شكلت زيارة الوفود العربية والإسلامية إلى فلسطين، ردا على الدعوات والفتاوى التي تعتبر زيارة السجين في سجنه تطبيعا مع الاحتلال، وتلبية لنداء "شدوا الرحال إلى القدس وفلسطين"، كما اعتبرت فرصة حقيقية لأن يرى الأخوة والأشقاء معاناة أبناء شعبنا على الأرض الواقع.

انعقاد المؤتمر العربي الخامس عشر للطب المخبري في فلسطين، وحضور وفود عربية، وكان من قبله مؤتمر بيت المقدس، شكل إضافة جديدة في الرد على أصحاب هذه الدعوات، من خلال زيارة الوفود إلى فلسطين، وملامستهم معاناة أبناء شعبنا ورؤيتها بالعين المجردة وليس عبر وسائل الإعلام.

درة عميرة أستاذة جامعية في كلية صيدلة، وهي من ضمن الوفد التونسي قالت: أن تكون في فلسطين وترى المعاناة التي يعيشها المواطنون على ارض الواقع تجعلك تدرك أن الاحتلال يسعى لتحويلها إلى سجن كبير، فترى مدى القهر وسياسة الإذلال التي ينتهجها الاحتلال ضد المواطنين من حواجز وجدار وإجراءات تعسفية واستيطان، وتجعلك أكثر إدراكا لتفاصيل المعاناة التي لا يمكن لوسائل الإعلام أن توصلها إلى العرب والمسلمين".

وأضافت: خلال زيارتنا البلدة القديمة في الخليل، كانت الغصة في قلبي عندما كنت أسير تحت أسلاك شائكة تمنع وصول حجارة المستوطنين إلى الفلسطينيين، وكيف أن المستوطنين يحتلون المنازل، ويتصرفون بقوة الاحتلال كأنها بلدهم، وان سكان البلد الأصليين دخلاء، ويضايقونهم ويسعون لإجبارهم على الرحيل عنها".

وتابعت: الإعلام لا ينقل شعور المهانة والإذلال الذي يعيشه المواطن لدى دخوله للصلاة في الحرم الإبراهيمي، عندما يتم تفتيشه وفحص أوراقه، من قبل جندي محتل ليس له علاقة بهذا المكان، لكنني اليوم أدركت معناها، فزيارة فلسطين وشعبها تجعلك تدرك معنى الألم والاحتلال".

محمد بن جلون نائب عضو في البرلمان المغربي وأمين صندوق الاتحاد العربي، أوضح أن المؤتمر وفر له فرصة لزيارة فلسطين لأول مرة، مبين انه لم يتوقع أن يكون في فلسطين هذا الإصرار على الحياة، رغم الاحتلال والظروف الصعبة، وأن الحياة في مدنها أفضل من كثير من الدول العربية لان قدرة هذا الشعب على الصمود والتحدي تفوق الخيال.

وقال: "أن زيارتي لفلسطين ليس فيها أي تطبيع مع هذا الاحتلال واناما جاء تلبية لنداء شدوا الرحال إلى القدس وفلسطين، تضامنا مع شعبها وإسنادا لنضاله".

من جهته أكد رئيس الاتحاد العربي للبيولوجيا السريرية والطب المخبري، نقيب الطب المخبري في فلسطين، أسامة النجار، أن انعقاد هذا المؤتمر في فلسطين بعد معاناة طويلة لعقده هنا، يعتبر انجازا وطنيا لفلسطين، وما مشاركة الفود العربية بهذه الكثافة إلا دليل واضح على دعمهم ومساندتهم لفلسطين ودحضا للادعاءات التي تروج أن زيارة فلسطين تطبيع مع الاحتلال بل على العكس، وكما قالها الرئيس محمود عباس : زيارة السجين في سجنه لا تعني اعترافا بالسجان".

وأوضح النجار، أن المؤتمر إضافة مهنية وعلمية للطب المخبري في فلسطين، وفتح أبواب كانت مقفلة سابقا أمام الباحثين والعلماء الفلسطينيين في مجال الطب المخبري، حيث اطلع هذا المؤتمر الوفود العربية والأجنبية على قدرة الفلسطيني على الإبداع حتى في ظروف الاحتلال والقهر والظلم، ونقل رسالة واضحة أن شعب فلسطين حي، ويناضل من اجل حريته بيد ويبني دعائم دولته باليد الأخرى.

وأضاف: ضيوفنا كانوا ضيوف سيادة الرئيس، وتم اصطحابهم في جولات للاطلاع على معاناة السجين في سجنه، وممارسات السجان من بطش وقهر.

الوفود المشاركة بدأت زيارتها لفلسطين بالاطلاع على معاناة المواطنين وسياسات سلطات الاحتلال العنصرية بحقهم في قلقيلية والقدس وبيت لحم والخليل.

وقال ياسر رضوان نائب نقيب الطب المخبري، والذي رافق الوفد إلى قلقيلية أن أعضاء الوفود رأوا الوجه الحقيقي للاحتلال على ارض الواقع وذهلوا مما رأوه، خلال زيارته لنقطة التماس مع جدار الفصل العنصري وعلى البوابة التي يستخدمها جيش الاحتلال في حالات الطوارئ لاقتحامات المدينة، على الحاجز الجنوبي لمدينة قلقيلية، واطلعوا على جدار الفصل العنصري وتأثيره على الفلسطينيين، والمعبر الشمالي حيث تم اطلاع الوفد على معاناة العمال وإجراءات الإذلال التي تمارس على عمالنا في رحلة العذاب اليومي، وكذلك الأمر في الخليل وبيت لحم والقدس المحتلة.