تعكس التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإسرائيليين بشأن التعامل مع حركة حماس وأزمة الأسرى الإسرائيليين تباينات ملحوظة في الرؤى والخطط العسكرية والسياسية، ما يبرز التوترات الداخلية في القيادة الإسرائيلية ويثير تساؤلات حول استراتيجيتها المستقبلية في قطاع غزة.

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد أشهر من حرب الإبادة الممنهجة والعمليات العسكرية المكثفة في قطاع غزة في بيان مصوّر عشيّة عيد "الفصح اليهودي" أن الضغط العسكري والسياسي على حماس سيزداد في الأيام القادمة، مؤكداً أن هذه هي "الطريقة الوحيدة لتحرير الرهائن وتحقيق النصر"، فيما أشار عضو مجلس الحرب بيني غانتس إلى أن إسرائيل تعمل على "أدوات ضغط جديدة " لاستعادة الأسرى الإسرائيليين، مع بحث إمكانية إيجاد بديل عن حماس لحكم قطاع غزة.

تأتي هذه التصريحات وسط خلافات واضحة في القيادة الإسرائيلية بشأن كيفية التعامل مع أزمة الأسرى الإسرائيليين، فضلاً عن الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية في غزة. وقد تأجل انعقاد مجلس الحرب لأكثر من عشرة أيام بسبب رفض نتنياهو، رغم الضغوط من عضوي المجلس الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت، إضافة إلى احتجاجات عائلات الأسرى الإسرائيليين. استمر الوضع كذلك حتى انعقد الاجتماع في 21 نيسان/ أبريل 2024 بعد ضغوط مستمرة، ما أظهر عمق الخلافات داخل القيادة الإسرائيلية.
أشار مصدر عسكري لصحيفة "هآرتس" إلى أن الضغوط المستمرة لم تؤدِّ إلى إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، مما قد يعني أن الاستراتيجية الحالية بحاجة إلى إعادة تقييم. وبالنظر إلى التباينات في التصريحات، يبدو أن هناك حاجة إسرائيلية ملحّة الآن إلى مقاربة جديدة أو إعادة النظر في النهج الحالي.


وفي الوقت الذي يركز فيه نتنياهو اهتمامه على اجتياح وضرب مدينة رفح، ألمح غانتس إلى إمكانية توسيع الصراع ليشمل مناطق أخرى، قائلاً إنهم "اقتربوا من نقطة اتخاذ القرار بشأن الجبهة اللبنانية". هذه الإشارات توحي بإمكانية تصعيد الصراع وتوسيعه، مما قد يزيد من التعقيدات السياسية والعسكرية.
يبقى السؤال المطروح هو: هل سيعتمد مجلس الحرب الإسرائيلي على التصعيد العسكري كوسيلة لتحقيق أهدافه في غزة، أم أنه سيلجأ إلى مسارات سياسية ودبلوماسية بديلة؟ وسط كل هذا، تواجه القيادة الإسرائيلية تحديات في توحيد استراتيجيتها، مع احتمالية حدوث ضغوط داخلية ودولية باتجاه نهج أكثر سلمية. وإذا قررت إسرائيل تصعيد الضغط على الجبهة اللبنانية، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة المخاطر في المنطقة بشكل كبير.
في الختام، تُظهر هذه التطورات أن إسرائيل تواجه تحديات معقدة في سياستها تجاه غزة وحماس، وأن التباينات داخل القيادة الإسرائيلية يمكن أن تضيف مزيداً من التعقيدات على أرض الواقع. وقد تجعل هذه التعقيدات تبني نهج مختلف يتضمّن مشاركة جادة في المفاوضات وفتح الباب أمام صفقة تبادل، خياراً  لا مفر منه بالنسبة لإسرائيل. وإن افترضنا جدلاً أن القيادة الإسرائيلية قرّرت اعتماد هذا النهج البديل، فإنه سيتضمن تخطيطاً طويل الأمد لن يلغي الخيار العسكري وسيبقيه على الطاولة، مع كل ما يحمله من تداعيات خطيرة على  المنطقة.