خاص/ مجلة القدس العدد 319- تحقيق:عدي غزاوي

منذ بداية الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وما زالت اسرائيل تحاول السيطرة على الاراضي بشتى الطرق. ومنذ العام 1976 واسرائيل  تتوسّل كافة السبل محاوِلةً تهجير البدو من المناطق المصنّفة "ج" حسب اتفاقية اوسلو ولا سيما البدو من عرب ابو النوار الذين باتوا أكثر من يعاني من ممارسات الاحتلال بهدف تهجيرهم وتطبيق مخطَّط "E1" الاستيطاني الاسرائيلي الذي يهدف الى ربط مستوطنة معاليه ادوميم بمدينة القدس.

اقتلاعنا من أراضينا لن يتم إلّا إلى موطننا
ينوّه الناطق باسم تجمُّع ابو النوار داوود بسيسات "أبو عماد الجهّالين" إلى أنّ "مخطّط تهجير البدو مخطط قديم جديد، يأتي ضمنه مخطّط تهجير عرب الجهّالين الذي بدأ في العام 1967 تقريباً وازدادت وتيرته مع بداية العام 2015 بحيث اصبح يستهدف كل أراضي الضفة الغربية وجميع القطع الشرقية للضفة الغربية وتحديداً عرب الجهّالين- وهم السواد الاعظم- شرق مدينة القدس، وما بين مدينة القدس ومدينة أريحا منطقة تسمى "E1" وتضم قرابة 23 تجمُّعاً لعرب الجهّالين بواقع 2450 عائلة".
ويضيف "كان هناك ضغط كبير من الحكومة الإسرائيلية لتقديم اوراق عبر وساطات عدة وتوكيل الإدارة المدنية والمحامين لإغراء الأهالي بالمال وشيكات نقدية وخطوط مياه وخطوط كهرباء وشبكات صرف صحي لنقلنا الى الجبل الغربي قرب قرية عرب الجهّالين او مكب النفايات، فرفضنا ذلك، وعندها استخدموا سياسة الإخطار بأن سلّموا من تاريخ 7/7 لغاية 17/8 من العام الحالي  تجمُّع ابو النوار 96 قرار هدم لبيوت فيه من اصل 110، فلجأنا الى محامٍ اسمه "شلومو ليكر"، ولكنه تواطأ مع الادارة المدنية ليبدأ تنفيذ المخطط، فتركناه وتوجّهنا لهيئة شؤون الجدار والاستيطان وتم تكليف المحامي توفيق جبارين بملفنا وتوجّهت الاخطارات هذه الى محكمة العدل العليا التي أصدرت أوامر احترازية لمدة 4 شهور ريثما تبت بالوضع القانوني للمسألة".
وعن موقف الأهالي في ابو النوار يقول: "حتى لو هدموا بيوتنا فكل يوم سنعيد بناء البيوت ولن نقبل بنكبة جديدة لعرب الجهّالين، ولن نقبل ان تكون اراضي ابو ديس او اراضي اي قرية فلسطينية مكاناً بديلاً لنا. رسالتنا واضحة وقد سلّمناها للمجتمع الدولي وللاحتلال الاسرائيلي اذا كان لا بد من تهجيرنا فليكن باتجاه النقب المحتل الذي هُجِّرنا منه باتجاه اراضينا الموجودة هناك، لكن اي علمية تهجير إلى اراضي الغير مرفوضة جُملة وتفصيلاً، اقتلاعنا من اراضينا لن يتم إلّا إلى موطننا، وقبل  أقل من شهر هدم الاحتلال بيوتاً لنا وأعدنا بناء البيوت التي هُدِمت بواقع 14 بيتاً في تجمُّعات الخان الأحمر وبير المسكوب وزعيم، فهذا موقفنا وهذه سياستنا وخُطَطُنا لمواجهة الهجمة الشرسة من الاحتلال على التجمُّعات البدوية" .

قيود على بناء وترميم البيوت ورعي المواشي
يشير بسيسات إلى أن تجمُّعات ابو النوار عبارة عن 4 تجمُّعات فيها اكثر من 109 عائلة بواقع 650 نسمة، لافتاً إلى أن المنطقة تقع ما بين مستوطنة معاليه ادوميم ومستوطنة سيدار ومعسكرٍ للجيش الاسرائيلي لحرس الحدود، محاطةً بشارعٍ التفافيٍّ، ويردف "الخدمات ليست بالجيدة فيها والقيود اكثر من قبل الاسرائيليين في عدم توفير خدمات او حتى ترميم البيوت او تعبيد الطرق وهذه جميعها تصب في سياسة الضغط على هذه التجمُّعات لتهجير الأهالي من المنطقة".
ويتابع "أمّا تجمُّعات عرب الجهّالين فهي في جبل البابا وفي الخان الاحمر ووادي جميلو في بير المسكوب على اتجاه طريق القدس اريحا، وهي تقريباً 23 تجمُّعاً كما أسلفتُ بواقع اكثر من 10000 نسمة".
ويضيف "معظم بيوتنا الموجودة هي بالأصل بيوت من الخشب والصفيح والزينكو والبركسات، كما أن مواسير هذه البيوت موجودة منذ 30 و40 سنة لكن الخشب يتآكل والزينكو تآكل من الصدأ، والناس تحاول إعادة الترميم، وفي أكثر من تجمُّع استطعنا أن نُدخِل إليهم غُرفاً من الاتحاد الأوروبي من منظمة الإغاثة تأتي على شكل كرافانات علماً أن هذا ممنوع كما يمنعوننا من إدخال  الخشب او ألواح الصفيح واستخدام الاسمنت لترميم بيوتنا. وعلى سبيل المثال لو ان سيارة دخلت الى التجمُّع وهي محمَّلة  بمواد بناء سيصادر الاحتلال ما فيها بنفس اللحظة، والأمر عينه بالنسبة لمواد ترميم الطرق، لذا نلجأ لألواح الصفيح (الزينكو) او الى الطين وسيلة لبناء البيوت".
وعن التضييقات على رعي المواشي يقول: "يمنع الاحتلال علينا الرعي في كثير من المناطق لأنها قريبة من مستوطنات ومناطق عسكرية ونحن كتجمُّع ابو النوار محاطون بشارع واصل ما بين مستوطنة سيدار ومعاليه ادوميم ويستحيل اجتياز هذا الشارع من المواشي او من الافراد للوصول الى المراعي، ولكن وجود عبّارة لتصريف مياه الأمطار قطرها لا يتجاوز المتر الواحد ساعدنا على الوصول للمراعي عبر تدريب المواشي لعبورها واحدة تلو الاخرى، وكثير من الناس أُجبِروا على الانتقال من المنطقة الشرقية الى عمق الاراضي المحيطة بالمستوطنات والسكن هناك بدون بيت حتى يكونوا في المرعى الذي يمكن ان يستفيدوا منه ويساعدهم على الحياة وتوفير شراء أعلاف بكميات كبيرة".
ويستكمل الحديث قائلاً: "أمّا بالنسبة للمياه فهي متوفّرة لدينا من المجلس المحلي للعيزرية ومن المجلس المحلي لعرب الجهّالين طبعاً مدفوعة الثمن من قِبَل الأهالي وعبر انابيب بلاستيكية تصل الى براميل بلاستيك تم تأمينها من قِبَل مؤسسات دولية لمسافة 2 إلى 2.5 كلم لكننا نواجه مشكلة في توفير الكهرباء حيث انها لا تتوفّر في المنطقة ونحاول من خلال مؤسسات في السلطة الوطنية الفلسطينية او حتى الدولية توفير خلايا شمسية للتجمُّع، وقد وُعِدنا بذلك وما زلنا ننتظر".

عروض إسرائيلية لإقناع عرب ابو النوار بالتهجير
يوضح بسيسات أن "E1" هو مخطّط بات معروفاً للجميع ويهدف لتفريغ جميع أراضي "ج" شرق بلدة العيزرية وأبو ديس شرق السواحرة وزعيم والطور من اصحابها بهدف واضح هو توسيع مستوطنة معاليه ادوميم وربطها بمدينة القدس من خلال بلدة العيسوية عبر حرس الحدود في مستوطنة بسجات زئيف في القدس امتداداً للشرق حتى حدود البحر الميت والغاء طريق الضفة الغريبة الواصل بين شمال وجنوب الضفة الغريبة، وفي حال تم تهجير هذه التجمعات فسيحدث فصلٌ شاملٌ لشمال الضفة الغربية عن جنوبها واستحالة اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في ظل كل هذه المعطيات، بخلاف ما تروج له إسرائيل عن أن ما تقوم بها يصب ضمن سعيها لإقامة تجمُّعات بدوية حضارية كما تدعي.
ويضيف "حتى الآن الأمر الواقف حجر عثرة دون تنفيذ هذه المعطيات وتحقيق حلم إسرائيل بإقامة القدس الكبرى هو هذه التجمعات البدوية فقط لا غير. ولهذا فإن إسرائيل تقدّم العروض لعرب أبو النوار لإقناعهم بالتهجير. فهناك جزء عُرِض عليهم التهجير إل منطقة في الجبل الغربي قرب قرية العيزرية قرب مكب النفايات على ان يعطوا لكل عائلة قطعة ارض مساحتها نصف دونم مع شبكات مياه وصرف صحي وكهرباء وبعض من الاموال، والجزء الآخر عرضوا عليهم نقلهم الى قرية النويعمة وفصايل في الاغوار الشمالية".
ويتابع "نحن لا نتوقع أي شيء فقبل ساعة من الآن كنا في زيارة للقنصل العام الامريكي بعد ثلاث زيارات للمساعدين والمستشارين السياسيين والأمنيين للمنطقة لدينا، ووضعناهم في صورة الوضع وأخذنا موقفاً من الاتحاد الاوروبي وقّع عليه وزير الخارجية للاتحاد الاوروبي ضدّ تهجير التجمعات البدوية وتحديداً تجمع ابو النوار، واليوم طالبنا القنصل العام الامريكي بموقف امريكي واضح في هذا الموضوع ووعدونا خيراً، لكن حقيقة في ظل التعامل الاسرائيلي والعنجهية الاسرائيلية لا نرى كثيراً من الخير فليس لدينا سوى المقاومة في وجه عملياتهم التعسفية ضدّ التجمع، بالطبع السلطة الفلسطينية والمؤسسات الرسمية تساعدنا حسب امكانياتها لكن المشكلة تكمن في معيقات الجانب الاسرائيلي في ادخال اي مواد تؤمِّنها لنا السلطة الفلسطينية".

التماسُنا للمحكمة محاولة لكسب الوقت ومنع هدم البيوت
يوضح محامي تجمُّع ابو النوار توفيق سعيد جبارين الذي تولّى قضية تجمُّع عرب ابو النوار للدفاع عنهم في المحاكم الاسرائيلية أن "القضية بدأت منذ العام 1967، أبو النوار والجهّالين الذين يسكنون في منطقة الخان الاحمر كانوا في الاساس من النقب سنة 1948 وهُجِّروا الى يطا ثم الى منطقة الخان الاحمر، والآن في منطقة ابو النوار (الجهّالين). وفي التسعينيات قامت اسرائيل بتوسيع مستوطنة معاليه ادوميم فرحل جزء من الجهّالين الى منطقة ابو ديس والى منطقة ابو النوار التي يسكنون فيها حالياً. أمّا اليوم فإسرائيل قامت بوضع خطة تهدف لنقلهم الى المنطقة القريبة من مكب النفايات في ابو ديس، ولكن السكان طبعاً رفضوا وتعلّموا من غيرهم الذين نقلوهم او طردوهم من مناطق سكنهم في التسعينيات ورحَّلوهم الى منطقة ابو ديس حيث يعيشون الآن في وضع سيء لناحية السكن وتعامل الاحتلال معهم، لذا قرّروا ألّا يرحلوا ولا يوافقوا على أي خطة اسرائيلية من اجل تفريغ الفلسطينيين من الخان الاحمر. فسنة 2005 أصدر الاحتلال أمراً بهدم كل البيوت، في ابو النوار "الجهّالين"، أي ما يقدّر بـ250 بيتاً، الا ان الأهالي توجّهوا الى محكمة العدل العُليا، ولم يتمكّن جيش الاحتلال من تنفيذ عملية الهدم، وبدأ بعدها بخطة لإقامة حي جديد اسمه الجبل في منطقة ابو ديس على ان يُقنِع الجهّالين ان ينتقلوا هناك ولكن السكان رفضوا أي خطة وأي مخطط أصدرته اسرائيل، لذلك سلّمت اسرائيل في 7/7/2015 سكان ابو النوار دعوى بالحضور والامتثال امام الادارة المدنية (إدارة الاراضي المحتلة من قبل جيش الاحتلال)، في 22/7/2015 ليعرضوا عليهم مخطّط النقل من منطقة الجبل ابو ديس، لكن أحداً من السكان لم يتوجّه للإدارة المدنية، لذلك سلّموا في شهر آب الماضي عشرات البيوت أوامر هدم قسم كبير منها تجديد لأوامر هدم لم تُنفّذ في العام 2005، وقسم لبيوت جديدة أُقيمت في السنوات الاخيرة، فتوجهتُ الى محكمة العدل العليا الاسرائيلية في 3/9/2015، وأصدرتُ أمراً احترازيا بتجميد أوامر الهدم الى حين البت بالقرار النهائي في القضية، هذا بما يتعلّق بجزء من البيوت. وبعد ذلك ايضاً في 6/9/2015  توجّهنا مرة اخرى الى المحكمة في التماسٍ جديد يخصُّ 42 عائلة وحوالي 60 أمرَ هدمٍ وأيضا طلبنا تجميد اوامر الهدم، وفعلاً اصدرت المحكمة أمراً احترازيا بالتجميد الى حين القرار النهائي في القضية، ونحن ننتظر رد جيش الاحتلال مع الالتماس وتعيين لجان بخصوص القضية".
ويتابع "طبعاً نحن لا نتوقّع الكثير من المحكمة العليا الإسرائيلية لأنها لم تصدر منذ  العام 1967 الى اليوم أي قرار لصالح الفلسطينيين، علاوةً على انها أقرّت سابقاً في قضايا مشابهة الصلاحية للاحتلال بتنفيذ اوامر الهدم واصدار اوامر هدم ضدّ بيوت بُنِيَت بدون ترخيص، إلا أننا سعينا عبر تقديم الالتماس لكسب الوقت وتجميد اوامر الهدم الى حين حدوث تغيير في المناخ السياسي المحيط بالفلسطينيين في الاراضي المحتلة، آملين حدوث تغيير لربما عبر تدخل دولي من اجل منع الهدم في منطقة ابو النوار الجهّالين ومناطق اخرى من الاراضي المحتلة.

استراتيجيات الدفاع تقوم على الاستناد للقانون الأردني
حول أبرز استراتيجيات الدفاع الممكن انتهاجها في وجه هذا لمخطط يقول جبّارين: "قانون التخطيط والبناء الحالي الذي يسري في فلسطين هو القانون الأردني منذ العام 1966، وهذا القانون يُلزِم دوائر التخطيط والحكومة المسؤولة عن التخطيط بالمصادقة على مخططات تفصيلية وهيكلية للقرى والمدن وكل المجمعات السكنية الموجدة في الاراضي الفلسطينية، إلا انه ومنذ العام1967 الى اليوم لم تتم المصادقة على أي مخطّط هيلكي او تفصيلي لأي مجمع سكني فلسطيني، هذا أولاً.
ثانياً: حتى القانون الدولي يُلزم اسرائيل ان تحترم القانون الأردني الذي كان سارياً قبل الاحتلال، وحسب اتفاقية لاهاي وجنيف الرابعة يُمنَع الجيش المحتل من نقل او طرد السكان المحليين من اماكن سكنهم الى اماكن اخرى كما تُمنع اسرائيل من اقامة مستوطنات لأن الهدف من وراء طرد السكان الفلسطينيين في ابو النوار الجهّالين من اماكن سكنهم هو توسيع مستوطنة معاليه ادوميم وتوسيع هذه المستوطنة يناقض القانون الدولي بل ويعد جريمة حرب تقترفها إسرائيل.
وقد استندنا في القضية التي قدَّمناها إلى القانون الأردني الذي ما زال فعّالاً في الاراضي المحتلة  والذي يلزم دوائر التخطيط أن تحضر وان تصادق على مخططات هيكلية وتفصيلية لمجمع ابو النوار، وقلنا انه حسب القانون الدولي يُمنَع نقل السكان المحليين من مكان الى آخر أو من منطقة "ج" الى منطقة "ب"، وبالطبع فإسرائيل تنوي نقل السكان من المناطق التي تراها مناسبة لتفريغها من الفلسطينيين وتوسيع مستوطناتها ولا سيما في المنطقة "ج" التي تمثّل  60% من أراضي الضفة الغريبة!".

دور السلطة الفلسطينية في مساندة البدو
ينوّه رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف إلى أن ما تقوم به اسرائيل هو جزء من مخطط آلون للسيطرة على السفوح الشرقية للأغوار بشكل كامل لمحاصرة السكان الفلسطينيين وتهجير التجمّعات البدوية التي لا تسمح لها بالأساس بالحصول على ادنى الخدمات ليسهل نقلها وإزالتها في اي وقت.
وحول الدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية في مساندة البدو في نضالهم ضد الاحتلال يوضح عساف "نحن كهيئة استيطان وكمنظمة تحرير وكسلطة وكفلسطينيين سنواجه هذا المخطط الذي يهدف لتهجير التجمعات البدوية في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاقية اوسلو. فعلى الصعيد القانوني نسير باتجاهين للتصدي لأوامر الهدم الاسرائيلية وقد نجحنا في مناطق كثيرة بالحصول على قرارات احترازية من قِبَل محكمة العدل العليا الاسرائيلية لمنع تنفيذ اوامر الهدم التي تقوم بها الحكومة والجيش الاسرائيلي، كمنطقة ابو نوار التي نجحنا في انتزاع أمر احترازي يحمي فيها 67 منزلاً من الهدم، ولكن للاسف هناك عمليات هدم تُنفَّذ بدون بلاغات قانونية من قبل الاحتلال، وقد تمّ هدم ما يقارب 100 بركس في المناطق الوسطى من الأغوار، وقد بدأنا بإعادة إعمار هذه المناطق ونحن ملتزمون بإعادة بناء كل بيت يقوم الاحتلال بهدمه للمحافظة على الارض وتوفير مكان سكن ملائم بالحد الادنى للفلسطينيين، وقد نجحنا مع اخواننا البدو في رفض المخطط التهجيري الاسرائيلي الذي يعرض عليهم مبالغ مالية كبيرة لكي يتركوا مناطق سكنهم وينتقلوا للمناطق "أ" و"ب"، وهذه المنطقة التي نتحدّث عنها يوجد بها 159 معسكراً وكتلةً استيطانية ونحن كهيئة استيطان وبتوجيهات من سيادة الرئيس محمود عباس نقوم بدعم البدو في هذه المناطق كي لا يتم تطهيرها عرقياً وتحويلها لمناطق استيطانية وعسكرية اسرائيلية. ونقوم ايضا بحراك على المستوى العالمي بالشراكة مع المؤسسات الدولية من خلال زيارة التجمعات البدوية، وقد اصدر الاتحاد الاوروبي مؤخّرًا قرارًا يرفض فيه تهجير قرية سوسيا التي كان الاحتلال الاسرائيلي يحاول تهجير اهلها بالقوة وبهدم المنازل ويرفض ايضا تهجير تجمع ابو النوار، وموقف الامم المتحدة واضح بهذا المجال فهو يرفضه، وكذلك وزارة الخارجية الامريكية اخذت موقفاً ضد الهدم في سوسيا، ولكنها ما زالت مترددة بشأن تجمع ابو النوار، ونحن نقوم بمحاصرة الموقف الاسرائيلي دولياً ومحلياً للحفاظ على الاراضي الفلسطينية، فالجهود موجهة الى ثلاث جهات هي الحل القانوني والمجال السياسي والدبلوماسي على المستوى الدولي وقد نجحنا في فرملة المشروع الاسرائيلي في السيطرة على هذه المناطق".
ويتابع "دورنا هو اشعار البدو أنهم ليسوا وحدهم في المعركة في مواجهة الاحتلال، فهم لديهم مخاوف من ان تجبرهم الادارة المدنية التابعة للاحتلال على ترك مناطقهم وقد مروا بمرحلة من الضبابية وعدم معرفة الطريق، لكن بعد حملة المناصرة الدولية ودعمنا لهم كهيئة جدار واستيطان وكحكومة فلسطينية بات موقفهم اكثر صلابة وانا اراهن على البدو انهم سيقاومون مخطط التهجير مثل منطقة ابو النوار وعرب الكعابنة الذين يصرون على البقاء في اراضيهم، وبقاؤهم في اراضيهم هو تقويض للمخطط الاسرائيلي".
ويضيف "رغم قصور الامكانيات الا أننا نحاول بالتعاون مع المنظمات الدولية دعم صمود اهلنا من البدو من خلال المساعدة في بناء ما يهدمه الاحتلال من ممتلكات تخصُّهم ونحاول توفير أماكن ملائمة للسكن ضمن محدودية الامكانيات مثل توفير خزانات للمياه وبناء مدارس لهم وتأمين مواصلات لنقل الطلاب للمدارس وتوفير الخدمات الاساسية وكمثال على دعم الصمود قمنا بافتتاح مدرسة في تجمُّعات ابو النوار لأول مرة منذ اقامتها بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وقد قمنا بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي بوضع مخطّطات هيكلية لهذه المناطق لكن المشكلة تكمن في رفض الاسرائيليين الاعتراف بهذه التجمعات، وبالتالي هي ترفض هذه المخططات التي تساعد السلطة الفلسطينية في توفير الخدمات الأساسية لهذه التجمُّعات، فقد قدّمت الحكومة مبلغ 50 الف دولار لتجمُّع ابو النوار و50 الف اخرى لسوسيا ووفّرنا بالتعاون مع مؤسسات دولية خلايا توليد طاقة شمسية لتوفير الكهرباء لهذه المناطق في ظل رفض الاسرائيليين مد شبكات كهرباء فيها، ونحن نعرف ان ما نقدمه غير كافٍ ضمن ظروفهم الصعبة لكننا نحاول استغلال امكانياتنا الحالية على افضل وجه لمساعدة اهلنا من البدو ودعم صمودهم وليس بناء وتنمية المناطق التي يعيشون فيها لانه لا تنمية في ظل وجود احتلال في منطقة مسافر يطا وقد تمكنا من انتزاع الاعتراف القانوني بها مما جعلنا نستطيع بناء المدارس ومد المياه والكهرباء وبناء الخزانات".

2100 قضية في المحاكم الاسرائيلية لوقف الهدم والمصادرة والترحيل
يشير عساف إلى الظلم الذي يمارسه الاحتلال على عدة صعد، إذ يمنع وجود اي بناء اسمنتي جديد في المناطق "ج" في حين يسمح ببناء مستوطنات على الاراضي الفلسطينية ومدها بكل سبل الحياة، إلى جانب منعه الفلسطينيين من مد البنى التحتية الاساسية البسيطة، حتى باتت المدارس تُبنَى من الطين او من صفائح الزينكو مع بعض الاضافات لتقليل درجة الحرارة في هذه المناطق، لافتاً إلى وجود 2100 قضية في المحاكم الاسرائيلية لوقف الهدم والمصادرة والترحيل وهي قضايا تتعامل الهيئة فيها مع مجموعة من القانونيين والخبراء لتغطية جميع الملفات.
ويضيف "من النجاحات التي حقّقناها قرارات هدم لوحدات استيطانية كان آخرها هدم وحدات استيطانية في مستوطنة بيت ايل، كما استطعنا إزالة بؤر استيطانية مثل بؤرة اميجرون، وحصلنا على قرارات في منطقتَي قريوت وقصرى وفي بلعين وجيوس، وهناك انتصارات قانونية بشكل دائم، لكن للأسف في وضعنا القاضي والجلاد هما نفس الطرف ومع ذلك لن نترك اي فرصة للدفاع عن اراضينا وحقوقنا وفي هذه الفترة بالذات هناك تضييق اسرائيلي متزايد على سكان التجمُّعات البدوية في الاغوار وما يساعدهم وجود قوانين عسكرية ودعم من الحكومة الاسرائيلية لايجاد اسباب تمكنهم من السيطرة على الارض كاعتبار الاراضي ملكية للدولة او مناطق عسكرية مغلقة او محميات طبيعية او عمليات تدوير للأراضي من خلال تزوير الملكية والتي يتم فضحها عادة واي عذر تجده اسرائيل للاستيلاء".
وأود الاشارة الى أن القضاء الاسرائيلي قضاء غير عادل يشرّع من القوانين ما يخدم احتلاله وهذا مخالِف لاتفاقية جنيف الرابعة فلا يجوز إصدار تشريعات جديدة تخدم الاحتلال بل يجب الحفاظ على القانون المحلي السائد وفي حال وجود اي تغيير فيجب ان يكون لصالح المواطنين وبسبب هذه الممارسات الاسرائيلية لجأنا للانضمام لمعاهدات دولية تمكّننا من مقاضاة الاحتلال فيما يخص السيطرة على الاراضي وتهجير السكان كالتوجُّه لمحكمة الجنايات، وكما فعلنا سابقاً بالتوجُّه لمحكمة لاهاي والتي حصلنا من خلالها على فتوى قانونية لصالحنا، يمكننا ان نتوجه الان لمحكمة الجنايات ليس للحصول على قرارات او فتوى بل من أجل محاسبة مجرمي الحرب الاسرائيليين الذين يقومون بالسيطرة على الاراضي وتهجير السكان وهدم البيوت واستغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية لصالح المستوطنات التي تقوم على الاراضي الفلسطينية وغير ذلك من جرائم. والآن لدينا 22 قضية تندرج تحت إطار جرائم الحرب التي تمارسها اسرائيل بالاضافة الى الجرائم التي تتضمن الاعتداء على المنازل الفلسطينية وحرقها، وتعامُلنا مع المحاكم الاسرائيلية هو مجرد تأخير للمخطط الاسرائيلي لحين توفر حلول تضمن حقوق البدو".اً