تقرير: نديم علاوي

بينما كان سامر أبو جمعة، وسامي شماسنة، من الجمعية الفلسطينية لفنون الطهي يستعدان لإعداد واحدة من أكبر الوجبات الشعبية الفلسطينية، في محاولة لدخول موسوعة غينتس العالمية، جاءت جائحة كورونا، على حين غرة، لتبدد أحلامها في تقلد لقب يمنحهما ووطنهما فلسطين المجد والشهرة العالمية.

الجائحة التي ضربت أقدم مدن العالم/أريحا، وإحدى رموزها السياحية، في 22 من شباط/ فبراير 2020، عندما أعلن عن إصابة سياح كوريون بفيروس "كورونا" عقب زيارتهم مطعما في المدينة ومخالطتهم عدد من المواطنين، أصابت بوابة فلسطين الشرقية بالشلل التام، فيما وضعت قريناتها من المدن الفلسطينية السياحية الأخرى ايديها على القلب خشية من أن يطالها الوباء.

آنذاك، كان أبو جمعة وشماسنة قد أنهوا كافة التحضيرات لإطلاق فعاليات المهرجان اللذين كانا يشاركان في إقامته في فندق ومنتجع البيارة بأريحا لعدة أيام، ويتخلله اعداد طبق "المجدرة بالبرغل" بوزن 20 طنا وعلى مساحة 100 متر مربع وسط مدينة أريحا.

لقد فعلت جائحة كورونا التي بدأت باجتياح العالم، رويدا رويدا، فعلها في منع انطلاق فعاليات مهرجان الطهي الفلسطيني الدولي الأول "أرض كنعان" بمشاركة طهاة عالميين ومحليين، كما حالت دون تحقيق أبو جمعة، وشماسنة، من تحقيق حلمهما.

يقول أبو جمعة لـ"وفا": "كان وباء كورونا قد اقتصر على السياح الذين زاروا محافظات مختلفة في فلسطين، لكن سرعان ما انتشر بين أبناء شعبنا، قبل أن يتم الكشف لاحقا عن عشرات الإصابات، وإغلاق المناطق التي زارها السياح".

ويضيف "سيظل طبق (المجدرة) حاضرا كموروث شعبي فلسطيني، وستظل اريحا أم المدن التاريخية والسياحية في العالم رغم أنف كورونا الذي حتما سيزول، وسنقيم المهرجان الذي اجلنا اقامته إلى موعد لاحق حتى انتهاء الوباء".

تلك كانت أولى ضربات كورونا المستجد، للنشاط السياحي في أريحا، والتي باتت على شفا حالة من الانهيار بعد عام من انتشار الوباء في فلسطين، وتقييد حركة التنقل، لتفتقد أهم مصادر زرقها مع توقف السياحة الوافدة.

جائحة كورونا العالمية اصابت ملاكي وأصحاب المنتجعات والمتنزهات التي تعتمد على السياحة المحلية والوافدة في مدينة أريحا شرق الضفة الغربية، في مقتل،  وفي ذلك، يقول مدير وزارة السياحة والآثار في أريحا إياد حمدان لـ"وفا": مدينة أريحا التي تعتبر إحدى أركان المثلث السياحي في فلسطين، والتي تشكل ما نسبته 17-18% من الدخل السياحي كل عام، لم تتجاوز نسبة الدخل السياحي فيها الآن 2% بسبب كورونا.

ويضيف، خلال العام 2019 شهدت مدينة أريحا توافد حوالي مليون و700 ألف سائح، أكثر من نصفهم سياح محليين والباقيين سياحة وافدة أدت إلى زيادة عدد الغرف الفندقية حتى بدايات 2020، الى أن توقفت بشكل تدريجي منذ شهر آذار/ مارس من العام 2020 نظرا لانخفاض عدد الإصابات في كورونا مقارنة مع باقي محافظات الضفة الغربية.

ويتابع، أن هذا القطاع كان أكبر القطاعات وأكثرها تضررا في أريحا وعلى مستوى عموم فلسطين، والذي ارتبط مباشرة بتقييد حركة المواطنين، ومنع التجمع، موضحا أن الأعداد الضخمة من السياح خلال الأعوام التي سبقت كورونا، انقلبت بشكل ملموس خلال 2020، وصولا إلى الانقطاع خلال الثلاثة أشهر الأولى من كورونا.

ويبين، أن هناك أكثر من 110 مواقع أثرية وتاريخية ودينية وعشرات المتنزهات وأكثر من 20 منشاة فندقية ومحلات للتحف الشرقية، ومئات المواطنين الذين يعملون في هذا القطاع، خسروا عشرات ملايين الدولارات الخسائر، بعد أن تأثرت جميعها بكورونا وإغلاق قسم كبير منها، رغم أن هناك استراتيجية وخطة حكومة لدعم القطاع.

ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن كافة المحافظات الفلسطينية شهدت انخفاضاً في عدد الزيارات الوافدة خلال النصف الأول من العام الحالي بنسب تراوحت بين 60% في كل من محافظتي نابلس وأريحا والأغوار، و88% في محافظة رام الله والبيرة، فيما شهدت محافظة طولكرم ارتفاعاً بنسبة 17% مقارنة بذات الفترة من العام السابق.

وقدرت خسائر إيرادات السياحة الداخلية بما يقارب 1.15 مليار دولار أميركي، والتي تشمل السياحة الوافدة من الخارج والمحلية، بسبب االوباء.