النكبة جريمة مستمرة والعودة حق


في الخامس عشر من أيار.. تمر بنا الذكرى الخامسة والسبعون للنكبة التي حلت بشعبنا المناضل عام 1948م،  عندما ارتكبت العصابات الصهيونية آلاف المجازر، وهدمت مئات القرى وآلاف البيوت لتقيم دولتها فوق أرضنا الفلسطينية، ولتنتزع أكثر من ثلثي شعبنا من أرضه في أكبر حملة تطهير عرقي وتهجير قسري شهدها التاريخ الحديث، ليعيش شعبنا طوال العقود الماضية آلام اللجوء وفواجع الطرد والتشريد والبطش اليومي على يد المحتل الغاصب.
إنها النكبة التي فرضت على شعبنا الفلسطيني واقعا ظالما وقاسيا من التشرد والمعاناة المتواصلة، هذا الواقع المرير بكل فصوله ما زال ممتداً ومفتوحاً على مدار محطات التاريخ وعلى جبهات الزمن الذي لم يغير من إرادة شعبنا الفلسطيني في مواصلة الصمود والنضال على هذه الأرض. والحفاظ على هويته ووجوده وكيانيته عبر منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.
 وبالإرادة الفلسطينية الصلبة سقطت المقولة الصهيونية بأن "الكبار يموتون والصغار ينسون" وأكدت على حقيقة "ما ضاع حق وراءه مطالب" إنها حقيقة راسخة ما ضاع حق شعبنا الفلسطيني في العودة إلى وطنه ودياره التي انتزع منها وشرد منها ووراءه هذه الأجيال الحية المتعاقبة المسلحة بالإرادة الصلبة وبالإيمان الراسخ بعدالة وشرعية الحق والاستعداد المطلق للتضحية والعطاء والفداء، وإنه مهما طال الزمن ومهما بلغ بطش الاحتلال والعدوان فإنه لن يثني شعبنا عن المضي قدمًا على طريق الحرية والتحرير والعودة ودحر الاحتلال الغاشم والاستيطان البغيض عن كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها الأبدية القدس الشريف.


يا جماهير شعبنا البطل:
ونحن نحيي هذه الذكرى التاريخية الأليمة... يتعرض أبناء شعبنا في قطاعِ غزة منْ عدوان وحشي إسرائيلي على المدنيين، وقصف متعمد للبيوت، وتدميرها على رؤوس سكانها، وتدمير للبنية التحتية، وقتل للأطفال والشيوخ والنساء، على مسمع ومرأى من العالم الذي يقف عاجزاً في كبح جماح هذا العدوان ووقف هذه المجازر والجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني، كما يتعرض أبناء شعبنا في الضفة الغربية والقدس لجرائم الاحتلال الاسرائيلي، من خلال تسارع عمليات الاستيطان وشق الطرق الالتفافية وبناء جدار الفصل العنصري ومصادرة الأراضي، وتهويد النقب والجليل ومدينة القدس وسحب هويات المقدسيين وإطلاق عنان المستوطنين المتطرفين والاعتداء على الفلسطينيين المدنيين واستمرارها في تنكرها لحق العودة ولحقوق شعبنا المشروعة في العودة والحرية والاستقلال وملاحقة أهلنا الصامدين في قرى النقب وهدم منازلهم وتشريدهم من ديارهم ومصادرة أراضيهم،  وفرض القوانيين العنصرية على أهلنا داخل الأراضي المحتلة عام 48 وانتهاج سياسة الترحيل القسري والتمييز العنصري لتضييق الخناق عليهم وإجبارهم على ترك ديارهم، هذه الممارسات التي تعيد للأذهان والذاكرة أحداث وفصول النكبة التي حلت بشعبنا، لفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض وفرض واقع قومية الدولة اليهودية التي تحرم خمسة ملايين لاجئ فلسطيني من العودة إلى ديارهم التي هجروا منها عام 48، وتهدد مليون ونصف المليون فلسطيني داخل الأراضي المحتلة عام 48 بالطرد والتهجير القسري.. هذا العدوان وهذه الأحداث تؤكد بان إسرائيل هي دول احتلال وابرتهايد كما وتؤكد هذه الأحداث بأن النكبة هي جريمة دولية مستمرة، ورغم ما تشكله هذه الجريمة من إنتهاك جسيم، وجرائم دولية موصوفة في القانون الدولي، وانتهاك لميثاق الأمم المتحدة وتهديد للأمن والسلم الدوليين، فإن إسرائيل تحتمي من عواقبها تحت مظلة الصمت الدولي. 


يا جماهير شعبنا الفلسطيني البطل:
إن هذا الاستهداف الإسرائيلي لشعبنا ومشروعنا ونضالنا الوطني يتطلب من الشعب الفلسطيني بكافة جماهيره المناضلة وفصائله وقواه الوطنية والإسلامية العمل يدا بيد وجنبًا إلى جنب لتعزيز وحدتنا الوطنية التي تجسدت وتجذرت على مدار تاريخ نضال شعبنا الفلسطيني، وأن تظل كافة الجهود والطاقات والإمكانيات الوطنية تصب في بوتقة الصمود والتلاحم والبناء الوطني ..لمجابهة كافة التحديات الماثلة أمامنا والحفاظ على وحدة العمل والأداء الوطني ليس في المواجهة ومقاومة الاحتلال والعدوان على أرض المعركة فقط، وإنما في العمل والتحرك السياسي من أجل انتزاع الحقوق الوطنية المشروعة في الاستقلال الوطني وتحرير الأسرى الصامدين خلف القضبان الإسرائيلية دون قيد أو شرط أو تمييز، وتجسد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها في العام 1948 طبقاً للقرار 194 ومواجهة كافة مشاريع التوطين والوطن البديل وإزالة كافة آثار النكبة التي لا زال شعبنا المشرد والمشتت في كافة أنحاء العالم يعاني من نتائجها المدمرة، وهذا يتطلب إنهاء الانقسام والإسراع في تحقيق المصالحة والتوجه للأمم المتحدة ومنظماتها كافة لطلب الاعتراف بدولة فلسطين دولة كاملة العضوية على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

يا جماهير شعبنا الصامد.. يا شعب الشهداء..
في هذا المناسبة الوطنية.. نتوجه للأمة العربية لتحمل مسئولياتها التاريخية والقومية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية التي لا زالت تمثل القضية المركزية للأمة العربية.. والعمل على تعزيز الدور العربي والإسلامي في هذه المرحلة التاريخية الماثلة أمام الشعب الفلسطيني والأمة العربية خاصة وأن هناك حكومة ائتلافية جديدة برئاسة بنيامين نتنياهو تندر باحتمالات تصعيد وعدوان على جبهات عدة.
كما إن المجتمع الدولي بكافة دوله ومؤسساته وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي مطالب بتحمل مسئولياته الدولية بإنصاف الشعب الفلسطيني وتأمين الحماية الدولية من جرائم الاحتلال الإسرائيلي والضغط على الحكومة الإسرائيلية بالانصياع لإرادة المجتمع الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي وأن لا تكون إسرائيل دولة فوق القانون الدولي، كما نطالب المجتمع الدولي بالتخلي عن صمته وعن سياسة الكيل بمكيالين، التي كانت سببًا في إمعان إسرائيل في ارتكاب جرائمها والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني والإفلات من العقاب والمساءلة الدولية.
كما ونطالب بتنفيذ القرارين 181 عام 1947، و194 عام 1948، اللذين كانا التزام إسرائيل بتنفيذهما شرطين لقبول عضويتها في الأمم المتحدة، كما ونطالب بإنزال العقوبات على إسرائيل وتعليق عضويتها في المنظمة الدولية طالما لم تنفذ شرطي عضويتها في الأمم المتحدة .
كما وندعو الدول المانحة والممولة للأونروا الوفاء بالتزاماتها المالية في دعم ميزانية الاونروا والعمل على زيادة تمويلها لتمكين الاونروا من القيام بمهامها حسب التفويض الممنوح لها بالقرار 302 إلى حين إيجاد الحل السياسي لقضية اللاجئين من خلال عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948 طبقاً لما ورد في القرار 194 .
أنها مسؤولية دولية قائمة .. والمجتمع الدولي مطالب بالإيفاء بها تجاه الشعب الفلسطيني لرفع الظلم التاريخي الذي لحق به ، والمعاناة والعدوان والاحتلال عن كاهله وتمكينه من ممارسة حياته الطبيعية وحقوقه الوطنية المشروعة .. حقه في تقرير مصيره واستقلاله الوطني الكامل بإنهاء الاحتلال ..وحقه في العودة إلى دياره التي هجر منها عام 48 طبقاً للقرار 194 وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.


يا جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد ...
إن اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة  تدعو كل جماهير شعبنا الفلسطيني للمشاركة الفعالة في كافة فعاليات النكبة المقرة من اللجنة الوطنية العليا لنؤكد للمحتل الإسرائيلي بأننا هنا باقون  لن ننسى أرض الآباء والأجداد وأننا عازمون للعودة إلى ديارنا ومدننا وقرانا.
كما تتوجه بالتحية كل التحية إلى جماهيرنا المناضلة الصامدة ..في الوطن والشتات وفي مخيمات اللجوء في لبنان سوريا والأردن وإلى أسرانا البواسل . ونجدد العهد والقسم بالنضال والمضي قدمًا حتى دحر الاحتلال الإسرائيلي دحرًا كاملاً وانتزاع حق العودة وإقامة الدولة وتحرير أسرانا الأبطال.
فلتسقط الخيمة ويحيا الوطن، لتسقط ثقافة الهزيمة ولتترسخ ثقافة الصمود.
                                                                                                 

اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة 
                                                                                              ٢٠٢٣/٥/١٥