في الرؤية الإسرائيلية يتضح أن "إسرائيل" السلطة القائمة تتعامل مع أراضي الضفة وغزة على أنها أراضٍ متنازع عليها ولذلك تعتبرها خاضعة للمفاوضات والمساومة وبما يسمح من إجراء تعديلات تفرضها الهيمنة والقوة، بمعنى أنه لا مكان لوجود دولة فلسطينية ذات سيادة، وبل أن الحكومات الإسرائيلية السابقة اتفقت على عدم ترسيم حدود لإسرائيل، وان ما يطرح من حل دولتين على أساس 4 حزيران 1967م، لا تتفق معه، وتعلن دائمًا أن أي حل يجب أن يستند إلى احتفاظها بالسيادة على الكتل الاستيطانية الرئيسية، والتي هي في حقيقة الأمر نتاج سياسات الضم والطرد ومصادرة الأراضي ووضع اليد على أملاك الفلسطينيين ،وبناء المستوطنات "المستعمرات".

وفي تلك الرؤية يتضح أن تحقيق عنصر الأمن الإسرائيلي، غير مرهون بأي مواثيق أو اتفاقيات، وأن أي مقترحات سياسية يجب أن ترتكز على الأمن، وليس من الأهمية الأخذ بعين الاعتبار المصالح الفلسطينية، وهذا العنصر يفسر إستراتيجية "إسرائيل" للتغلب على مشكلة الديمغرافيا التي تهدد استمرار المشروع الصهيوني، القائم على تحويل العرب إلى أقلية يخضعون للقانون الإسرائيلي والقرارات العنصرية، وصولا الى فرض "الدولة القومية اليهودية" للحيلولة دون تنفيذ حق العودة.

واليوم نجد أن الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب أكثر انحيازا للاحتلال من الإدارات السابقة، وتعمل على تغييب المرجعيات القانونية والدولية وقرارات الأمم المتحدة والجامعة العربية وحتى الاتفاقيات الثنائية، ، وتستعد لطرح خطة القرن بالرغم من كل المعيقات والتحذيرات، فالعالم كله ضد هذه الخطة باستثناء بعض الدول الصغيرة المرتبطة مصالحها بالاحتلال وأمريكا.

من نتائج خطة القرن تكريس الفوضى، واستمرار الصراع وتنوعه، وهي خطة تتطابق مع الرؤية المواقف والآليات والإجراءات والسياسات والملاءات الإسرائيلية، ودون أي اعتبار لموازين القوى ومستقبل المنطقة، وحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة ذات السيادة والعاصمة القدس، والعضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وأخيراً، سواء طُرحت الخطة أو لم تطرح، فإنَّ الشَّعب الفلسطيني لن يقبلها، لأنها صممت لتصفية الحقوق والهوية الفلسطينية، ولن تحقق سلاماً أو تهدئ صراعًا.