يعتبر د. محمد مصطفى أحد الأرقام الصعبة التي قبلت التكليف السامي لتشكيل الحكومة التاسع عشر في السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو يتمتع بمؤهلٍ عالٍ في الاقتصاد وذو خبرات واسعة في إدارة دفة البلاد. ولعل التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة في مضمونها مجموعة من التحديات المتراكمة خارجية وداخلية أصغرها مثل الجبال الرواسي التي تحتاج إلى ادارة وعزيمة وشكيمة قوية لإحداث اختراق في تلك الملفات.

الملف الأول وهو الاحتلال وتدخلاته في الشأن الفلسطيني وهذا يتطلب سياسات وحراك رسمي وشعبي للخوض في ثناياه في الطريق إلى التحرر الوطني، تحرير الاقتصاد الوطني من تبعيته للاحتلال هو من الارهاصات التي تكبل الاقتصاد الوطني من القيود التي تفرض على تطوره ونمائه، كما أن تحرير المقاصة عوائد الضرائب من تدخلات الحكومة الإسرائيلية يتطلب اجراءات تقود إلى تحررها من القيود الإسرائيلية، ممارسات مختلف انواع الحربات أمر  ضروري لتغير مجرى الحياة الفلسطينية والقفز إلى الأمام في بناء مقومات الدولة الفلسطينية.

على جانب آخر فإن ملف قطاع غزة من إنهاء العدوان على غزة وإعادة الإعمار هو تحد كبير بما يحمله هذا الملف من عناوين لإنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة.

وعلى الصعيد الداخلي فان التنمية المحلية التي طالما تعطلت تحتاج إلى إعادة البناء وتفعيل المؤسسات الفلسطينية بما يضمن تقديم أفضل الخدمات للشعب الفلسطيني بأقل التكاليف.

أما ملف البطالة فهو من أعقد الملفات التي تحتاج إلى ثورة فكرية وعملية في القضاء على البطالة والفقر في المجتمع الفلسطيني التي هي من أعلى النسب في العالم،  فقد تعطلت القوى العاملة في غزة، وأغلق سوق العمل الإسرائيلي أبوابه أمام العامل الفلسطيني الذي يعتبر مهما في دعم الاقتصاد الفلسطيني بما قيمته مليار دولار ونصف شهريًا أما في الضفة الغربية فإن نسبة البطالة أكثر من %27 من نسبة القوة العاملة. ومن الضروري استعادة الموظفين لانتظام الرواتب التي تضخ في الأسواق تقريبًا مئة مليون دولار مما يدفع بالعجلة الاقتصادية قدمًا.

يعتبر التعليم العالي مهمًا، وقد أجرت السلطة الفلسطينية دراسة كشفت فيها أن نحو أربعين ألف خريجٍ ينتمون إلى سلك البطالة، ولا يستوعبهم سوق العمل لأسباب عديدة أهمها تكرار التخصصات المشتركة، مما يتطلب من الحكومة القادمة وضع السياسات التي تخرج البلاد من الأزمة القادمة.

أما في الملف الساخن الذي لا يوجد وصفة علاجية له فهو اللحمة الوطنية وإنهاء الانقسام، وهذا يتطلب الحوار الجاد الأمين المخلص من كل الجهات وبعيدًا عن التدخلات والبساط الأحمر والفنادق، الحوار لا يحتاج إلى تدخلات من هنا أو هناك أو عزومة الأصدقاء، الحوار يحتاج إلى الإرادة والانتصار لفلسطين.

بناء الإنسان الفلسطيني هو الأهم لأن فلسطين لن يحميها إلا أهلها، والوسيلة الوحيدة لضمان الانتصار هو تعزيز الإنسان الفلسطيني بالتعليم والثقافة وتعزيز الصمود التي هي على رأس أولوياتنا، قد لا ينتهي الاحتلال في عام أو عامين لكن ما هو أكيد بناء الإنسان الفلسطيني يؤدي إلى التحرر الوطني من الاحتلال.

كل الأماني الجميلة لطريق تحتاج إلى جهد كبير وعمل جاد لإحداث اختراق في ملفات محكمة الإغلاق، والدعاء أن يحقق الله أماني شعبنا بما هو أفضل.