خاص مجلة القدس - غزة تحقيق: منال خميس

في موسمٍ تنتظره الأمة الإسلامية بشغف من عامٍ لآخر، ألا وهو شهر رمضان المُبارك، ازدادت الأعباء والأثقال على المواطن الفلسطيني في قطاع غزة بفرض مزيدٍ من الضرائب على مختلَف السِّلع التي اعتبرتها حركة حماس «ثانويَّة»، ويمكن أن يستغني عنها المواطنون، وقد طالت هذه الضرائب التي فُرِضت مؤخراً، ولاسيّما ضريبة «التّكافل الاجتماعي»، جميع فئات وشرائح المجتمع.

في موسمٍ تنتظره الأمة الإسلامية بشغف من عامٍ لآخر، ألا وهو شهر رمضان المُبارك، ازدادت الأعباء والأثقال على المواطن الفلسطيني في قطاع غزة بفرض مزيدٍ من الضرائب على مختلَف السِّلع التي اعتبرتها حركة حماس «ثانويَّة»، ويمكن أن يستغني عنها المواطنون، وقد طالت هذه الضرائب التي فُرِضت مؤخراً، ولاسيّما ضريبة «التّكافل الاجتماعي»، جميع فئات وشرائح المجتمع.

"التكافل الاجتماعي" إحدى بدع حماس
"لَا يُكلِّفُ اللهُ نَفْساً إلّا وُسْعَهَا.. وزكاةُ المال وزكاة الفطر هُما المفروضتان على الإنسان الـمُسلِم في أي مكانٍ وأي زمان"، هذا ما بدأ به الدكتور نظمي أبو عامر "52 عاماً"، حديثه عند سؤاله عن رأيه بضريبة التكافل الاجتماعي التي فرضتها حماس مؤخّراً على المواطنين الغزيين، إلى جانب عشرات الضرائب السابقة التي تم فرضها تدريجيًّا منذ أن سيطرت عسكرياً على قطاع غزة سنة 2007م.
وأضاف "ما دون ضريبة الزكاة وضريبة الفطر هو غير إلزامي وغير مفروض بشريعتنا الإسلاميّة على الإنسان، والتزام الأغنياء والمقتدرين بدفع زكاة المال كفيلٌ بالقضاء على الفقر".
هذا وقضَت ضريبة التّكافل الاجتماعي التي فرضتها حركة حماس، بزيادة أسعار السِّلع بدءاً من اللحوم والدواجن، ومروراً بالملابس والأجهزة الكهربائية، وليس انتهاءً بالفواكه التي اعتبرها نواب حماس في المجلس التشريعي "ثانويَّة".
وإلى جانب ضريبة التّكافل الاجتماعي الإجبارية، يتم فرض ضريبة على السلع بشكلٍ مُسبَق قبل دخولها لقطاع غزة، تحت مُسمّى "التّعلية الاعتياديّة للأسعار"، عدا عن الرّسوم التي تقوم حركة حماس بجبايتها من التُّجار على المعاملات الحكوميّة التي يضطرون إليها من أجل استيراد البضائع.
وبالنسبة لآلية تنفيذ ضريبة التّكافل الـمُبتدَعة، فقد ادّعت حماس بأن المواطنين لن يشعروا بثقلها عليهم، حيث أنّها ستُفرض على السّلع بشكلٍ تدريجي، بدءاً بـ"1%"، ثم "3%"، وقد تصل إلى "10%" فيما بعد.

الضرائب تُثقل الفقراء وميسوري الحال على حد سواء!
يصف تاجر الملابس م. ح "39 عاماً"، ضريبة التكافل بأنها صاعقة نزلت على رؤوسهم، مُشيراً إلى أن الجهات الـمُختصّة بحكومة حماس طالبتهم بتنفيذ الأوامر على الفور، دون منحهم أي فرصة لمراجعة حساباتهم وصفقاتهم التّجارية، مما أدّى إلى تكدّس البضائع لديهم في ظل حالة العجز الاقتصادي الشديدة التي يُعانيها المواطنون.
وعبَّر س.ع "أحد تُجار اللحوم"، عن امتعاضه من الضرائب التي سبَّبت غلاءً كبيراً في أسعار اللحوم الطازجة، بقوله "هم يذبحون شعباً ميتاً، يفرضون علينا مبالغَ خياليّة لا يمكننا تحمّلها، فكيف سيحتملها المواطن الذي هو بالأساس يكاد يكون بلا دخل؟!".
وأضاف "نحن نُطالب الحكومة الفلسطينيّة بإنهاء هذه المهزلة بأسرع وقتٍ ممكن، ونطالب أعضاء المجلس التشريعي من كافة الأطياف السياسية بالدفاع عن محدودي الدّخل، والكف عن المساعدة بذبحهم من خلال الصمت على هذه الضرائب التي تفرضها حماس تباعاً".
أما الشاب خالد بريكة "28 عاماً"، وهو رب أسرة مكوّنة من سبعة أفراد، فيقول: "هذه الضرائب أمرٌ مجحِفٌ بحق المواطن، فهل ستقوم حكومة حماس بتوزيع الضرائب التي تمتصها من جيوبنا الفارغة أصلاً على العاطلين من العمل في نهاية كل شهر مثلاً؟! هذه جريمة بحق الشعب، وعلى من قام بفرض الضرائب أن يتراجع عنها بأسرع وقت".
فيما عقَّبت عالية الهندي "26 عاماً"، وهي ربّة منزل، على غلاء الأسعار بقولها "غلاء الأسعار سواء أكان بسبب الضرائب أم عوامل أخرى، هو كارثة تُصيب الفقراء في كل لحظة، هذا موتٌ بطيءٌ لنا. لقد أصبحت أخاف أن يشتهي أحد أبنائي شيئاً لا يستطيع والده الذي لا يتجاوز دخله الألف شيقل توفيره له".
ومن وجهة نظر المواطن سليمان ابو بخيت "42 عاماً"، والذي يعمل مُحاسباً في إحدى الشركات الخاصّة، فيرى أن المشكلة تكمن بوجود عرض كبير وانعدام الطلب على السّلع، بسبب الوضع المادي الـمُتردي الذي يعيشه المواطنون.
وعن وضعه الخاص يقول: "الوضع صعب للغاية، السلع أسعارها مُناسبة للطبقة الغنيّة فقط، فأنا لم أشترِ شيئاً من لوازم شهر رمضان، إذ ان مُرَتَّبي بالكاد يكفي للأساسيات والضروريات المُلحّة، فكيف الحال بضرائب إضافيّة على السلع التي هي بالأساس مُرتفعة السعر؟".
بينما يشرح الصيدلاني م. م، حالة المُلاحقة الماليّة التي يعيشها في ظل ازدياد الأعباء التي خلّفتها الضرائب وغلاء الأسعار بقوله "مرتبي الشهري 2000 شيقل، وهو غير كافٍ لتلبية احتياجات أسرتي المُكونة من ثلاثة أفراد، فحياة مُتوسطة بأغذية صحيّة كاللحوم والأسماك الطازجة وغير الضارة بصحة الإنسان تحتاج لأكثر من ضعف مرتبي الذي أتحصّل عليه شهرياً لقاء عملي".
وتبدو حالة الكبت والحرمان واضحة على المواطن س.ح "32 عاماً"، وهو مُراسل بإحدى الشركات الخاصة، حيثُ يقول "بالنسبة للوضع المادي السيّئ لو كان كيلو الدجاج بعشرة شواقل فهو غالٍ جداً، 85% من الأشياء التي تخطر ببالي وبال أسرتي لا أستطيع شراءها".
وبالانتقال إلى فئة أعلى دخلاً من فئات المجتمع الفقيرة، أبدى المهندس ورجل الأعمال محمد سلّام "49 عاماً"، استياءه الشديد من غلاء الأسعار، ومن الضّرائب المفروضة على السّلع المختلفة، مُشيراً إلى أن المشكلة الأساسيّة تكمن في ارتفاع نسبة البطالة إلى حدِّ الجنون.
وتابع "في أي حالٍ من الأحوال، ومهما كانت أسعار السلع المعروضة أمام المستهلك، فإن قلة المال وازدياد منسوب الفقر والبطالة تعني غلاء وتضخُّمًا في الأسعار وعدم رضى لدى المُستهلك، وأنا أعترض على هذه الضرائب، وعلى الأسعار أيضاً، فما فرضه علينا ديننا الإسلامي هو الزّكاة فقط، أما التكافل الاجتماعي فيجب أن يكون أمرًا اختياريًا بحسب القدرات والإمكانيات الفردية للمواطنين، وهو موجودٌ أُسَرياً بين الناس بدون وساطات ولا تدخلات سلطويّة".
وكان مجلس الوزراء، قد عقَّب على ضريبة التكافل الاجتماعي بالإشارة إلى أن أي إجراءات أو قرارات تصدر عن أشخاص غير مخوّلين وغير مفوّضين من قِبَل الحكومة تُعدُّ باطلة ومُخالفة للقانون والنّظام، في حين ضربت حركة حماس بهذه التّصريحات عرض الحائط واستمرت بفرض ضرائبها وجبايتها، لتُثقِل بها كاهل الفقراء والأغنياء.

حماس تسعى لسد عجزها من جيوب الفقراء!
في آخر المُستجدات بخصوص الضرائب وفنون الجباية الـمُبتكَرة بغزّة، أصدر النائب العام بغزة إسماعيل جبر، قراراً يقضي بإغلاق المقر الرئيس لشركة جوال، وقالت النيابة في بيانٍ صحافي لها أن القرار يأتي كخطوة أولية ضدّ جوال بتهمة التهرب الضريبي، مُحذرةً كافة من نعتتهم بـ"المتهربين ضريبيًّا"، من الملاحقة بكل حزم.
وفي تصريحات أعضاء المجلس التشريعي المحسوبين على كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس، ورد أن ما يتم جبايته من أموال لصالح ضريبة التكافل سيتم صرفها لموظفي غزة والفقراء والعمال والوزارات الخدماتيّة.
وقد أكّدت "حماس" في تصريحاتٍ لها، أن ضريبة التكافل ستذهب لصالح الموظفين الذين عيّنتهم عقب سيطرتها على قطاع غزة، والبالغ عددهم أربعين ألفاً.
وبالنسبة لفئة الفقراء والعمال، فستُمثِّل المُستفيد الثاني من هذه الضرائب، شريطة أن تكون التحصيلات الماليّة "كبيرة جداً"، فيما يتبقّى أكثر من 90% من سكان قطاع غزة، خاصة بين فئتي الخريجين والشباب يعيشون تحت خط الفقر بلا أملٍ أو مستقبل، وبانتظار أن تنمو وتترعرع التحصيلات الضريبيّة التي تؤخَذ من جيوبهم المُثقَلة.
وحول ما يختص بالوزارات الخدماتيّة، فبالرغم من أن وزارات المحافظات الجنوبية تتلقى شهرياً من حكومة الوفاق ما يكفي لتغطية الخدمات التي تقدمها للمواطنين، إلا أنه يبدو أن حماس ما تزال مُصرَّة على أنّ وزارات غزة الخدماتية، وعلى رأسها وزارة الصحة والتعليم والداخليّة، تُعاني من عجزٍ مالي كبير ارتأت في جيب المواطن المسكين مُتسعاً لسدِّه.
ويبقى المواطن الغزّي رهن أهواء ومصالح شخصيّة وأخرى حزبيّة، لا مهرب ولا مناصَ منها، سوى الرضوخ والصّبر على أمرٍ واقعٍ مرير سببه إمّا الاحتلال من خلال عدوانه المُتكرّر على القطاع، أو سلطة الأمر الواقع التي تُسيِّر حماس شؤونها بها بيدٍ من حديد، ومغناطيس يخترق جيوب المواطنين الـمُهتَرِئة.