بقلم: يوسف عودة

انفرجت أسارير وجهه فرحاً، ورسمت الابتسامة لوحة أمل يتحقق. أخبرته زوجته أنها حامل، ومنذ تلك اللحظة وهو ينتظر ويعد الأيام حتى يأتي إليه من يحمل البشارة.

انقضت الأيام، جاء من يخبره أن زوجته قد أنجبت طفلين!.. ولكن المفاجأة أنهما طفلان ساميان متلاصقان، حاول أن يخفي صدمة الخبر وما سمع، لكنه تعامل مع الحدث بحكمة وصبر، أخبره الأطباء أن لا خوف على الطفلين وأنهم يستطيعون إجراء جراحة لهما، لكن واحداً فقط سوف يعيش، الرجل كان في حيرة من أمره، ترك لنفسه مساحة من الوقت وهو يفكر، ويستشير الأهل والأقارب وأخبر زوجته بالموضوع وأخذ رأيها، رفضت الأم الفكرة، ورفضت إجراء الجراحة لفصل الطفلين عن بعضهما، مع مرور الوقت كان الطفلان يكبران، وكل واحد منهما يشدّ بالاتجاه المعاكس، والأبوان يراقبان حركتهما وتصرفاتهما، الأقارب والأصدقاء يطلبون منهم فصل التوأمين عن بعضهما، والأم ترفض إجراء العملية الجراحية لأنها ليست مع موت أحدهما على حساب أخيه، زوجها استساغ فكرة الأطباء، واتخذ قراره الصعب، وأخذ يعمل على تهيئة زوجته، وكان يردد دائماً الموت في سبيل الحياة ولادة جديدة.

أراد الرجل أن يظفر بأحد الطفلين، لكي لا يخسر الاثنين معاً، حدد الأطباء موعداً لإجراء العملية الجراحية وأدخل الطفلين المستشفى، عملت زوجته بالأمر، وذهبت إلى المستشفى تستغيث بزوجها، وتستجير الأطباء، وهي تصرخ، أنا أمهما، أنا أولى بهما، لن أتخلى عنهما، أنا حاضنتهما وخادمتهما، لا تفعلوا ذلك، وصرخت في وجه زوجها، الجرح ما بيوجع إلا صاحبوا.

اقتحمت غرفة العمليات، حملت طفليها وخرجت مسرعة، كان الأطباء مشدوهين، صرخ أحدهم معها حق، لو أخذ المبضع مكانه في جسديهما سيلقى واحد منهما حتفه، والثاني لن يعيش إلا حياة عليلة، كان جد الطفلين يراقب المشهد والدموع تنساب على خديه، التفت إلى ولده قائلاً، يا بني الأم مثل الوطن، توحد ولا تفرق.

تحب كل أبنائها وتحرص عليهم جميعاً الأم لكل أولادها، والوطن لكل أبنائه، ومثل هذه الأم التي رفضت فصل ولديها عن بعضهما، كونوا مثلها في حب الوطن والإخلاص له ويتسع لكم جميعاً.