرة نفسها أو أكثر قليلاً لأنّها تظل فاعلة، وخاصةً الكلمة التي تجهر بالحق وتجهد لا بدّ أن تصل ولا بدّ أن تتفاعل معها الجماهير، ولا بدّ أن تساهم في النصر واستعادة الحقوق والأراضي المسلوبة. واليوم يجب ألا يُستَهان بالكلمة لأنَّها أصل كل تحرُّكٍ إن كان بالاتجاه الصحيح فإنّها أول الأفعال وإن كان بغير ذلك فالكلمة أيضاً أول الأفعال، وما يجري اليوم في الوطن العربي كان أصله كلمة ووزناً وقافية ولحناً جرَّت الويلات على أُمّتنا العربية، وحرفت البوصلة عن هدفها الصحيح فلسطين.

يا حينَ أُخرِجَ منكِ الأهلُ، يا وجَعَ

الوسائدِ البِيضِ كيفَ الحبُّ يَنتَثرُ

كالياسَمينِ أمامَ النّارِ فاحَ هوًى

لا يُحرَقُ الياسَمينُ، العطرُ ينتشرُ

 

هل ما زال المنبر الإعلامي للشاعر متوفّرا ومتاحاً أمام القصيدة الحرّة والوطنيّة؟

نعم ما زال المنبر موجوداً في لبنان وفي العديد من الدول العربية التي تمنح حرية الفكر لشعوبها إلى حد كبير، وهذا ما نتمتّع به في لبنان من منابر مفتوحة للجميع ولا سيما الاخوة الفلسطينيين وكل مَن يدعم قضيتهم، وكما ترى هذه الأمسية الحاشدة اليوم، فلولا تلك المساحة لما استطعنا أن نتكلّم، ولما استطعتُم أن تنظّموا هذا المهرجان.

 

ما هو دور الشعراء والأدباء في ظل ما يحصل في الوطن العربي؟

طبعاً المنبر الذي يجب أن يكون مُطلَق الحرية هو منبر الشعراء والأدباء والمفكّرين فهؤلاء هم الذين يشهدون للحق أكثر من أهل السياسة، ولستُ أعمِّم على الإطلاق، ولكنني أتحدّث في الأغلب.

ومن هنا فإنَّ دور الشعراء والأدباء يجب أن يكون فعّالاً خاصةً أن السياسة قد همَّشت الكلمة وأبدلتها ثوب التوجيه والتثقيف وألبستها ثوب التحريض على القتل والتدمير، وعوضاً عن المنابر الشعرية والقبة أحلّت منابر الفتنة الطائفيّة المذهبيّة.

فالقدس التي كانت جامعة القلوب وبوصلة النضال باتت غريبة إلا عن عشاقها الأوفياء، وبات المهد والمسرى لا ذكر لهما إلا عند المحبين.

 

والقدسُ بوصَلةٌ بالقلب نعرفُها

مَنْ يَقْرُبوا الفتنةَ السَّكرى فقد كفَروا

صلَّيْتُ في وطني لكنْ هناكَ دَمِي

لبنانُ زهرٌ، فلسطينٌ هي المطَرُ

ومَركَعي مذبحٌ يَحمي كَنائسَها

وقِبلتي صخرةٌ يزهو بها القمَرُ

 

هل من كلمة أخيرة توجّهينها؟

أقول للفلسطينيين المرابطين في القدس والأراضي المحتلة نحييكم، قلوبنا معكم، وعقولنا معكم، أنتم أهل قضيّة ونحن أنصاركم، إن صمودكم هو ضمانة العودة وضمانة البقاء إن شاء الله.

 

الشاعرة د.يسرى بيطار:

شاعرة لبنانيّة ولدت في قرية كفيفان في قضاء البترون شمال لبنان، من عائلةٍ لها في العلم والسياسة والثقافة باعٌ طويل.

حائزة على شهادة الدكتوراه اللبنانية في اللغة العربية وآدابها، وشهادة دراسات عليا في الحقوق، وشهادة الكفاءة في التربية، وهي أستاذةٌ للغة العربية في التعليم الثانوي الرسمي وفي الجامعة اللبنانية.

عضو مجلس الفِكْر لبنان، وعضو المجمع الثقافي العربي، صدرت لها في العام 2014 مجموعة شعرية صغيرة بعنوان "عطر من الشوق"،  وفي العام 2016 ديوان "أكاد من المحبّة أسقط" الذي نالت عن قصائد منه جائزة الإبداع العالمية ضمن مسابقة الموسم الرابع عشر لجوائز ناجي نعمان الأدبية، والذي شاركَ فيه 2112 مشتركاً ومشتركةً، تقدّموا من 63 دولة، وكتبوا في 33 لغة ولهجة.