تزامنًا مع الانتصار النوعي الخارق الذي حققته الشرعية الفلسطينية بعقد الدورة الثالثة والعشرين للمجلس الوطني الفلسطيني بنجاح باهر في قاعة أحمد الشقيري في مدينة رام الله في أرض الدولة الفلسطينية، وهو نجاح أدى بسرعة فائقة إلى إعادة طرح الأسئلة الوجودية على كثير من الأطراف التي وجدت نفسها ملقاة على قارعة الطريق بإهمال خرافي، ونبذ شعبي جارف، وخيبة غير عادية لأنَّها وقفت بالمجان ضد شعبها، ركضًا وراء الأوهام وخطأ الحسابات الكارثي، ومحور الأسئلة هو السؤال الرئيس، هل فقدت حركة حماس أدنى شعور بالواقع وأدنى إحساس بالخطر، وأصبحت عاجزة تمامًا عن إجراء المراجعات الصادقة؟ وهل أصبحت منحازة بالكامل ضد شعبها الذي يضرب المثل الأعلى في السير قدما على درب الآلام، درب الصمود والبناء؟ وهل ستبقى رهن إشارة الأعداء في خيانة شعبها لمجرد الخيانة، وإلحاق الأذى بقضيته الكبرى، لمجرد الادعاء إنَّها موجودة؟ هذه الأسئلة الوجودية مطروحة على جميع المتذبذبين ضعاف اليقين.

تزامنًا مع هذا النجاح الكبير، فإنَّ الدبلوماسية الفلسطينية حققت انتصارات كبرى ضد قطبي العداوة، إسرائيل والإدارة الأميركية في آن، إسرائيل التي تجرعت هزيمة مرة وذليلة، حين انسحبت من الرهان الذي كانت تسعى إليه، وهو الحصول على عضوية غير دائمة في مجلس الأمن، وبعد جهود كبيرة، وحملات واسعة، وتكاليف باهظة، فإنها تجرعت الفشل واعترفت بالهزيمة النكراء، وسحبت طلبها صاغرة، لأن الفشل أطبق عليها من كل الجهات، والأبواب كلها مغلقة، أما أميركا ترامب، فقد كانت هزائمها مدوية، ابتداء من إعلان ترامب بشان القدس، الذي واجهه العالم في مجلس الأمن، والجمعية العامة، وصفقة القرن التي ولدت ميتة، وقد حاولت إدارة ترامب أن تحصل على بيان من مجلس الأمن ضد الرئيس محمود عباس فباءت المحاولة بفشل ذريع، وحاولت أن تحصل من مجلس الأمن ولو على إشارة بتأييد نقل سفارتها إلى القدس لكنها لم تجد سوى الخيبة، فالدبلوماسية الفلسطينية كانت في ذروة الحضور لأن الحقيقة الفلسطينية في مجد حضورها، وكل من نتنياهو وترامب يتعكز على الآخر في الحضور من الخارج على دعم لمعاركهما في الداخل، لكن تحالف الظالمين لا يلقى إلا ثبورًا.

التحية للدبلوماسية الفلسطينية التي تخوض هذه المعارك، وتحقق كل هذه النجاحات بثقة، ويقين ابيض، ووعد بالنصر لقضية ما عرف الزمان أعدل منها، فإلى مزيد من النجاحات للدبلوماسية الفلسطينية وقد تلقت قوة دفع ودعم جديدة بنجاح الشرعية الوطنية الفلسطينية في عقد هذه الدورة المتميزة للمجلس الوطني، الذي كان انعقاده انتصارا خارقا على كل أنواع الأعداء كبارهم وصغارهم على حد سواء.