فتح ميديا - لبنان

عضو المجلس الثوري لؤي عبده لمجلة القدس: إسرائيل ستعترف بالدولة الفلسطينية كما اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينيةوبعد سبتمبر لا لمفاوضات عبثية وعقيمة معها

حوار/ امل خليفة رام الله - فلسطين

خطاب سبتمبر استقطب الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية واعتبر كنقطة تحول في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية وكشف زيف الحجج  والتعنت الإسرائيليين، مثبتا نجاعة الدبلوماسية الفلسطينية، وفي ظل الربيع العربي الذي تشهده المنطقة العربية جاءت صفقة شاليط لتبادل الأسرى لتلقي بظلالها على الجمود والتباطؤ في تطبيق المصالحة الفلسطينية .... حول هذه القضايا وحول خيارات السلطة الوطنية الفلسطينية للتحرك في المرحلة المقبلة كان لنا هذا اللقاء مع عضو المجلس الثوري لحركة فتح ونائب مفوض الإعلام والثقافة  للحركة لؤي عبده. وما يلي نص المقابلة.

 

الأخ لؤي اليوم تخرج الدفعة الأولى من الأسرى المحررين ما تعليقكم على هذه الصفقة وكيف تصفونها؟

أنا كأسير محرر من السجون الاسرائيلية وقد أمضيت خمسة عشر عاما في الاعتقال، أقول إن صفقة تبادل الأسرى هذه لم تعبر عن الارادة الفلسطينية الحرة كما كنا سابقا نعمل في هذا المجال ولقد مضى أكثر من عشرات السنين على تبادل عمليات أسرى وهذه العملية ليست الأولى وليست الأخيرة وأعتقد أن هذه الصفقة لم تلب الحد الأدنى، ولكننا فرحون لإطلاق الأسرى، وأي أسير يتم اطلاق سراحه نكون سعداء جدا به لأنه باعتبار انتزاع لمناضل فلسطيني من الأسر وهذا بحد ذاته عمل نحن نحترمه ونقدره طالما أنه أعاد فلسطينيا واحدا الى الحرية.

 أما بخصوص الصفقة ومن حيث التوقيت والمفاجأة نعتقد بأن فيها من التنازل ما يترك التساؤل والشك في طبيعة ادارة هذه الأزمة علما أن المعلومات تقول بأن الشروط السابقة كانت أفضل بكثير مما كانت عليه في الوقت الحاضر وأخص بالتحديد النواة الصلبة التي كانت تستهدفها عملية التفاوض من أجل التبادل بين الجندي الاسرائيلي والاسرى  الفلسطينيين وتحديدا الاسرى القدامى والذين أمضوا أكثر من خمسة عشر عاما في السجون الاسرائيلية.  ولذلك نحن نرى أن هناك تنازلا في هذه الصفقة ناهيك عن ان الشروط ليست مضمونة فيما يخص الجزء الثاني من الصفقة حيث ترك لاسرائيل تحديد هوية الاسرى الذين سيتم الافراج عنهم وهنا خرق ونقطة ضعف للصفقة، أذكر أن عملية تبادل الاسرى التي تمت في العام 2004 والتي قام بها حزب الله مع اسرائيل الجزء الثاني تم التحكم به من قبل اسرائيل من حيث الاحكام ومن حيث العدد ومن حيث الحالات المرضية والاسرى والاسيرات القدامى وكان بالامكان أن يحصلوا على أكبر عدد ممكن من الأحكام العالية وأخص بالذكر المؤبدات والمرضى والاسيرات وكذلك الاسرى من الأطفال والفتيان وعددهم كبير داخل السجون الاسرائيلية. وأعتقد أن العامل السياسي الحزبي والفئوي في حركة حماس هو الذي ألقى بظله على تفكير صناع القرار في هذه الحركة، وهناك تجارب سابقة تمت ما بين منظمة التحرير واسرائيل بحيث كانت عمليات التبادل أكثر إحكاما وأكثر انجازا من حيث المضمون وفي النهاية فنحن سعداء باطلاق سراح الاسرى.

وأرى من الواضح تماما بأن لحركة حماس حسابات سياسية،  فعلى المستوى الأول نحن نعتقد بأن الحوار الأمريكي مع الأخوان المسلمين في العالم  سيفضي باتفاقيات قذرة،  وسيكون على حساب الشعوب وأخص بالتحديد بعد التجربة المصرية وما جرى من تغيرات سياسية باسقاط النظام السابق حيث فتحت قناة الحوار ما بين الاخوان المسلمين والولايات المتحدة الامريكية.  وبطبيعة الحال حماس جزء من الاخوان المسلمين وعلى ما يبدو بأن المعادلة بين الطرفين ستشمل أجزاء هنا وأجزاء هناك، ومن جانب آخر وهو هام جدا وهو يتعلق بحركة حماس، ففي الظروف الجديدة وخصوصا بعد الخطاب التاريخي الذي تقدم به الأخ الرئيس أبو مازن في الامم المتحدة واستقطابه كافة القوى حول القضية الفلسطينية، لذا سعت حماس لاعادة حضورها على الساحة من خلال هذه الخطوة. اضافة الى حاجة حماس لمقر جديد لها بعد أحداث سوريا فهي تسعى لنقل مكاتبها الى مصر أو الأردن فدخلت في اتفاق مع الأخوة المصريين للحصول على امتيازات لاحقة والأيام القادمة سوف تكشف ذلك. فحماس سلمت الجندي الاسرائيلي شاليط الذي ذهب أكثر من ألف وخمسماية شهيد فلسطيني ثمنا لاعتقاله، اضافة الى تدمير البنى التحتية والحصار المحكم على قطاع غزة.

 

 

الى أين وصلت جهود المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وما هي معيقات اتمام هذه المصالحة؟

نحن نتمنى أن تنعكس هذه الخطوة على مبدإ المصالحة لأن المصالحة هي أساس في رؤية وفلسفة حركة فتح في العمل الوطني فالوحدة الوطنية خط أحمر لا يمكن لأحد أن يتلاعب به، والكرة الآن في ملعب حماس للمضي قدما في  تطبيق الاتفاق، ولا نقبل نحن بأن يبقى الوضع على ما هو عليه في قطاع غزة، لأن معنى ذلك بقاء الوطن منقسما وهذا الوضع يخدم مصلحة الاحتلال الذي يستفيد من هذه الورقة ويتلاعب بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني من خلال الاختلال الحاصل بسيطرة حماس على القطاع. فالمصالحة لها أبعاد كثيرة وبالتحديد رفع الحصار المفروض على أهلنا في غزة، وفي توحيد القرار السياسي الفلسطيني ووحدة السلطة ومنظمة التحرير ووحدة التوجه والعمل الوطني بشكل عام. وبالتالي يجب عدم التأخر عن تطبيق المصالحة، واذا أرادت حركة حماس الان أن تعود للانفتاح على شعبنا وعلى المؤسسات الوطنية وعلى منظمة التحرير خصوصا، فلا بد لها من أن تتقدم خطوات حتى تصل الى المستوى المطلوب فلسطينيا. ولكن للأسف حماس تعودت على تكتيك المماطلة والتسويف والتلاعب والتهرب والقاء اللوم على الاخرين، ويفترض بحركة حماس أن تفهم  بأن المطلوب منها أن تعود الى السرب وأن لا تغرد في الخارج، فلقد تعلمنا على الساحة الفلسطينية تاريخيا بأن كل الذين غرّدوا خارج السرب وكل من خرجوا عن الاجماع الوطني سقطوا، فليس من الحكمة وليس من الصواب بأن تبقي حماس قطاع غزة كرهينة لديها. وعلى حماس البدء في الخطوات للعودة لأنها هي التي بدأت بالانقسام والخروج على الشرعية الفلسطينية وعليها البدء بتطبيق الخطوات التي تم الاتفاق عليها ليصبح قرار المصالحة حقيقة على الأرض وأن تبدي الجدية في ذلك.

فعلى قيادة حماس في غزة أن تحتكم الى لغة العقل وأن تغلّب المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني على مصلحتها الحزبية وأن تبتعد عن الفئوية في العمل الوطني وعليهم أن يعلموا بأن سقف سبتمبر هو الحد الأعلى الان في هذه المرحلة، فلا بد من عودة اللاجئين واقامة الدولة بعاصمتها القدس.

 

هناك مطالبات من قبل حركة فتح بضرورة التغيير الوزاري لحكومة سلام فياض التي هي بحكم المستقيلة خصوصا مع تعطيل عمل المجلس التشريعي في ظل الانقسام الى متى سيظل هذا الجمود الداخلي؟

ليس من مصلحة السلطة الوطنية الفلسطينية ولا الشعب الفلسطيني أن تتعطل الحياة البرلمانية والحياة العامة ولا بد أن تعود الأمور الى ما كانت عليه قبل الانقسام ونحن على استعداد لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية اذا ما توافرت النية الصادقة والظروف المناسبة لهذه العملية فلا يجوز أن تجرى الانتخابات في الضفة الغربية وتترك في غزة لأن ذلك يعزز الانقسام ويكرس حالة الحكومتين والبرلمانين وهذا خطأ استراتيجي يجب عدم الوقوع فيه. فحركة فتح تسعى الى وحدة الأرض والشعب والمؤسسة ونحن نريد أن نخوض انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية نحتكم فيها الى صندوق الانتخابات والى ارادة الشعب الفلسطيني لأختيار ممثليه وقيادته للمرحلة القادمة. وهذا الأمر لم يعد خافيا على أحد ففتح والسيد الرئيس أعلنا عن ذلك صراحة وفي كل المناسبات، والأخ الرئيس هو أكثر شخص معني بالمصالحة لأن المصالحة هي بوابة الامان للشعب الفلسطيني وصمام الامان للوحدة الفلسطينية.

 

ما هي تداعيات خطاب الرئيس في سبتمبر الماضي في الأمم المتحدة؟

خطاب سبتمبر فتح افاقا جديدة لنا كسلطة وشعب فهذا الخطاب التاريخي للرئيس كان جامعا ومستقطبا لمعظم القوى العالمية والمحبة للسلام ولكل المجتمع الدولي وهذا انعكس ايجابيا على الشعب الفلسطيني وعلى القضية الفلسطينية، فسبتمبر انجز لنا ما لم تنجزه كل الشعارات والدعايات الكاذبة من هنا ومن هناك. فعلى جميع القوى السياسية الفلسطينية  من أحزاب وفصائل ومؤسسات ومستقلين العمل ضمن مفهوم خطاب سبتمبر الذي أعاد القضية الفلسطينية للواجهة، ومواصلة الجهد والعمل ومواصلة المشوار لانتزاع هذا الاعتراف بعضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، لأن هذا خلق تحولا استراتيجيا في الصراع وفي الهوية الفلسطينية بمعنى أن الاعتراف هو وجود دولة مقابل دولة وأن اسرائيل تحتل دولة أخرى وليس أراضي متنازعا عليها. ومن لا يعي هذه المعادلة لا يعرف ولا يفقه في السياسة، فبعد كل هذه السنين مللنا من اللعبة الحزبية والفئوية فمصلحة الشعب الان هي كيفية البناء على خطاب سبتمبر، وعكس ذلك هو الابتعاد عن طريق الدولة، لذا على حماس أن تعي ذلك واتفاق المصالحة ينص على مرحلة انتقالية لمدة عام يتم بعدها اجراء انتخابات ديمقراطية ونزيهة وفي كل أرجاء الوطن من القدس إلى الضفة والقطاع.

 

أين أصبح مشروع الدولة الفلسطينية على الخارطة السياسية وما تأثير الربيع العربي علينا؟

نحن الآن على الرغم مما يجري في الوطن العربي من حركات وانتفاضات شعبية عدنا إلى رأس الأجندة في الوطن العربي وفي العالم، وأصبح اليوم الموضوع الفلسطيني في مكانه الصحيح، وما علينا سوى أن نقف وان تعود الجماهير العربية لرفع اسم وعلم فلسطين والأقصى شعارا لها، لا يمكن لأحد تجاوز النضال من اجل إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية وعودة اللاجئين وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وأثبتت الأيام بأن الثورات القائمة لا يمكن أن تتجاهل الثورة الفلسطينية، لان فلسطين وباختصار هي أم الثورات سواء في الوطن العربي أو حتى كآخر حالة احتلال في العالم، والثورة الفلسطينية تحمل راية التحرر كآخر حركة تحرر في العالم.

من هنا اعتقد أن فلسطين عادت إلى الخارطة العربية والعالمية بسياسة دبلوماسية مميزة اعتمدت على التراكم وعلى الانفتاح واللقاء المباشر مع زعماء العالم والإقناع، بالتالي هذه الفرصة هي التي أسقطت نتنياهو واليمين في إسرائيل، ما ترك بصمة على كل خارطة العالم وأهمها الخارطة العربية والخارطة الإسرائيلية، فالصراع في إسرائيل هو صراع يميني يميني من اجل السيطرة على الحكم في دولة إسرائيل، بالتالي أدرك الإسرائيليون أن الفلسطيني موجود ومعه العالم كله، وان فلسطين كقضية لم تحل وان الصراع ما زال موجودا ولم يحل. هكذا، تأكد للعالم العربي بأنه لا بد من العودة إلى مساندة الشعب الفلسطيني ونضاله من اجل الحرية وتقرير المصير. ومن جهة أخرى فإن الرئيس أبو مازن فرض احترامه على الجميع وعلى الجميع الالتفاف حول الرئيس للمساندة والدعم من اجل إنجاح إقامة الدولة الفلسطينية، وتمكن فعلا من إقناع العالم أَن حل الدولتين هو الحل الأفضل لإنهاء النزاع في المنطقة، وبإدراكه لمصالح العالم في المنطقة تمكن من الاختراق الواضح بين ما سمي بدول ممانعة ودول استسلام. والحقيقة هي إن فلسطين ليست طرفا مع أي كان وليست طرفا للنزاع ضد ومع، ففلسطين هي قضية عادلة يمكن للجميع التقاطع معها ودعمها وتأييدها ودون شروط ودون ابتزاز أو إملاءات، واخص بالتحديد أن الرئيس أبو مازن بنضاله الدبلوماسي استطاع أن يكشف السياسات الإسرائيلية من احتلال وقتل وحواجز وقمع، واثبت للعالم أن قضية فلسطين هي قضية سياسية من الدرجة الأولى وليست قضية مطلبيه فحسب، وان السلطة الوطنية لا يمكن أن تكون سوى مرحلة انتقالية لبناء دولة فلسطينية. هكذا اتفقنا وهكذا سنستمر، ونحن اقرب إلى الدولة من أي وقت مضى وعلينا أن نكمل المشوار مهما كانت العقبات التي يمكن  أن تقف في طريقنا.

 

ما هي الخيارات المتبقية أمام القيادة الفلسطينية في حال استجمعنا الأصوات المطلوبة واستخدمت أمريكا حق النقض الفيتو؟

نحن لا نتمنى هذا القرار، ولكن حتى لو استخدمت أمريكا حق النقض الفيتو، فإنها ستخسر مصداقيتها في المنطقة، ولانها بموقفها هذا تعني الانحياز المطلق لصالح الاحتلال الإسرائيلي طالما أن الإدارة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس اوباما والذي وعد بأن يرى عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وهو الذي وعد بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وهو الذي وعد  بأن حل الدولتين هو الحل الأفضل وهو الذي قال في كافة مناسباته السياسية والإعلامية والمؤتمرات انه يعترف بأن الشعب الفلسطيني يعاني وعانى بما فيه الكفاية ويجب إنهاء الاحتلال، من هنا اذا قامت أمريكا باستخدام الفيتو لمنع الاعتراف بدولة فلسطينية فهي تضرب بعرض الحائط مصداقيتها أولا وثانيا لا تعترف بالقانون الدولي الذي أجاز قيام دولة فلسطينية وأخيرا سوف تخسر أمريكا الثقة الفلسطينية بأن تكون الراعي النزيه لعملية السلام في المنطقة، وتصبح العائق الرئيسي مع إسرائيل أمام حل الدولتين وإقامة السلام العادل في المنطقة، والعالم بغالبيته يؤيد إقامة الدولة الفلسطينية وحل الدولتين وإنهاء الصراع سواء في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية أو في الأراضي المحتلة عام 1967.

 

في ظل هذه المعطيات ما إمكانية العودة إلى الحل التفاوضي خصوصاً وان إسرائيل لم تتوقف عن بناء المستوطنات؟

بعد سبتمبر لن نفاوض إسرائيل على الأرضية نفسها، فهم يتنكرون للحقوق الوطنية الفلسطينية ويمضون قدما بتهويد الأرض والقدس ويبنون المستوطنات، ويضربون بعرض الحائط كل الاتفاقات وتجربة العشرين عاما من المفاوضات، فالمفاوضات من هذا المنطلق مع إسرائيل تكون عقيمة ودون جدوى وعبثية، المفاوضات المطلوبة هي من دولة لدولة، وهذا يعني انه على إسرائيل أن توقف الاستيطان وتهويد القدس وعزلها وتوقف كافة سياساتها الاحتلالية وان تعترف بأن الحل يجب أن يقوم على أساس الأرض المحتلة عام 67 وإقامة الدولة الفلسطينية وعلى إسرائيل أن تعترف بالدولة تماما كما اعترفت بمنظمة التحرير بعد عشرين عاما من محاولاتها لمنع العالم الاعتراف بها، لو استطاعت إسرائيل أن تمنع العالم من الاعتراف بدولة فلسطين لقامت بذلك، لذا أنا أقول أن إسرائيل ستعترف بالدولة الفلسطينية كما اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية.