تقرير: الحارث الحصني  

إلى الشرق من طوباس، وبينما تحتفل دول العالم بيوم الأم بطقوس واحتفالات متنوعة، تخط سماهر بشارات (42 عامًا)، أم لتسع إناث وذكر، واحدة من قصص الأمومة في نظام حياة قاس في خلة مكحول بالأغوار الشمالية.

خلة مكحول التي تترامى أطرافها على جانب طريق معبدة تقود لأحد معسكرات الاحتلال الإسرائيلي، واحدة من المناطق الفلسطينية في الأغوار الشمالية، التي لم تكن الحياة فيها يوما بتلك السهولة.

فالمنطقة المحاطة بعدة معسكرات إسرائيلية ظلت على مدار سنوات، واحدة من الأماكن الملتهبة في الأغوار الشماليةـ وتسجل فيها بشكل دوري انتهاكات للاحتلال ومستوطنيه بحق الأهالي.

قبل أسبوعين عاشت بشارات تجربة قاسية، عندما داهمت قوات الاحتلال الخيام التي تسكن فيها، وكانت وحيدة مع إحدى بناتها، "لقد خفت على بنتي كثيرًا، لا أستطيع تحمل أن يحدث لإحدى بناتي شيء".

قدمت بشارات إلى خلة مكحول مع زوجها قبل 16 عامًا، بعد أن رحلاً قسرًا من منطقة الرواق، التي أصبح الوصول إليها اليوم ضربا من المستحيل، بسبب مضايقات الاحتلال.

يوم غد يحتفل العالم بيوم الأم، بتكريم الأمهات والحديث عن الأمومة ورابطة الأم بأبنائها وتأثير الأمهات على المجتمع، لكن في الأغوار الشمالية، الوضع يختلف تماما، فالأمهات يكن مغمورات بأعمال منزلية، وتربية ماشية، وبعضهن يمتهن الزراعة.

"كوني أما لعشرة أطفال فإنني أعيش خوفًا مستمرًا على أبنائي، فنحن نسكن في منطقة ليست آمنة". تقول بشارات.

وتضيف: "الحياة هنا بحاجة لنفس قوي للبقاء فيها، فإضافة إلى أن المنطقة لا تنعم بالهدوء كثيرًا بسبب مضايقات الاحتلال ومستوطنيه، فإن طبيعة الحياة في هذه المنطقة التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة، تزيد من سوء الوضع".

وتتابع: "نسكن في خيام ليست مهيأة للحياة في الشتاء، ولا في الصيف (..)، إنها معاناة كبيرة، ليس لأجلي فقط، بل من أجل أطفالي".

هذا ليس كل شيء، فالنساء في هذه المناطق، يأخذن حملاً كبيرًا في الحياة اليومية، ويقع على عاتق كثير منهن العمل لمساعدة أزواجهن في اعالة اسرهن.

ويعتمد برهان بشارات، وهو زوج سماهر، في إعالة اسرته بشكل أساسي على تربية الماشية.

تقول بشارات: "استيقظ عند الفجر، وأبدأ بحلب الماشية لمدة تزيد على ساعتين، ومن ثم أكمل الأعمال المنزلية الأخرى، وعند العصر أعيد العمل ذاته، إضافة إلى إطعام الماشية، وإعداد الجبنة".

وتضيف: "نحن هنا لا نستريح، فالمرأة هنا آلة لا تهدأ بين تربية أطفالها، والأعمال المنزلية والزراعية".

أحيانًا يمكن أن يتخطى الأمر ذلك الحد، فقد شوهدت بعض النساء في مناطق بالأغوار الشمالية يسرحن بالماشية في مناطق قريبة من أماكن سكناهن.

يمكن مشاهدة نظام الحياة هذا متشابها في الأغوار الشمالية، للعائلات الفلسطينية التي تسكن في خيام منتشرة على سفوح الجبال في أخفض بقاع العالم.