بقلم: سامي أبو سالم

ما إن تسللت أخبار اجتياز بعض النازحين، في جنوب قطاع غزة، لحاجز الاحتلال على الطريق الساحلي ووصولهم شمال القطاع اليوم الأحد، حتى هب آلاف النازحين من خيامهم يحزمون أمتعتهم للعودة إلى بيوتهم.

تكدست الطريق الساحلي غرب القطاع، بشاحنات وحافلات ومركبات مختلفة الاحجام، وكارات تجرها دواب، تحمل عشرات الآلاف من المواطنين الشغوفين بالعودة لبيوتهم في الجزء الشمالي من القطاع.

ونزح زهاء مليون ونصف مواطن من محافظتي غزة وشمالها إلى جنوب القطاع تجنبا لحمم صواريخ الاحتلال.

قالت عطاف أبو سعيد التي كانت تجلس على قارعة الرصيف هي وأطفالها الستة: بأنها بانتظار سيارة تنقلها لمنطقة وادي غزة على الطريق الساحلي لتصل بيتها في منطقة الشيخ رضوان بغزة، مضيفة أنها ما إن سمعت "طرف خبر" بعودة بعض المواطنين حتى حزمت قليلاً مما لديها وقررت العودة دون أن تفكر مرتين، وحتى لو الأخبار غير مؤكدة فلن تنتظر إلى حين التأكيد، فقد اشتقت لبيتها وفراشها ومطبخها. 

وقال محمد الكتري الذي كان يقف وسط زحام الركاب في صندوق شاحنة، بأنه كان أكثر الشغوفين للعودة لبيته بمخيم جباليا شمال القطاع، ليدفن إبنه الذي استشهد في قصف جوي قبل خمسة شهور ولا يزال تحت الركام، فهو يريد أن يشتم رائحة التراب الذي احتضنه.

وقال ربيع ريحان الذي تتشابه حكايته مع المواطن الكتري: بأنه سيعود للبحث عن جثمان والده الذي أعدمه في شارع الرشيد الساحلي لكي يدفنه. 

ومنذ شهور عديدة، لم تسمح قوات الاحتلال بعودة النازحين، وتستخدمهم كورقة مساومة في "مفاوضات التهدئة" في قطاع غزة.

بعد أن تخطت المركبات مدينة خان يونس واقتربت من دير البلح، بدأت مركبات تحمل مواطنين بالعودة باتجاه الجنوب، لأن الاحتلال أطلق النار عليهم، وسقط خمسة شهداء بينهم امرأة في قصف للاحتلال استهدف النازحين الذين يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة.

وقال عاطف قنيطة، من مدينة غزة: أنه يلملم بعض أغراضه لكنه يخشى أن يطلق الاحتلال النار كما حصل عدة مرات قبل ذلك، مضيفًا بأنه متشوق للعودة وزيارة قبر أمه التي استشهدت قبل عدة أيام لكنه متردد.

هناك، على الطريق الساحلي، يمكن أن ترى شبانًا وفتية وعائلات يحملون امتعتهم على ظهورهم ويسيرون على أقدامهم بسبب عدم توفر مركبات تحملهم، بعضهم حملوا طعامًا وزجاجات مياء وبطانيات لاستخدامها في المبيت المتوقع إن لم يستطيعوا اجتياز الحاجز.

وقالت إسراء أبو السعيد التي لم تخف سعادتها للعودة لبيتها مع أطفالها الثلاثة الذين كان تتوسطهم في صندوق الشاحنة: بأنها عازمة على العودة حتى لو كان بيتها مدمرًا.

فيما قالت طفلتها نعمة، إبنة الصف الأول: بأنها مشتاقة لأبيها وللمدرسة.