تقرير: نديم علاوي

قرب مدخل بلدة العيسوية الغربي بالقدس المحتلة، ثمة موجة صقيع شتوية، و17 شخصًا يرتجفون قرب بناية المقدسي علي عليان.. بعضهم من الأطفال والنسوة تَحلقَ حول موقد نار، فيما انشغل آخرون بتفرغ بنايتهم من أمتعة ومقتنيات. ملابس، وأسِرة، وأجهزة كهربائية، ومقاعد، ولوحات حائط، وكراريس وحقائب مدرسية، وغيرها.

هذا ما بثه شبان من العيسوية من صور وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يساندون عائلة عليان لأكثر من 10 ساعات متواصلة في افراغ شققهم السكنية من امتعة وأثاث ونوافذ، بعد أن أبلغت مخابرات الاحتلال الإسرائيلي فادي عليان الذي يعمل مسؤولا للحراسة الصباحية في المسجد الأقصى المبارك، بهدم بناية عائلته صبيحة اليوم التالي.

على الساعة الثامنة صباحا، حاصرت قوات الاحتلال المؤللة بالجرافات والجيبات العسكرية البناية السكنية قبل أن تبدأ بهدمها وتسوي أنقاضها بالأرض.

17 فردًا من عائلة عليان ممن كانوا يقطنون في أربع شقق سكنية، وفي لحظة غادرة، باتو مشردين في العراء.

تحت وطأة البنادق والهراوات التي تسلح بها جنود وشرطة الاحتلال وقف الأشقاء فادي ومراد وأمجد ووالدهم علي (74 عاما) مكبلي الأيدي ومعدومي الحيلة.

الأم المكلومة سميحة عليان (64 عاما) التي غرقت في البكاء والعويل كانت تطلق صرخات متسائلة: أين سنعيش؟ أين العالم ليرى؟ واصفة ما حل بأبنائها واحفادها بـ"النكبة".

الوالد المسن علي عليان (74 عاما) الذي راقب هدم بناياتهم السكنية بصمت والتي عاش فيها مع أبنائه وأحفاده على مدار 10 سنوات وحاول خلالها ترخيصها حتى صدر قرار الهدم النهائي، قال: "ربما هدم الاحتلال حلمنا الذي بنيناه قبل 10 أعوام، لكنه لم يهدم عزيمتنا".

وأضاف في حديث مع "وفا"، أن قرار هدم بنايتهم السكنية قرار سياسي وكيدي، لأن ابنه فادي يعمل في المسجد الأقصى ويتصدى لاقتحامات المستوطنين اليومية للمصليات والباحات.

وأشار الى إن العائلة تفاجأت بأن مخابرات الاحتلال الإسرائيلي هي الجهة التي أبلغتهم بهدم البناية، بعد أن صورتها في وقت سابق البناية، دون تدخل من بلدية الاحتلال بالقدس التي هي الجهة الأولى المسؤولة عن عمليات الهدم بحجة عدم الترخيص.

وقال فادي عليان، إنهم ابلغوا رسميا بالهدم رغم تجميده ورغم وجود البناية المستهدفة ضمن الخارطة الهيكلية الجديدة لبلدة العيسوية.

وحذر أمين سر منطقة العيسوية التنظيمية ياسر درويش، من أن بلدية الاحتلال في القدس تعمل على إنشاء شارع يربط منطقة "التلة الفرنسية ببلدة العيسوية بمحاذاة بناية عليان التي هُدمت، وتنظيم خارطة هيكلية جديدة للبلدة، سيتم بموجبها هدم عشرات الأبنية في المنطقة.

وأوضح، أن سلطات الاحتلال أخطرت ما يقارب 50 منزلا بالعيسوية بهدمها منذ بداية العام الجاري، بحجة وجود مخالفات بناء وعدم حصول المباني على التراخيص اللازمة، والتي تتعدى قيمة مخالفة بعضها المليون شيقل.

وبحسب معطيات أصدرتها منظمة بيتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، فإن الاحتلال هدم منذ مطلع العام 2004 حتى نهاية العام الماضي 1097 منزلا في القدس الشرقية، فيما هدم المقدسيون ذاتيا قرابة 235 منزلا في نفس الفترة لتجنب غرامات باهظة جدا يفرضها الاحتلال عليهم بعد تنفيذ

عمليات الهدم بجرافاته، فيما هدم الاحتلال 458 مبنى ومنشأة غير سكنية في نفس الفترة.

وتشير ذات المعطيات إلى أنه منذ مطلع عام 2004 حتى نهاية العام الماضي شرد قرابة 3579 مقدسيا بعد هدم منازلهم.