في أحدث تجليات الوله الحمساوي بمشاريع "التهدئة" الإسرائيلية، ومرابحاتها المرجوة، شنَّ رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في كلمة له أمام "مؤتمر" أسماه المؤتمر العلمي الأول (...!!) أقبح هجوم على الحركة الوطنية الفلسطينية، وتاريخها النضالي، وانجازاتها المفصلية الكبرى، التي جاء بعضها به إلى سدة الحكم، ونعني بالطبع اتفاقات أوسلو، التي أجهز عليها اليمين الإسرائيلي المتطرف.!

وفي هذا الهجوم القبيح يؤكِّد هنية حقيقة الوله الحمساوي "بالتهدئة" بطعنه لتاريخ النضال الوطني الفلسطيني، الطعن الذي يقدمه كشهادة حسن سلوك لإسرائيل لإنجاز "التهدئة" بشروطها التي لا تدانيها شروط المصالحة الوطنية، كما أعلنت حماس ذلك غير مرة، بل قالت كما بات ملنا أن شروط التهدئة أفضل من شروط المصالحة!. وليس هذا فحسب بل إنَّ هنية أراد هذا الطعن الذي تغول فيه على نحو بالغ الكراهية والحقد على تاريخ النضال الوطني، كأوراق اعتماد إضافية يقدمها لصفقة ترامب كي تكون حماس بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية، على طاولة مفاوضات هذه الصفقة الفاسدة!.

إنَّه الطعن الذي يريد أن يمحو ويزيف، ليلفق تاريخًا يبدأ من عند حماس فحسب بانجازات خطاباتها البلاغية وشعاراتها التي ستحيلها "التهدئة وصفقة ترامب" إلى مجرد ذكريات رومانسية! غير أنَّ التاريخ ليس جسدًا يمكن الإجهاز عليه، ولا خطابًا تمكِّن إعادة صياغته من جديد، ولا تاريخًا يصنع بشعارات الخديعة، وسياسات المساومة والتخاذل ومربحات التجارة الحرام، ولا تاريخًا يصنع بالكذب والافتراء، ولا تاريخًا لكل ذلك، سوى تاريخ اللعنات والازدراء والاحتقار.

ولهٌ حمساوي "بالتهدئة التصالحية" مع إسرائيل، وكره للمصالحة مع فلسطين ومشروعها التحرري، ولا معادلة اليوم تعبِّر عن حماس أوضح تعبير، غير هذه المعادلة، التي خلص إليها مرة أخرى وفد حركة فتح في القاهرة بعد مباحثاته مع الأشقاء المصريين بشأن تعثُّر المصالحة مجددًا، بسبب موقف حماس الذي أجهز على اتفاق 21/10/2017 الذي بلورته القاهرة، الذي وقَّع عليه صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس!.

إنَّها معادلة الواقع الحمساوي الخالي من كلِّ رغبة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، وهذا ما أكَّده رئيس وفد حركة فتح إلى القاهرة عزام الأحمد بعد جولة المباحثات الأخيرة مع الأشقاء المصريين، والحقيقة أنَّ حماس لا تملك أساسًا لا الرغبة ولا الإرادة لإنهاء الانقسام البغيض، وتحقيق المصالحة الوطنية، لأنَّ الرغبة والإرادة، والقرار في المحصلة، ليس قرارها وإنَّما هو قرار جماعة الإخوان المسلمين، وحماس ليست أكثر من أداة مليشياوية بيد هذه الجماعة بتحالفاتها التآمرية التي غايتها الإستراتيجية، التمسُّك بكرسي الحكم في غزة ومواصلة العمل لتدمير منظمة التحرير الفلسطينية وهي غاية لا تريد إسرائيل سواها وصفقة ترامب التصفوية تراها الوسيلة المثلى لمرورها على جسد القضية الفلسطينية والتمثيل به كما تشتهي أهداف العمل الصهيوني!. لكنَّ حسابات السرايا الأميركية الإسرائيلية، ليست هي حسابات القرايا الفلسطينية الأصوب دائمًا والأصلب حتَّى سقوط حسابات سرايا العدوان والمؤامرة، حسابات التهدئة والصفقة الفاسدة معًا.