بمناسبة الذكرى ال67 لنكبة الشعب الفلسطيني واقتلاعه من أرضه، نظم المجلس الثقافي للبنان الجنوبي ندوة بعنوان "المشهد الفلسطيني عام 2015" حاضر فيها أمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات وذلك في مركزه في برج أبو حيدر بيروت الخميس 14-5-2015.

بحضور الدكتور محمد مجذوب، حبيب صادق الأمين العام للمجلس الثقافي ، د.حسين أبو النمل، وعدد من أعضاء المركز الثقافي، وشخصيات سياسية ووطنية لبنانية وفلسطينية.

استهلت الندوة بمحاضرة للدكتور محمد مجذوب حيث قال: القضية الفلسطينية اختصرت اليوم كما اختصرت منذ قرن الوجود العربي الحر أو الراغب في الحرية والانطلاق، إن هذه القضية تحدد مستقبل العرب وتؤكد أن استعادة فلسطين كجزء من الوطن العربي لا يتوقف على المساومات والصفقات والمعاهدات والقرارات الدولية فلم يحدث يوماً أن تمكن قرار دولي من فرض حل عادل أو  إعادة حق سليب إلى أهله وما زال النضال القومي اصدق أنباءً من القرار الدولي، فالحق في القضايا القومية لا يستعاد إلا بالصمود والنضال والعدالة كما قال خطيب الثورة الفرنسية لا تخرج من  زنزانات المعتقلات إلا على رؤوس الحرب وقلعة السلام العادل والصامد لا تبنيها إلا سواعد المقاومين المؤمنين بحق أبناء جلدتهم في الحياة الحرة والشريفة الكريمة.

لقد مر أكثر من 6 عقود على النكبة والقضية ما زالت تراوح مكانها أو تتأزم وتتفاقم بين حين وآخر. نكبة فلسطين هي في التاريخ العربي القديم والحديث أمَّ النكبات والكوارث القومية الذي ما زال الوجود العربي يشهدها إنها في الواقع والحقيقة كارثة قومية بامتياز أصابت القلب النابض من جسم الأمة التي كانت في خير أمة أخرجت للناس قد تصاب  أطراف الجسد بجروح طفيفة تداوى وتشفى أو حتى يستغنى عنها أو حتى يتم استبدالها بأطراف اصطناعية ولكن إصابة القلب تؤدي غالباً إلى غيبوبة أو شلل أو وفاة، لقد خسرت  الأمة العربية في الماضي بعض أطرافها، فتألمت الأمة وصبرت وحاولت على مضدد أن تتناسى ما أصابها ولكن ما أصاب فلسطين هي بمثابة استئصال القلب من الجسد وإذا كانت الأطراف التي فقدتها الأمة العربية تعتبر مناطق نائية من موضع القلب، ففلسطين هي في صميم القلب، وفلسطين عربية حتى العظم سكاناً وأرضاً وتاريخاً وتراثاً وكل الألاعيب التي جرت لفصل فلسطين وإخراجها من الصيغة العربية القومية باءت بالفشل ما دام هناك أجيال تسبح  الحمد لله على امتداد الوطن العربي باللغة التي انزل فيها القران الكريم.

فتحي أبو العردات قال: ارتكبت مجازر بحق الشعب الفلسطيني منذ 67 عاماً أدت إلى اقتلاع وتهجير وطرد الشعب الفلسطيني وتشتيته، وأنتجت الكارثة الإنسانية على مرأى من العالم أجمع، إلى نكبة فلسطين وما تلاها حتى احتلال ما تبقى من أراضي عام 67 فضلاً عن تهجيرهم داخل وطنهم وتعرضهم لمحاولات تذويب وشطب وإلغاء وإضعاف شخصيتهم الوطنية ومحاصرتهم، وهذا ما أدى إلى قمع وكبت، إلا أنَّ أصالة شعبنا وعلاقتها وصلابته وتمسكه بأرضه، شكلت عاملاً مهماً وهي المقاومة الفلسطينية التي أدت إلى نهوض مبكر من جحيم النكبة، من رحم المعاناة انطلقت ثورتنا الفلسطينية في 1-1-1965 لتعلن ميلاد الإنسان الفلسطيني الجديد، كتعبير أصيل عن توق شعبنا للحرية. اخترنا المقاومة والكفاح المسلح في وجه الاحتلال، ومجازر ارتكبت لطرده من أرضه، وإيمانا منه بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، كان لتلك الرصاصات دوي تردد في أرجاء الأرض كافة مبشراً أن الفلسطينيين أصبحوا شعب صاحب قضية وهوية نضالية وصاحب حق وعزيمة لا تلين وأن القضية ليست قضية إنسانية ولا لاجئين يريدون مساعدات بل قضية شعب يقاتل من أجل استرداد أرضه.

وأشار إلى معادلة الفلسطيني في لبنان أن الإنسان الفلسطيني يرفض مشروع التوطين والتهجير هو القوي والذي يريد أن يعيش حياة كريمة في لبنان يطالب بحقه المدني للحياة في لبنان.

إن الوضع الفلسطيني الداخلي أكثر من صعب، بل في المرحلة الأصعب والأدق، حيث لدينا مأساة مستمرة، من خلال العدوان الصهيوني والتهويد واستهداف للمسجد الأقصى والاستيطان الصهيوني ولا يتوقف اقتحام المدن والقرى وبات عملاً يومياً للجيش الصهيوني وزيادة إعداد المعتقلين والأسرى.

واستطرد قائلاً: إن ما يحدث في مخيمات اللجوء في سوريا هو تهجير الفلسطينيين من اليرموك وتشتيتهم في كافة المناطق، أما في مخيمات لبنان فالوضع صعب ودقيق والتحديات لا تزال قائمة فما زال التحدي الأمني سيد الموقف رغم الواقع الاجتماعي الصعب من بطالة ومساحات صغيرة وزيادة عدد سكان المخيمات، رغم العلاقة الطيبة بيننا وبين الدولة اللبنانية وتنسيق وتكامل بيننا بكل مكوناته السياسية والأمنية هناك محاولات مستمرة لزج الفلسطيني في الصراعات الطائفية والمذهبية لا تخدم فلسطين ولا لبنان نحن لدينا قناعة صلبة وراسخة حماية الوجود الفلسطيني في لبنان في وجه الفتنة ومشاريع التهجير، وتعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية، وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية بين مختلف مكونات الشعب الفلسطيني وهذا يندرج في إطار التنسيق والتفاهم مع الدولة اللبنانية.

مشروعنا مشروع العودة والبوصلة هي فلسطين ولا نريد أن ننخرط في أي صراعات خارج الوجود الفلسطيني والحق الفلسطيني. والفلسطيني لا يريد التوطين ولا التهجير، هو يريد أن يعيش بكرامة.

وعن الحقوق المدنية قال: الحق المدني الفلسطيني لا زال مؤجلاً، نحن نتحدث عنه مع  لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ومع المعنيين بهذا الموضوع، نحاول أن نحقق أي انجاز في هذا الموضوع لكن الظروف العامة في البلد تمنع من تحقيق أي خطوة ايجابية.

وتطرق أبو العردات إلى موضوع المصالحة قائلاً: المصالحة اليوم ليست في متناول اليد، نحن في لبنان دائماً نحتضن فكرة ونتبنى رؤية، وكنا قد قمنا بعقد لقاءات خلال زيارة عزام الأحمد وموسى أبو مرزوق  بين "فتح" و"حماس" من أجل تذليل العقبات أمام المصالحة الفلسطينية، ولتمارس الحكومة الفلسطينية، حكومة الوفاق الوطني عملها في تشكيل لجان وانتخابات وإعادة اعمار غزة، نأمل أن نصل إلى نتيجة لإزالة العقبات أمام المصالحة، لأن المستفيد الوحيد من عدم المصالحة هي إسرائيل.

وتحدث أبو العردات عن التحركات الدبلوماسية الفلسطينية قائلاً: أصبحت فلسطين الآن تطرق أبواب الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتتحدى الفيتو الأميركي، حضور فلسطيني له سمة الدولة، وأن الأرض الفلسطينية هي أرض دولة محتلة وليست أرض متنازع عليها. التراكم النضالي للشعب الفلسطيني ومقاومته  الطويلة بدعم صادق من الشعوب العربية والعالم الحر هو المسؤول عن رفع مكانة رفيعة على المسرح الدبلوماسي وحق تقرير مصير الشعب الفلسطيني.

وتابع: هناك إصرار وضغط على القيادة الفلسطينية للاعتراف بيهودية الدولة وبالمقابل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.