خاص/ مجلة القدس العدد 319 تحقيق: طارق حرب

"بدي قول انو أنا بحبو"، ببراءة طفولة قالها طالب في المرحلة الابتدائية للمدير العام للأونروا في لبنان خلال زيارته لمدرسة عين العسل الابتدائية. هو لا يدري ما الذي يدور حوله، وما سبب الزيارة، والمؤكد أنه لا يعرف ماذا يعني الدمج أو قرار الأونروا برفع عدد التلاميذ في الصف الواحد إلى خمسين كحد أقصى.

بدأ العام الدراسي في مدارس الاونروا في موعده، لكنه بدأ مع قرارات أصدرتها إدارة الأونروا، لعملية دمج الصفوف ورفع الحد الأقصى لعدد الطلاب داخل الصف الواحد الى خمسين بعد أن كان السقف 40 طالباً على مدى السنوات السابقة، إضافة إلى أحاديث عن إغلاق بعض المدارس ومنها مدرستَا المعشوق والشبريحا في منطقة صور.
وتحرّكت اللجان الشعبية والأهلية ومؤسسات المجتمع المحلي لمواجهة هذا القرار، فتداعت إلى اجتماع قبل فتح المدارس، وبدأت التحركات مع أول يوم دراسي. عن هذه التحركات قال مسؤول اللجنة التربوية في اللجان الشعبية في صور محمد رشيد: "في أول يوم من أيام العام الدراسي، نظّمنا اعتصامات في مدارس منطقة صور ليوم كامل. ثم أجرينا إحصاءات لأعداد الطلاب في الصفوف وبناء على ما توصّلنا إليه نظّمنا اعتصاماً بعد أسبوع لمدة ساعة، وأعلنا رفضنا لهذه القرارات. كما عقدنا لقاءات مع المعلّمين وأعلنا تضامننا مع مطالبهم".
لماذا قطاع التعليم؟!
الجميع يعرف العجز في موازنة الأونروا، لكنّ التقليصات في قطاع التعليم جعلت أصابع الاتهام تتوجه نحو الأونروا "بأنها تريد استهداف المجتمع الفلسطيني تربوياً" كما قال رشيد. فيما رأى الاستاذ محمد موسى وهو مدير سابق في مدارس الأونروا "أن رفع العدد لخمسين في الصفوف، يعني أن هناك دمجاً في المدارس بحيث يصبح عدد مدارس الأونروا في لبنان 65 بدلاً من 82. أيضاً الدمج يعني أن المدارس تقلّص عدد شعبها الدراسية الى أقل من عشرين وهو ما يمكن معه إلغاء وظيفة مساعد المدير حسب القانون. هذا إضافة الى تخفيض أعداد المعلمين والموظفين حتى الأَذَنة منهم".
هذا الأمر نفاه لنا مصدر مسؤول في الأونروا في منطقة صور مؤكّداً أنه لا استهداف لقطاع التعليم "لكن الأزمة وضعتنا أمام خيارين، إما تأخير فتح المدارس حتى بداية العام 2016 أو بدء العام الدراسي بالإمكانيات المتاحة وبدء العام الدراسي في أيلول، وهذه الاجراءات هي تقشفية من أجل استمرار تقديم الخدمات، ومنها ما هو إداري كوقف الرحلات وورشات العمل الخارجية وضبط المصاريف التشغيلية، ووقف عملية التوظيف، وضبط الوظائف اليومية. وعلى مستوى التعليم اتخذت الأونروا قراراً برفع سقف عدد الطلاب في الشعبة الدراسية إلى 50 تلميذاً" مؤكداً "أن هذا لا يعني وجوب وجود خمسين تلميذ في كل شعبة دراسية".
المعدل العام للتلاميذ في مدارس منطقة صور هو 32.7 في الشعبة الدراسية الواحدة، بواقع 5610 تلاميذ يتوزّعون على 202 شعبة. لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد اكتظاظ في الصفوف. فقد يصل عدد التلاميذ في بعض الصفوف إلى 52 طالباً كما هو حال شُعب "الأول الابتدائي" الخمسة في مدرسة الصرفند الابتدائية في مخيم البرج الشمالي. إضافة إلى وصول عدد الطلاب في بعض الفصول الدراسية إلى ما يزيد على 45 طالباً وبالتحديد في مدارس مخيم البرج الشمالي حيث تستوعب مدارس المخيم ما يزيد عن 600 طالب فلسطيني سوري إلى جانب طلاب المخيم.

كارثة تعليمية وتربوية
الملاحظ أن معظم الصفوف التي تعاني من الاكتظاظ هي صفوف المرحلة الابتدائية وعلى وجه الخصوص الحلقة الاولى منها حيث يُعتمَد نظام الترفيع الآلي إلى الصف الثاني والثالث الابتدائي. وهو ما يعدُّه المربي محمد موسى "أمراً كارثياً، فالطالب لن يحصل على المعلومة بالشكل الصحيح مع وجود خمسين طالباً، فذلك يشكّل عبئاً على الأستاذ مع عدم وجود مساعد، ولن يكون باستطاعته التعامل مع كافة التلاميذ والاجابة عن تساؤلاتهم". وأضاف "كان هناك قرار في الأونروا بأن أي صف يصل عدد طلابه إلى 40 طالب يقسم إلى شعبتَين خاصة في صفوف الحلقة الاولى، فكيف اليوم يتم رفعه إلى خمسين طالباً؟!".

بانتظار الثامن من تشرين
يبدو أن الحلول هي بتدوير الزوايا والعمل ضمن الامكانيات الحالية والاستفادة من الموارد المتاحة، وهو ما أعلنه صراحةً المدير العام للأونروا خلال زيارته لمدارس صور. وهو يعمل ضمن مهلة شهر بعد اجتماعه مع اتحاد العاملين في الأونروا واتفاقهم على تشكيل لجان تتألّف من مدير المنطقة ومدير التعليم والاخصائيين الاجتماعيين إضافة إلى عضو من اتحاد العاملين في الأونروا. هذه اللجنة تزور المدارس وتدقق في عدد الطلاب في الصفوف والعدد الاجمالي للطلاب ومقاربته مع عدد المعلمين في المدرسة. وأكد المسؤول في الأونروا أنه لا يوجد أي مهمة لهذه اللجنة غير ذلك. وقد انتهت لجنة منطقة صور من عملها في مدة قياسية وهي ستقدم تقريرها للاجتماع المقرّر في الثامن من تشرين الاول بين المدير العام للأونروا واتحاد العاملين ومدراء المدارس".
وبانتظار الثامن من تشرين الأول يبقى الوضع على ما هو عليه، ويكون قد انقضى شهر من العملية التعليمية. فهل سيقف الطالب نفسه مرة أخرى ليقول للمدير العام "انا بحبك"؟!.
تحقيق: طارق حرب