بقلم: وعد الكار

يصر أبناء شعبنا على مواكبة التطورات العلمية المتواصلة الحاصلة في العالم، رغم الظروف القاهرة التي تمر بها البلاد من حزن وألم ومعاناة بسبب العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

وفي ظل ما يجري على الأرض في الضفة الغربية من بتر أوصال المدن والقرى الفلسطينية وفصلها عن بعضها بالحواجز العسكرية الإسرائيلية، وتدهور الوضع الاقتصادي، الذي أدى إلى عدم انتظام العملية التعليمية الوجاهية في مدارس الضفة، استطاع طلاب مدرسة ذكور التحرير الأساسية في بيت فجار جنوب بيت لحم حصد المرتبة الاولى على مستوى الوطن في مسابقة "روبوت الإنقاذ" خلال شباط المنصرم.

وإضافة إلى ذلك حصدت المدرسة المرتبة الثالثة في مسابقة أحفاد الجزري قبل أيام والتي تهتم بروبوت الإنقاذ، والتي انعقدت في الأردن بمشاركة 70 فريقًا من 27 دولة عربية.

يقول المعلم المشرف على طلبة الفريق الفائز نسيم ثوابتة: إن فريق المدرسة يشارك في مسابقات الروبوت الآلي على مدار 10 سنوات، ما أدى إلى تعزيز شخصيات الطلبة وصقلها وجذب انتباههم لأحد أهم العلوم الحديثة التي ينشغل بها العالم بأسره على كافة الأصعدة، ألا وهي علوم الذكاء الاصطناعي، وعلى وجه التحديد بناء الروبوت الآلي.

ويضيف: أن معايير مسابقات روبوت الإنقاذ المحلية والعربية والعالمية، تتمحور حول كيفية قيام روبوت آلي بإنقاذ حوالي سبعة مصابين على الأرض وسحبهم إلى منطقة الأمان، دون أن يخطئ الروبوت بإنجاز المهمة ودون أن يسقط منه أياً منهم، ويتم تمثيل ذلك داخل المسابقة، بوضع قطع على طاولة طولها حوالي مترين ونصف وعرضها متر ونصف، ويتطلب من أفراد الفريق برمجة الروبوت بطريقة تضمن تأدية المهمة بمدة أقصاها أربعة دقائق، مشيرًا إلى أن ما مَيّز فريقهم هو إنجاز المهمة ب 11 ثانية، وهذا وقت قياسي تسبب بحصد المرتبة الاولى على مستوى الوطن.

وبين أن الفريق مكون من ثلاثة طلاب، إضافة إلى مدرب مساعد يسانده في مهمته بتدريب الطلبة على برمجة الروبوت، مشيرًا إلى أن هذا المدرب هو محمد طقاطقة وهو أحد طلبة المدرسة الذي شارك معهم بالمسابقات عام 2016، وبعد أن تخرج من المدرسة بقي وفيا منتميا لمدرسته، يساند الطلبة ويقدم لهم النصح والإرشاد لتجنب الوقوع بأخطاء.

بدوره يقول طقاطقة: إن هذه المسابقات التي شارك فيها لمدة ثلاث سنوات متواصلة، ابتداء من العام 2016 نمّت لديه حب التكنولوجيا، ما جعله يختار تخصصه الجامعي في هندسة أنظمة الحاسوب، وهي بحر من المعلومات حول البرمجة والتصميم والابتكار، وبذلك أصبح مؤهلا ليكون مدربًا مساندًا لمعلمه السابق خلال تعلمه في المدرسة، ومحكمًا معتمدًا في لجان المسابقات المختصة في الروبوتات.

ويتابع: أنه يستعد مع الفريق لخوض مسابقة FLL في شهر أيار القادم، وهي مسابقة روبوت عالمية تساعد الطلبة والمدرسين على بناء مستقبل جيد.

ويشير إلى أن المسابقة تقوم على التحديات القائمة حول الموضوعات التي تتغير سنويا، بشكل يتم فيه إشراك الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 9-16 عاما في البحث وحل المشكلات والبرمجة والهندسة، وتعد قيم العمل الجماعي والاكتشاف والابتكار من أهم معايير هذه المسابقة بين أفراد كل فريق.

ويبين أحد أفراد الفريق الطالب جاد ديرية وهو في الصف السادس أن السر في تميزهم وحصولهم على المركز الأول على الوطن والثالث عربيا هو التفاني في التدريب المستمر بكل بشغف بإشراف المعلم والمدرب، مؤكدًا أن الشعور بالمسؤولية تجاه المدرسة والانتماء لها حفزهم للابتكار، إضافة لوجود قائد ملهم للفريق جعلهم يسيرون نحو الفوز المحقق، فهو يتحلى بالصبر والذكاء وسرعة البديهة.

من جانبه أشار مدير المدرسة ناصر ديرية، إلى أن فكرة روبوت الإنقاذ ستكون بمثابة الحجر الأساس لإنشاء روبوتات تخدم البشرية مستقبلاً، حيث ستسهل عمليات الإنقاذ من تحت الأنقاض في حالات الحروب والكوارث الطبيعية كالزلازل بطريقة آمنة تحافظ على حياة الإنسان وتقلل من نسبة المخاطر التي تواجهه في تلك الظروف، مؤكدًا أن شعبنا هو أكثر ما يحتاج هكذا ابتكارات في ظل وجود الاحتلال الذي يشكل الخطر الأكبر على الإنسان الفلسطيني.

من ناحيته، أكد مدير التربية والتعليم في بيت لحم بسام جبر، أن الوزارة تقوم بواجبها الوطني والأخلاقي تجاه طلابها، بالرغم من الألم فإن شعبنا يخلق الأمل والحياة، ففي ظل العدوان على قطاع غزة والظروف الاقتصادية الصعبة، يحاول المعلم الفلسطيني الاستمرار في العملية التعليمية بين التعليم الوجاهي والالكتروني عبر المنصات الافتراضية التابعة للوزارة، ويسعى المعلم لاستكمال الأنشطة اللاصفية بتوجيه الطلبة للانخراط بكافة المسابقات المتنوعة ومن بينها مسابقات الروبوت الآلي التي فتحت آفاقا كبيرة في أذهان الطلاب.

ويوضح، أن هذا النجاح يعود لجهود مشتركة بين الطلاب والمعلمين والدائرة التقنية في المديرية الذين كانوا جميعًا على قلب رجل واحد.