اثنان وخمسون عاما على تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني. جرت خلالها مياه كثيرة، سعى بعض الفلسطينيين والعرب وغيرهم للالتفاف على دورها ومكانتها، وإفراغها من مهامها الوطنية الرائدة، وخلق بدائل باسماء وعناوين مختلفة، ووجهت لقياداتها التاريخية، ومازال يوجه لقيادتها الراهنة ذات التهم، والسعي للانتقاص من "وطنيتها". لكن المحاولات كلها باءت بالفشل. لان الشعب ادرك بخبرته وعفويته، ان القوى العبثية مطعون في اهليتها، وكشف التاريخ عوراتهم ومخازيهم، وبذات القدر والقوة اوضحت للقاصي والداني، ان قيادة المنظمة وخاصة رؤساءها من احمد الشقيري ويحيى حمودة إلى ياسر عرفات إلى محمود عباس ابو مازن بوطنيتهم الحريصة.

رغم كل التعقيدات، التي احاطت بتجربة المنظمة إلا ان قياداتها المتعاقبة تمكنت بفضل فصائلها كلها والجهود الوطنية من تخطي العقبات والمطبات الخطيرة، التي رسم سيناريوهاتها اعداء بقائها. الذين سعوا للانقضاض على التمثيل الوطني الاهم والاوحد للشعب الفلسطيني بهدف العبث بمصيره، وحرمانه من حقوقه الوطنية تحت ذرائع ومسميات عديدة لا تمت لفلسطين وشعبها بصلة. ولم ينته دور اولئك الاعداء لوجود المنظمة، فما زالوا يسعون لبلوغ اهدافهم، التي تزداد شراسة كلما شعروا بوجود وهن وتراجع في مكانة القضية والشعب ومع استمرار الانقلاب الاسود على الشرعية في محافظات الجنوب للعام التاسع على التوالي من قبل حركة حماس الاخوانية.

لعل اللحظة الراهنة، التي تعيشها القضية الفلسطينية فعلا لا قولا، هي من اخطر اللحظات السياسية في تاريخ الشعب ومنظمة التحرير، لعدد من العوامل، منها: الداخلية الفلسطينية الناجمة عن الانقلاب الحمساوي؛ ايضا نتاج التشرذم والانحدار، الذي تعيشه شعوب الامة العربية، وغياب الروافع القومية المؤهلة لحمل قضية العرب المركزية؛ وبسبب التغول والتوحش وتصاعد العنصرية والفاشية الاسرائيلية على حساب مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني، الناجم عن التحولات العربية والاقليمية والدولية، وبالتالي ضرب عملية السلام؛ ونتيجة غياب دور الشرعية الدولية والتحالفات الاممية الحقيقية لدعم كفاح الشعب الفلسطيني. هذه اللحظة تفتح شهية الذئاب والوحوش الكاسرة للانقضاض على القضية ومنظمة التحرير، وان تبدو هجماتها الان عبر قفزات بيضاء ناعمة. لكنها في قادم الايام فيما لو تواصل الحال على ماهو عليه، فإنها ستنزع قفازاتها وتنهش اللحم والدم الفلسطيني دون رحمة.

هذا الواقع يتطلب منا، ونحن نحيي ذكرى تأسيس الممثل الشرعي والوحيد، العمل على الاتي: اولا التمسك بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد، وحماية دورها ومكانتها الوطنية، وعدم السماح لاي قوة فلسطينية او عربية او غيرها بالتطاول عليها تحت اي صفة او مسمى؛ ثانيا إعادة الاعتبار لها من خلال عقد مجلسها الوطني لتجديد الشرعيات وإصلاح هيئاتها ودوائرها، ولوضع برنامج سياسي جديد يتوافق مع طبيعة المرحلة الراهنة والقادمة؛ ثالثا إغلاق ابوابها امام اي قوة تتطاول عليها او تحاول فرض اجندتها الخاصة على برنامج الاجماع الوطني. وعدم المهادنة في هذا المجال؛ رابعا تعزيز دورها كممثل شرعي ووحيد للشعب بالقيام بمهامها كمرجعية للكل الفلسطيني، وإيلاء الشتات الفلسطيني الاهمية والاولوية، التي يستحق، وتعزيز دورها في مخيمات لبنان وسوريا وحيثما تواجد ابناء الشعب الفلسطيني ولاجئوه في الدول الشقيقة واصقاع العالم المختلفة؛ خامسا خلق شراكة سياسية حقيقية بين القوى الفلسطينية المنضوية تحت لوائها، دون الانتقاص من وزن ومكانة كل قوة في الساحة الوطنية... إلخ.

في الذكرى ال52 لتأسيس المنظمة، على القيادة السياسية وفصائل العمل الوطني وقطاعات الشعب المختلفة في الوطن والشتات، التأكيد على دورها الرائد والاول كممثل وحيد للشعب، والاعلان امام كل الدول والقوى، ان من يحاول الانتقاص من مكانة المنظمة كائنا من كان، فإن الشعب وقواه الحية لن تغفر له جريمته، وستكون له بالمرصاد.